اعداد:  نبيل صموئيل
- مقال سعدت بإعداده وبالمشاركه به مع المجلس العربي للطفوله والتنميه -
 
ما أحوجنا هذه الايام الي تبني ونشر وتفعيل ثقافه التسامح في عصر تزداد فيه التوترات والتعصب والتطرف ونفي الآخر المختلف، والذي ربما يقودالي العداوه ورفض الآخرين المختلفين وربما يصل الأمر الي القتل والذبح، فثقافه التسامح هي الثقافه التي تضبط علاقة الإنسان بعقائده وأفكاره، بحيث لا تصل الي مستوي التعصب الأعمي الذي ربما يقود صاحبه نحو إيذاء المختلفين معه الي ممارسه العنف ضدهم وقد يصل الي المعاداه والتدمير وعاده يتم ذلك بإسم القيم. 
 
وقد أصبح التسامح اليوم ليس محورا من محاور المدينة الفاضلة التي كان يحلم الناس قديما، فقد أصبح ضرورة إنسانيه واجتماعية وسياسية وثقافيه، حتي يستطيع الفرد أن يقف أمام أي عدو يستهدف الفرد أو وطنه أو ثقافته.
 
وقيمه التسامح عابره لكل الاختلافات بين البشر دينيه ومذهبية، وإختلاف النوع
 
الاجتماعي، وإختلافات ذوي الإعاقه والإختلافات الإجتماعيه والثقافيه والإقتصاديه والسياسيه فلايمكن التمييز بين هذه الإختلافات فكلها تستدعي التسامح كقيمه إنسانيه عابره لكل هذه الإختلافات.
 
ويُعد التسامح أحد القيم الإنسانية الهامه، ويُعرف بأنه الانفتاح على التنوُّع، والتعدُّد بمختلف أشكاله، ويرتبط التسامح باستعداد الفرد لقبول معتقدات وممارسات وعادات  تختلف عما يعتقده ويمارسه ويحيا به، ومع الإعتراف والقبول بحقوق كل الافراد والجماعات التي لديها أفكار وآراء ومواقف ومعتقدات وممارسات مختلفه، والإقرار بالمساواه بين الاطراف كافه، وهو ما يعاون علي إرساء قيم السلام والعداله بين الجميع. لذا لا بد من الإهتمام بدور العقل والفكر والعمل معا لتحقيق السلام العادل من خلال ابراز قيمه التسامح وبناء حواراً فعالاً مؤسساً علي إحترام الإختلاف والتنوع بين البشر وعلي جوانب حياتنا المختلفه، في الاسره والمدرسه والمجتمع والدوله ككل.
 
ويمكننا أن نُعطي للتسامح تعريفاً شاملاً (منقول) بأنه: 
"التأكيد الواعي على الأحكام، والمُعتقَدات التي تنطوي على مبادئ العدالة، والمساواة والرعايه، والنظر في محنة الآخرين، أي تقديم الاحترام والمساواه للذين يختلفون في خصائصهم العرقيه والدينيه والجنسيه وغيرها"
 
ويحمل تعريف التسامح بمختلف أشكاله أساسيّات مشتركة لقبول تنوعنا البشري الخلاق الذي خلقنا عليه، وإختلاف الآخرين وإتخاذ موقفا عادلا وموضوعيا تجاه الأشخاص الذين يختلفون عنا في مختلف الجوانب ورفض التعصب بمختلف أشكاله

المبادئ الجوهريه لقيمه التسامح:
الحُكم بموضوعيّة: 
فالكثير من الناس يُطلقونَ الأحكام الناقدة على الآخرين بغير موضوعيه، أو دون التفكير المُسبق في تلكَ الأحكام ولهذا ينبغي أن يحاول الشخص تفهم الآخرين بشكل غير إنحيازي أو تعصُّبي. 
 
العقلانيّة: 
قد لا يقتنع شخص ما بوجهة نظر الآخرين الذين يختلفون عنه، ممّا يبرّر له 
معارضتهم، بشرط ألّا تكون هذه المعارضة محرضه علي الكراهيه. 
 
التسامح قناعة داخليه: 
قد يظهر البعض تسامحهم تجاه الآخرين عن غير قناعة إذ أنهم قد يتسامحون معهم لأنّ الآخرين في موضع قوّة لايمكن معارضتهم، أو تجنُّباً للمشاكل، أو رغبةً بأن يُقال عنه شخص أنه متسامح، فذلك لا يُعتبر شخصاً متسامحاً، فالتسامح الحقيقي هو قناعه داخليه شخصيه بضرورة عدم التصرُّف بناءً على معارضته آراءَ الآخرين. 
 
أهمية ثقافه التسامح:
لنشر ثقافه التسامح أثر طيّب في حياة المجتمعات، فالمواطنين الذينَ يسلكون بقمه التسامح تجاه الآخرين المختلفين في مجتمعاتهم يعاون ذلك علي نشر الود والتعاطف والسلام في المجتمع. ويدفع ويشجع المواطنين علي الإستعداد للمشاركة مع الآخرين حتي مع تنوعهم وإختلافاتهم، ومما يعضد من قوه وتماسك هذه المجتمعات.
 
وإنتشار ثقافه التسامح والمبنيه علي العقلانيه لدي الاشخاص، ويزيد ذلك من قدرتهم  على رؤية الآخرين الذين يختلفون عنهم على أنّهم شركاء الوطن. وكما يُوجِد التسامح بيئة تجذب المواهب والقدرات جميعها وبالتالي فإن التنوع سيجد مكانا كبيرا في تلك الشعوب، ممّا يساهم في التقدُّم والابتكار، والنموّ الاقتصاديّ.
 
 ولنشر ثقافه التسامح في المجتمعات أهميّة كبيرة في حفظ حقوق الإنسان، وتحقيق السلام والديمقراطيّة، والحدّ من العنف، والنزاعات والحروب. 
ونظراً لأهميّة نشر ثقافه التسامح فقد أصبحت هناك ضروره قصوي لتنشئة الأطفال ليتعلموا ويمارسوا التسامح منذ سنواتهم الأولي، إذ يبدأ إكتساب الطفل لصفاته الأخلاقيّة من الوالدين في المنزل، فإذا كانَ الوالدان  مع الآخرين في حاله تسامح فإنّ الطفل سيكون انعكاساً لما يراه في المنزل، وهو ما يتطلب الحذر من إستخدام العبارات السلبيه والعُنصريّة أمامَ الطفل.
 
وكما من الأهمية بمكان تعليم الطفل ثقافات الآخرين وافكارهم ودفعه الي مشاركه الأنشطه مع الأصدقاء الذين يختلفون عنه، فالطفل عندما يكون منفتحا علي الثقافات والأشخاص وأفكارهم وتشجيعه للمشاركه معهم مع الاصدقاء اللذين يختلفون عنه سيكون من السهل عليه قبول اختلاف الآخرين عندما يكبر.
 
وللمدرسة دور كبير في توعية الأطفال بضرورة احترام الآخرين، وإعداد برامج تعليميّة توعويّة عن التسامح، ولزيادة الاندماج بينَ الأطفال على اختلافهم، وذلك من خلال ادوات وآليات عمليه في ممارسه الرياضه والفنون ومن خلال الرحلات والبرامج المشتركه الصيفيّة وغيرها. 
 
ويلعب الإعلام دورا هاما في نشر ثقافه التسامح وذلك بإيصال صوره غير متعصبه عن الاشخاص والفئات المختلفه في المجتمع مما يعاون علي نشر ثقافه التسامح وذلك مع ضروره إنتباه الاهل للمحتوى الإعلامي الذي يشاهده أطفالهم.