الرجل المحب، والمرأة الحُرة، أمران لا يجتمعان، حتى فى الحكايات الخيالية، وأحلام المحال.
 
وكلما زاد نصيب المرأة من الحرية؛ أسرعت خطوات الرجل فى الهروب منها، وكأنها «فيروس» خطير، أشد فتكًا من فيروس «كورونا». 
 
إن العجز الحقيقى للرجل ليس فى نقصان القدرة الجنسية، ولكن فى عدم القدرة على حب امرأة حُرة التفكير، والإدارة والمصير، وفى العجز عن إقامة علاقة مع امرأة ندّ له، أو تفوقه. 
 
إنه عجزٌ تتوارثه الأجيال المتعاقبة من الرجال؛ ليصبح مثل «الجينات»، وأصبح مرادفًا لمعنى «الرجولة». فالرجل الحق هو الذى يرَى المرأة الحُرة «زائدة» وجودية من الواجب استئصالها، و«الرجولة» الكاملة هى النفور من النساء الأحرار، والتنديد بهن، ومحاصرتهن بالشكوك والاتهامات. 
 
قد يحدث فى بعض الأحيان،  أن تتحرك مشاعر الرجل لامرأة لا تخضع له فى الفلوس أو الرأى، ولكنه حين يقرر أن يكمل نصف دينه، يذهب إلى امرأة له عليها الكلمة العليا، سواء فى الفلوس أو الرأى، ويستحسن بالطبع خضوعها فى الاثنين. 
 
لا يستطيع الرجل أن يتصور كيف يكمل نصف دينه مع امرأة غير قابلة للطاعة، أو كيف يواجه على المَلأ مجتمع الرجال بامرأة،  ضد مجتمع الرجال. 
 
إن تعريف الزواج للرجل، هو كيف يعثر على امرأة «مُريحة»، لا تثير تساؤلات أو مشاكل، امرأة مغمضة العينين، ومغمضة الكرامة، ومغمضة الوعى، ومغمضة الجسد.  يعيش الرجل فى خدعة مستمرة، تترسخ كل يوم، أن المرأة الحُرة، شر لا بُدَّ من تجنبه، أو «وجع دماغ» لا داعى له.. لا أحد يكشف له الخدعة، أن المرأة الحُرة هى خير. كونها «حُرة»، فهى لا تكذب، ولا تخون، ولا تعيش حياة مزدوجة، ولا تغش، وقادرة على تحمل مسئولياتها، واضحة لا تتحايل، ولا ترتدى الأقنعة، ولا تشتغل من خلف الكواليس. 
 
قد يغفر الرجل للمرأة الخيانة، والذهاب إلى رجل آخر (الطامة الكبرى فى عُرف الأخلاق الذكورية)؛ لكنه لا يغفر لها الذهابَ إلى مخدع «الحُرية». فالحُرية للمرأة، هى «العشيق»، الذى لا يحتمله الرجال، وهى الخطيئة، غير القابلة للغفران. استثناء هى المرأة، التى تدفع فى كبرياء وشموخ ضريبة الحرية، وتتحمل البقاءَ فى عالم يكرهها، مَهما ادّعَى غير ذلك. ماذا ينفع المرأة،  لو ربحت «رجلًا» يموت،  وخسرت الحرية، أبدًا لها الدوام،  والخلود. إن المجتمعات الحُرة، هى نتاج نساء أحرار، ورجال أحرار. 
 
معادلة بسيطة، لكن تحققها أشبه بالمحال. 
 
 من واحة أشعارى:
 
 يا حبيب ليلة الأحد
 
كيف عرفت مكانى وعنوانى
 
إنى امرأة تشتهى الغموض
 
لا يتعرّف عليها أحد
 
أكنت السر
 
الذى يشبهنى
 
تدفق من عمق السكون
 
 أمْ كنتَ وهجًا  
 
بعضه نور ..
 
 بعضه جنون 
 
ولدت معك ليلة الأحد
 
 عصفورة حُرة تغرّد وتطير
 
فى الهواء على الشجر
 
روح مطمئنة بلا جسد.

نقلا عن روزاليوسف