كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
كل يوم تطالعنا الصحف وبرامج اللطم الليلية أخبار تشير إلى حالة من التراجع القيمي والأخلاقي لدى أجيالنا الطالعة في مدارس المحروسة ونواديها بل وفي بيوتنا ، و لكن ونحن نتباكي على الحالة السيئة التي باتت عليها  العلاقة بين الأب وإبنه وبين المدرس والطالب والمدرب واللاعب نتغافل عن الإشارة إلى بعض النماذج السلبية لدور الكبار في حياتنا .. وإليكم بعض عناوين أخبار صفحات الحوادث في شأن العلاقات التربوية البشعة ــ على سبيل المثال ــ للأسف من الجانبين ..
 
تُباشر النيابة التحقيق مع المتهم بتعذيب رضيعه حتى الموت ،واستمعت لأقوال جد الرضيع الذي قال إن ابنه داوم على تعذيب طفله البالغ من العمر ٣ سنوات، ووصل به الأمر إلى تعليقه في المروحة وأشار جد الطفل إلى تعرض الرضيع إلى أقسى أنواع التعذيب لدرجة وضع جسمه في مياه باردة عاريا، واتهم نجله بقتل حفيده.
 
صرح مصدر بمديرية التربية والتعليم بمحافظة بورسعيد ، إن مدرس رياضيات ضرب طالبة بالمرحلة الثانوية بمدرسة بورفؤاد الثانوية التجارية بـ"الشالوت" داخل المدرسة ، ووأوضح المصدر أن المديرية تلقت شكوى من ولي أمر الطالبة "ر.م.م"، طالبة بالصف الأول الثانوي تفيد قيام "أ.ج"، مدرس رياضيات، بالتعدي على نجلته بالضرب والركل بالأقدام.
 
تشهد فصول التجارة بمجمع مدارس المريس التعليمي، غرب الأقصر، حالة غضب من المعلمين، بعد إنهاء خصومة بين طالب  تهجم على مدرس بسكين وبصحبته والده ، وقرار عودته للمدرسة مرة أخرى بعد سحب ملفاته من قبل ولي أمره أثناء المشاجرة.
 
وكل يوم أخبار تحمل لنا عناوين علاقات الفشل الإنساني في التزام أُطر التعامل المحترم للأسف ، وإلى كل من يتصورون إننا " طالعين في المقدر جديد " وهو مثل شعبي يشير إلى الظواهر التي تجد على مجتمعاتنا ، أحب أطلعهم على سطور من كتاب " دراسات في الأخلاق لتربية الصبيان " ومؤلفه " يعقوب فام " والذي صدر في يونية عام   1931لتتأكد عزيزي القارئ أنها معاناة قديمة ، هل لأننا شعب متدين بطبعه ؟ !!!! 
 
وأترككم قارئ موقعنا الرائد مع بعض ما جاء  في مقدمة الكتاب " قد نكون ظلمنا مدارسنا إذ رميناها بالفشل في التربية الخلقية لأن الفشل والنجاح إنما يكونان نتيجة السعي والمحاولة ، أما مدارسنا فهي في شغل شاغل عن الأخلاق ، ولا تكاد تشعر أن من شأنها العناية لها إلا في دائرة ضيقة ضعيفة الأثر ، ذلك أن لها غاية أخرى لا تتصل بالحياة أو السلوك في شيء ، ولها مقياساً آخر للنجاح والفشل في مهمتها ، هذه الغاية هي ملء أذهان التلاميذ بشتى أنواع المعلومات حتى يمكنهم إفراغها في ورقة الامتحان ، وهذا المقياس الذي تُقاس به صلاحية المدرسة هو " النتائج " ! وليس مما يؤثر في النتائج تأثيراً ظاهراً أن تهتم تلك المؤسسات بالوسائل التي تربي في التلاميذ الشجاعة والرجولة ، والاعتماد على النفس ، والإخلاص للعمل ، والتواضع ، والإيثار ، والتضحية في سبيل الصالح العام ، وما إلى ذلك من الفضائل التي يفتقر إليها المجتمع المصري أيما افتقار ، لذلك كان كل ما تعني به المدرسة من أخلاق تلاميذها يتلخص في كلمتين ، وهما " حفظ النظام " وليس النظام شيئاً سوى المظاهر الخارجية للسلوك ، فللمدرسة قوانين معروفة ، وعلى التلميذ أن يخضع لهذه القوانين طوعاً أو كرهاً ، ومتى خضع التلاميذ لها فكل شيء طيب ، مادام التلميذ لا يتغيب عن الحصص ، ولا يتكلم مع جاره في أثناء الدرس ، ولا يعصى أوامر معلمه ، ولا يضرب من هم أصغر منه سناً ، ولا يحدث ضوضاء في أثناء فسحته ، فهو حسن الأخلاق ، أما إذا حدثته نفسه باقتراف جرم من هذه الجرائم ، فهناك سلطة المدرسة وسطوتها لردعه ، هناك العصا ، والحبس والطرد من المدرسة ، وغير ذلك من الوسائل الكفيلة بكسر إرادته ، ورده إلى الصواب، وإذا ناقشت المعلمين في هذه الطرق ، بادروا إلى تعزيزها بحجج مألوفة ، فالعقاب يحدث في نفس التلميذ ألماً يرتبط بالجرم فيمنع التلميذ عن تكراره وتمرين الطفل على النظام والطاعة الخ ـ سواء أكان بالرياضة والاقتناع أم بالقهر والاضطرار ـ يغرس في نفسه عادات صالحة ، تنفعه في مستقبل حياته " .