أمينة خيري
تعريفه على «واتس آب» «أستغفر الله العظيم يارب». اسمها على «فيسبوك» «حسبى الله ونعم الوكيل» وحالتها «اللهم ارحم أبى وأمى وكل أموات المسلمين». حسابها على «إنستجرام» اسمه «حبيبى يارسول الله (ص)» وتعريفها «آى آم مسلم». تغريداته على «تويتر» مهمتها التشكيك فى معتقدات الغير والتأكيد على فوقية معتقده وسمو انتمائه. محل الحلويات اسمه «لا إله إلا الله». السيوف وعبارات التوحيد كانت تغطى الكثير من زجاج السيارات الملاكى الخلفى وحالياً عرفت طريقها إلى باصات النقل العام. صور فضيلة الإمام محمد متولى الشعراوى تغطى نوافذ العديد من سيارات الميكروباص والسوزوكى «التمناية» وسيارات النقل على الطريق. المحلات التجارية تحرص على تشغيل القرآن الكريم بأعلى صوت فى الصباح الباكر طلباً للبركة وأملاً فى الرزق الوفير. عمال البناء لا يفوتهم أن يكتبوا بالطلاء الأسود «هل صليت على النبى اليوم؟» على أعمدة الكبارى التى شيدوها وأكشاك الكهرباء التى أصلحوها. كل هذه المظاهر «الإيمانية» شىء رائع وعظيم. وتكتمل الصورة بالبحث عن أيقونات والمثل الأعلى أو النموذج المحتذى لدى الصغار والشباب. بالطبع نجمنا الساطع محمد صلاح يهيمن على أحلام الكثيرين من الشباب والأطفال من الذكور. البعض يطرح إسمه محمد رمضان من باب أنه صعد سلم المجد بسرعة صاروخية وثراؤه الواضح يتحدث عن نفسه. لكن كثيرين أيضاً يذكرون أسماء الأولين من الأنبياء والصحابة ومفسرى القرآن الكريم كمثل أعلى أو يحتذى.

وهذا شىء رائع وعظيم. لكن الغريب أن أحداً لا يذكر اسم عالم أو باحث أو مخترع أنسولين تستخدمه جدته لعلاج السكر، أو أديسون الذى يمكنه من رؤية الكتب الدينية التى يقرؤها، أو الأخوين رايت اللذين مكّناه من ركوب الطائرة لأداء العمرة وفريضة الحج، أو مارتن كوبر الذى مهّد الطريق لابتكار الهاتف المحمول الذى يؤذن للصلاة فى أوقاتها، أو كارل بنز الذى ابتكر السيارة الحديثة ليضع عليها الملصقات الدينية مشهراً إيمانه أمام المارة وقادة السيارات الأخرى، أو لورنس روبرتس أحد أوائل مبتكرى شبكة الإنترنت التى تمكنه من تحميل الأدعية الدينية وفيديوهات المفسرين والمفتين والفقهاء، أو حتى بريان أكتون وجان كوم اللذين ابتكرا «واتس آب» وما يتيحه من إرسال أدعية الصباح والاستغفار وحكايات «جاء إعرابى» إلى الصديقات والأصدقاء. كل ما سبق من أسماء ومبتكرات واختراعات قلما تطرأ على بال أحدنا باعتبارها قدوة أو نموذجاً يحتذى. فالابتكار ليس غايتنا، والمخترعون ليسوا قدوتنا، والعلم والبحث والتعلم ليست أسمى أمانينا. والأدهى من ذلك هو اختفاء الأعلام المصريين مثل طه حسين والعقاد وجمال حمدان وأحمد زويل ومصطفى السيد وثروت أباظة ومصطفى السيد وسهير القلماوى وعائشة راتب وغيرهم من قائمة القدوات. هل هذا طبيعى؟! هل يمكن أن يحيا مجتمع على هذا الشكل من «التدين» دون محتوى علمى أو ثقافى أو سلوكى أو حتى معرفى؟!
نقلا عن المصرى اليوم