سحر الجعارة
الفنانة «رانيا يوسف» فى قفص الاتهام، والسبب الرئيسى الحديث عن «بروز مؤخرتها».. وهو ما جلب لها اتهامات بارتكاب جريمة الفعل العلنى الفاضح والإفساد وازدراء الأديان، ونشر بيانات كاذبة بعد تصريحات أدلت بها فى لقاء تليفزيونى مع المذيع نزار الفارس، فى برنامج «مع الفارس» الذى أذيع عبر شاشة قناة الرشيد!.

تحدثت «رانيا» فى اللقاء بشكل رآه البعض غير لائق، بعدما تطرق الحديث إلى جسدها، واستعانت بآية قرآنية فى غير محلها أثناء الحديث، وهو ما تسبب فى جدل واسع مع عرض البرنامج، دفعها إلى الخروج والحديث عن استغلالها من قبل المذيع العراقى، بعدما قالت إنه نصب لها «كميناً».

وحاولت «رانيا» أن تدافع عن استخدامها للآية القرآنية فى اللقاء التليفزيونى، موضحة أن البعض أساء فهم ما كانت تريد إيصاله.. لكن الناس بطبيعتها شديدة الحساسية فيما يرتبط بالآيات القرآنية.. لا يتقبلون «زلة لسان» أو هفوة غير مقصودة.. ولا يعلم أحدهم أن النجم -خلال التصوير- يكون تحت ضغط شديد خوفاً على صورته وهرباً من محاصرة المذيع له بالأسئلة.. أتصور أنه كان واجباً على «رانيا» أن تعتذر بشكل واضح فى بيان صحفى عما صدر منها، حتى لا تقع فريسة لدعاوى الحسبة!. إنها الآن خاضعة للمادة 98 من قانون العقوبات، والمعروفة بمادة ازدراء الأديان، وعقوبتها هى (الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، ولا تتجاوز 5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تتجاوز ألف جنيه لكل من استغل الدين فى الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأى وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو التحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الضرر بالوحدة الوطنية أو بالسلم الاجتماعى). وقد كتبت كثيراً عن أن هذه المادة معيبة لأنها تتعارض مع دستور البلاد.. فالمادة «٦٥» من الدستور تنص على أن (حرية الفكر والرأى مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر).. ولدينا هيئة قضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية فى مصر وهى المحكمة الدستورية العليا، ومهمتها مراقبة تطابق القوانين مع مواد الدستور، فهى تقوم بإلغاء القوانين التى تخالف نصوص ومواد الدستور المصرى.

وقد ناشدت مجلس النواب الجديد، قبل أن يبدأ، مراجعة ترسانة القوانين (التى صدرت فى عهد مبارك)، يحتوى بعضها على جمل مطاطة تمكن من نصبوا أنفسهم «وكلاء الله على الأرض» من حكم البلاد والعباد.. ومنها قانون ازدراء الأديان.

وكتبت هنا فى «الوطن» تحت عنوان: «نحو قانون مدنى لدولة ديمقراطية» معظم القوانين المتعلقة بالحريات العامة والشخصية، مليئة بالثغرات التى جعلت «كتائب الحسبة» تنتشر وتتغول على «السلطة المدنية»: كل ملابس النساء «فسق وفجور» لأنها لا ترفع شعارهم السياسى «الحجاب».. وكل الفعاليات الفنية «عهر» لأنها تطغى على حضورهم الكئيب بإبداع فنى مبهر.. كل النقد «يخدش الرونق» لأنهم أنصاف آلهة.. إعمال العقل حرام لأن علينا «السمع والطاعة» لكبيرهم الذى علمهم الفتْى!. أتصور أن أهم واجبات «مجلس النواب» الجديد هو تنقية القوانين من الثغرات التى جعلت «التحريم مناخاً عاماً».. يتربص بالفن والفنانين، يغتال «القوى الناعمة» ونحن عاجزون عن حمايتهم.. لأن القانون به مفاهيم ملتبسة أو غامضة، أنا حتى الآن لا أعرف كيفية توصيف «خدش الحياء العام».. وما هو «رونق الأزهر» الذى تعرض للخدش.. وهل الخدش مرحلة أهون من الكسر مثلاً.. تبدو الألفاظ من ترهلها سخيفة!. «رانيا يوسف» نموذج يمكن أن تطبق عليها عقوبات قد تصل بها إلى «البدلة الحمراء»، (إن مؤخرة كل النجمات بارزة لست الوحيدة ولكن مؤخرتى مميزة وحلوة.. خدش الحياء العام).. (لما يكون عندك حاجة حلوة بتخبيها ولا بتبينها.. أنا بابينها، ثم أردفت بآية قرآنية «وأما بنعمة ربك فحدث».. المادتان «98، 160» من قانون العقوبات.. مع ملاحظة «أنه لا يعاقب على اللغو غير المقصود أو إساءة تنقية واستخدام العبارات»).. وهنا يأتى الحديث عن «روح القانون» وما استقر فى وجدان المحكمة وهما عاملان يحددان مصير «رانيا» ما بين البراءة أو السجن بهذه المواد ومواد أخرى كثيرة ذكرها صاحب الدعوى. وهذا يعود بنا إلى القانون رقم 3 لسنة 1996 بشأن تنظيم إجراءات مباشرة «دعوى الحسبة» فى مسائل الأحوال الشخصية.. الذى صدر بعد دعاوى كثيرة طاردت المفكرين والمبدعين والفنانين.. واختص «النيابة العامة» وحدها دون غيرها برفع الدعوى فى مسائل الأحوال الشخصية على وجه الحسبة.. كيف تبخر هذا القانون لتنتشر كتائب الحسبة -مرة ثانية- بينما هو حق أصيل ومطلق للنيابة وحدها؟ وبحسب المعلن من تصريحات فإن «رانيا» لم تُعلَن حتى الآن بالقضية المقرر نظرها فبراير المقبل.. فكيف تحركت القضية دون أن تكون فى قبضة النائب العام؟!

هذه تساؤلات أحاول من خلالها الوقوف على خط سير العدالة، أما بالنسبة لرفض «رانيا» ارتداء الحجاب: (الطرحة هتزود منى إيه، هو أنا كده مش مستورة، شايفنى لابسة مايوه؟).. فهذا الجدل قد حسمه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب»، وهو موثق فى الحلقة 21 من برنامج «الإمام الطيب»، يقول الإمام الأكبر: (إن الحجاب بمعنى غطاء الرأس أُمرت به نساء المسلمين فى القرآن الكريم، وأجمعت الأمة عليه، ولكن المرأة التى لا ترتديه ليست خارجة عن الإسلام)، مشيراً إلى أن حكمها أنها امرأة عاصية آثمة كبقية المعاصى، وهذه المعصية ليست من الكبائر، فترك الحجاب كالكذب أو أقل. المطلوب الآن بيان من «النيابة العامة» يوضح لنا كيف تطبق دعاوى الحسبة؟.. مطلوب أن نعرف توجهات مجلس النواب: هل هناك نية لتنقية القوانين المعيبة أم لا؟.. أما مصير «رانيا يوسف» فهو بين القضاء وهو حائط الصد الأخير لنا.
نقلا عن الوطن