بقلم – روماني صبري  
أصاب البريطاني "ريكي جيرفيس" نجاحا كبيرا بعد طرح  السلسلة التلفزيونية المكتب، وكان شاركه كتابة وإخراج السلسلة ستيفين ميرشنت، ولعب جرفيس دور البطولة ديفيد برينت في المكتب ودور أندي ميلمان في سلسلة الإضافات، أبصرته هوليوود وقدم أفلام، شبح المدينة واختراع الكذب، أدى  عروض ستاند أب كوميدي في 4 جولات دعائية، وهو من كتب سلسلة الكتب الأكثر مبيعا فلانيمالز، إذا هو يؤلف، ويصنع أفلاما ويقدم برامج تلفزيونية وعروضا على خشبة المسرح، ويستخدم "تويتر" بشكل يومي، وكذلك لديه الوقت لعمل مقابلات تلفزيونية، كيف يفعل ذلك؟ .
 
 
يقول جرفيس، قال وينتسون تشرشل "إذا عثرت على وظيفة تحبها، فلن تذهب إلى العمل أبدأ"، وما اشعر به هو أن كل ما افعله، افعله عن شغف، فما هو عملنا في الواقع؟، أليس أن نبدع، ونقوم بالتمثيل ونضحك الجمهور، وأحاول أيضا أن اضحك نفسي، وكل ذلك جزء من عملي، وهذا رائع."
 
حتى الأمر بالنسبة لموقع "تويتر"، ولا أنكر انه يشتت فكري، ولعلي امضي عليه وقتا أطول مما يجب، لكنه نوعا ما جزء من عملي، فهو وسيلة للترويج، ومكان يمكن أن أجرب فيه بعض الأشياء، لذلك انشر عليه أشياء وتأتيني ردود أفعال تحمل مفردات لغوية غير مألوفة لا نستخدمها عادة، فتجد نفسك محط مراقبة دائما، فعندما يكون لديك 6 ملايين متابع على تويتر، هذه عينة هائلة الحجم أتفاعل معها، فأرى ردود الأفعال واطلع على الشائع بسرعة كبيرة.
 
 
واستخدم موقع "تويتر"، ممتع، بالنسبة اعتبره عش كبير للدبابير، ابحث فيه باستمرار عن شيء أخرجه منه، الموقع ممتع ومفيد في اختصار كل شيء إلى الحد الأدنى، لاسيما عند الإعداد لنكتة جديدة، فالنكتة هي اقصر وسيلة لقول شيء مضحك، لذا كل ما يقال مهم، لذلك تويتر ليس مضيعة للوقت بالنسبة لي.
   
ردا على سؤال "كيف يمكن لك أن تركز وأنت دائم التفكير في موقع تويتر؟، قال جيرفيس خلال مقابلة مع "بي بي سي عربية"، لا اعرف، اشعر أن التركيز على شيء واحد أصعب من التركيز على عشرة، واعتقد أن دماغي يعمل بهذا الشكل، يجب أن أكون مشغولا بأكثر من شيء في وقت واحد، فأنا أشاهد التلفزيون واكتب الملاحظات، واستخدم تويتر وأزعج القطة، ولا استطيع أن اقرأ رواية لأني اقرأ السطر الأول ثم اسرح بخيالي، وذلك يعطيني فكرة، في الحقيقة كل شيء يعطني فكرة.
 
 
 من الملفت أن يقول جيرفيس ذلك، فالكوميديا التي يقدمها ليست مجرد نكات، بل غنية بالمضمون، تلامس أمورا هامة، وتعلق على قضايا اجتماعية، الكوميديا بالنسبة لك ليست مجرد وسيلة تستخدم للهروب من الواقع، أو للإمتاع، بل هي أكثر من ذلك، أنت تتناول أشياء تهمك وتشغلك، وفيها الكثير من التفكير ؟.
 
برأيي وظيفة الكوميدي ليس ان يجعل الناس تضحك بل ان يجعلهم يفكرون أيضا، وهناك ثمن للضحك برأيي، لا أريد أن يضحك الناس ثم يذهبوا، بل أريد أن يعلق ذلك بذهنهم، ان يشعروا بالحماس، لما أقول، لهذا أتحدث دائما عن المحرمات، لأنها تعلق في البال أكثر، وأريد أن اخذ الحضور إلى حيث لم يذهبوا من قبل.
 
اعتقد انك إذا قمت بهذا العمل من اجل نفسك، وبطريقتك، فستكون النتيجة شيئا لم يسبق أن قام به احد من قبل، وهذا ما يثير اهتمام الجمهور في اعتقادي، أما إذا قمت بالعمل من خلال لجنة فستحصل على شيء متجانس ولطيف وسبق ان قام به آخرون ألف مرة.
 
لذلك نجد أن جميع أفلام هوليوود الرومانسية الخفيفة متشابهة، لأنها مصنوعة للمشاهدين، الذين حضروا فيلم الأسبوع الماضي، لذلك تجد أن الإعلان الترويجي للفيلم هذه الأيام يخبرك بقصته كاملة، لأنك تقول لنفسك : إذا كنت سأنفق  15 دولار على التذكرة، فيأتي الإعلان ليقول : هذا هو الفيلم الذي تريد مشاهدته"، الفتاة تلتقي الرجل صدفة، يكرهان بعضهما في البداية، ثم يتزوجان في النهاية، لأنه يثبت لها أنها تعمل كثيرا، فتقول أنت لنفسك : أحببت فيلما كهذا في السابق، سأشاهده من جديد هذا الشكر، وهذا ورائع ومكسب للمال.
 
ولكن هذا هو الميدان الذي هزم فيه التلفزيون السينما، برأيي خلال السنوات العشر أو الخمس عشرة الماضية، لان هناك هذا الضغط الدائم لإعطاء الناس الفيلم الذي تريد، وفي حال لم ينجح يسحب من صالات السينما نهاية الأسبوع، بينما أعطت القنوات التليفزيونية القرار للمشاهدين، واجري بحث على مجموعة تجريبية من المشاهدين لبرنامج "المكتب"، وسجل البرنامج أسوأ نتيجة على الإطلاق، مركز تقاسمه مع مباراة الكرات النسائية، ومع ذلك لم نغير فيه شيئا في المملكة المتحدة.
 
ثم عندما أنتجت النسخة الأمريكية، أرسل لي المنتج جريج دانييالز بريدا اليكترونيا يقول : قد حصل على نتائج تجريبية ضئيلة جدا، قلت :" هذا فال جيد، حدث نفس الشيء معنا في بريطانيا في البداية "، وفي الحقيقة الإبداع يعاني قليلا في البداية ويحتاج للوقت برأيي.

حصل جيرفيس على جوائز السينما البريطانية، و5 جوائز الكوميديا البريطانية ، و3 جوائز جولدن جلوب ،وجائزتي إيمي Emmy Awards، وجائزة روز الذهبية، حل  في المرتبة الثالثة ضمن أعظم مؤدين ستاند أب، وشهد عام 2010 اختياره في مجلة التايم ضمن قائمة المائة الأكثر تأثيرا في العالم.