وهي جالسة في شقتها بمساكن كفر الجبل بمنطقة مشعل في الهرم، طالما سمعت نهى مصطفى، ربة منزل، صرخات طفل صغير تصدر من شقة سكان جدد، في البداية ظنت أن أم تعنف طفلها لكن مع تكرار الصراخ يومياً شكت أن هناك عملية تعذيب ممنهجة تتم ضد طفل، ولا تعلم من المسئول عنها.
 
تتبع الصراخ والأصوات المحيطة به، جعل "نهى" تتأكد من أن أب وأم يعذبان طفلهما يومياً، وهو ما دفعها إلى تقديم شكوى فى خط نجدة الطفل 16000، وبلاغ في قسم شرطة الهرم، لانقاذ الطفل من بين يدى أبويه اللذان لا يعرفان الرحمة بحسب قولها.
 
تحكي "نهى" لـ"الوطن" أنها اكتشفت أن الطفل عمره 7 سنوات ووالديه يقومان بكهربته في مناطق حساسة وتعليقه في سقف المروحة، وهو ما دفعها إلى تقديم بلاغين وتنتظر بدء التحقيق فيهما، معلنة أنها على استعداد للذهاب والشهادة أمام أى جهة تحقيق بما سمعته وشاهدته.
 
بداية اكتشاف "نهى" للواقعة
منذ 20 يوما، فوجئت نهى، بجارين جديدين في أحد الشوارع المجاورة للعقار الذي تسكن فيه، معهما طفل صغير، عيناه تكاد تكون مغلقتين من شدة الورم، وتعابير وجه مقيدة بالخوف والرعب، لكن الغريب وما لفت انتباهها أكثر، تجدد آثار التعذيب على الطفل وتنوعها، ما أثار شكوكها وريبتها.
 
انتهزت "نهي"، فرصة خروج الوالدين كل يوم، وقررت حل اللغز الذي طالما حيرها: "استنيت لحد ما خرجوا من البيت، والولد بقى لوحده، وأخدته بيتنا وحكى لي كل حاجة وصورته فيديو، وقالي إنهم بيتفننوا في تعذيبه بطريقة مش طبيعية، لدرجة إن أبوه بيعلقه في المروحة، وأمه بتضربه بالحديدة وتكويه بالنار، والعلامات اللي في وشه دى بسبب إن أمه حدفت الكباية فيه".
 
صعق بالكهرباء ومنع من الطعام
بتلقائية وبراءة حكى الطفل "مصطفى"، تفاصيل تعذيبه لـ"نهى"، موضحاً أن والديه يخرجان كل صباح ولا يعلم أين يذهبان، لكنهما يعودان في منتصف الليل، ليبدآ وصلة تذنيبه وتعذيبه ومنعه من الطعام، ما يسفر عنها إصابات عديدة في جسدها، منها أورام في جميع الأنحاء، وكسر في الذراعين، وعلامات تعذيب شديدة عند مفصل ركبتيه.
 
مصطفى يعترف: أبويا بيعلقني فى المروحة
يشرب "مصطفى" من كوب شاى دافئ ويلتحف ببطانية من البرد الشديد ويكمل تفاصيل تعرضه للتعذيب على يدى والديه: "أبويا بيعلقني في المروحة، وبيكهربني بسلك الكهربا في وشي، وفي رجلي وفي أماكن حساسة، وبيضربني بالعصيان، وأمي عذبتني عذاب متتخيلهوش، وبتعورني في أماكن حساسة، وركبي وارمة بسبب أنها بتضربني بالحديدة، ومابقدرش أمشي".
 
يحلم الطفل مصطفى، بالهروب من جحيم والديه وقسوتهما، والذهاب إلى جدته التي كانت تحنو عليه، حيث تسكن في منطقة مساكن الشباب، بجوار إحدى المدارس التي كان يذهب إليها أثناء إقامته معها: "جدتي اسمها سهام، وساكنة في شقة 13 في مساكن الشباب، وأمي اسمها حنين، وأبويا اسمه مصطفى دبور، وعايش معاهم طول عمري".