بقلم جورج حبيب   ( سيدني-استراليا )
 منذ فترة لم اقابل صديقي-ووجدته يطلبني لكي نتقابل-وعلي الفور رحبت بذلك اذ لي مدة طويلة لم اراه-واعتقد ان ظروف الكورونا قد حالت بيني وبينه من حيث اللقاء-حتي جاء عيد الميلاد المجيد -وكان لنا عادة ان نتزاور-ونتذوق ما تم اعداده من الكعك والبسكويت-ونتناقش  معا في المعاني الروحية للعيد وكيفية الاستفادة منها
 
ولكن نظرا لظروف الكورونا لم استطع زيارته-واقترح ان نتقابل لناخذ قهوة معا -وعلي التو وافقت
 
وذهبت في الميعاد وقابلته بحرارة اذ لنا مدة ولم نتقابل-ووجدته وقد جلس واحضر بيده مظروفا-ووضعه علي المنضدة-ووجدته وقد فاجاني-هل الانسان يموت اكثر من مرة خلال حياته علي الارض ؟
 
ولكني وقد فوجئت بسؤاله لم استطع الاجابه -لذا استطردت قائلا ماذا تقصد ؟
 
ووجدته يفتح المظروف ويخرج مجموعة من الصور وابتدا يريني اياها-وكان الصورة الاولي لطفل عمره حوالي 3 سنوات -وسالني من هذا ؟
واخذت ادقق في الصورة ولكني لم استطع ان احدد لمن تكون
 
واخرج صورة اخري لصبي عمره حوالي 12 سنة -وطلب مني نفس الشيئ ولكن كذلك لم استطع ان اتعرف عليه
 
وفي المرة الثالثة اراني صورة لشاب في العشرين وقد امتلئ نضارة وحيوية وشباب بشعره الاسود الداكن وعضلاته المفتولة وقميصة المفتوح الازرار-ووجدت فيه بقايا شبه من صديقي-وقلت له وانا غير واثق انه قد يشبهك وانت في سن الشباب -ولكني لست متاكدا اذا كنت انت هو ام لا
 
  واجابني والحسرة تمليء عينيه-وما رايك في هذه الصورة الاخيرة-وكانت لصديقي منذ حوالي سنة وبعد ان تعدي الستين-واذا الملامح وقد تبدلت-فضاع بريق العينين-وشعر الراس لم يبق منه الا قليلا من الجانبين وقد كساه اللون الابيض-ولم تعد العضلات ظاهرة-كما ان النظارة الطبية اخذت مساحة كبيرة من الوجه
 
وبعد ذلك سالني اادركت الان معني سؤالي في ان الانسان يموت اكثر من مرة علي الارض 
 
  قلت ماذا تقصد ؟ قال ياعزيزي الامر واضح-ان صورة الطفل ذو الثلاث سنوات ليست لها اية علاقة بصورة الصبي ذو الثانية عشرة -وكأن طفل الثلاث سنوات مات بالنسبة لصبي الثانية عشرة-وايضا الشاب ذو العشرين مات الصبي ذو الثانية عشرة بالنسبة له-وايضا انا بعد الستين مات كل هؤلاء الثلاثة بالنسبة لي-ولا علاقة لي باي منهم
 
 قلت ياعزيزي هذا امر طبيعي بالنسبة للحياة علي الارض -فلا شيء يبقي علي حاله والكل يعتريه التغير-ودوام الحال من المحال
ولكن ما نخاف منه ليس هذا الموت الذي ذكرته لي بمراحله-لكن الخوف هو من الموت الابدي-بعد القيامة العامة اذا كانت اعمالنا شريرة وواصلنا الشر وحتي انتهاء حياتنا علي الارض
 
 والمفرح اننا في القيامة العامة سناخذ جسدا ممجدا لا يعتريه تغير وعجز كما شرحت لي من خلال الصور للاربع مراحل-والقديس بولس اكد هذا في رسالته الاولي الي كورنثوس ( لان هذا الفاسد لابد ان يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت 1كو15 : 53 )
 
وكذلك الموت سينتهي الي الابد ولا يوجد فيما بعد ( رؤ 21 : 4 )
  وهكذا يا صديقي ليتك تنسي هذه الحسرة وهذه التغيرات التي حدثت لشخصك خلال الاربع مراحل -وتتطلع الي ذلك المجد الابدي والجسد الممجد الذي لا يؤثر فيه زمن ولا يعتريه تغير-والموت لا يوجد فيما بعد-
  وهكذا انفكت اسارير صديقي ووضع الصور في المظروف واغلقه بعد ان اعتلته ابتسامة عريضة