هاني لبيب
بشكل واضح وصريح.. أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أثناء مشاركته فى الاحتفال باليوم العالمى لمكافحة الفساد، تنفيذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتحول نحو دولة مدنية ديمقراطية حديثة.

وهذه التوجيهات استكمالٌ لأفكار ذكرها الرئيس قبل ذلك فى 24 أكتوبر 2017 أثناء زيارته لفرنسا، إذ قال أثناء مؤتمر صحفى له مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إنه «حريص على إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة لمصر»، مرتكزًا فى كلامه على عدم قبول الشعب المصرى أى ممارسة فيها عدم احترام لحقوق الإنسان.

الدولة المدنية هى دولة علمانية وديمقراطية. علمانية فى مواجهة الدولة الدينية، وديمقراطية فى مواجهة الدولة الشمولية غير الدينية. وتتمثل ديمقراطية هذه الدولة فى: سيادة القانون على جميع المواطنين دون أى تمييز، ووجود عدالة ناجزة ونافذة، وتعدد السلطات وتنوعها فى سبيل تحقيق المساواة، وإقامة انتخابات «رئاسية وبرلمانية» حرة نزيهة تعبر عن رغبات مجتمعية، ووجود واقعى وحقيقى لتوازن القوى السياسية فى المجتمع، كما أن التمسك بالدولة المدنية يعنى بالضرورة دولة ديمقراطية تحترم العقل الإنسانى، وتضع قوانينها طبقًا لما يقتضيه العقل فى ضوء التجربة والتطور والمصلحة العامة والاستفادة من خبرة أوروبا وتجربتها قديمًا، وتقييم تجارب الحكم الإسلامى فى الدول العربية حديثًا.

النظام السياسى المصرى غير منحاز دينيًا، ولكنه لا يعتنق العلمانية باعتبارها، كما يفسرها البعض فى مجتمعاتنا العربية، ضد الدين، رغم أن الحقيقة تؤكد انحياز مصر للدولة المدنية التى تعتمد فصل الدين عن الدولة دون استبعاده أو تهميشه، بل مع احترامه وتقديره باعتباره رافدًا من مرجعيات المبادئ والقيم الإنسانية، فضلًا عن رفض الفزّاعة التى يتم الترويج لها باعتبار الدولة المدنية المصرية ضد الدين، وهو مكون رئيسى للشخصية المصرية لا يمكن إهماله، وإنما باستطاعتنا تحديده وتحييده أمام الدستور، مع إعلاء القانون والتأكيد على أنه فوق الجميع. ولذا أرفض تمامًا تسييس الدين المبنىّ على أهداف خفيّة غير معلنة، حتى لا نصل إلى حالة تديين للسياسة من منطق الحكم باسم الله تعالى، ولا مانع من القتل باسم الله أيضًا وانتهاك كل الحقوق الإنسانية التى أقرتها الأديان.

الدولة المدنية الحديثة لا تتأسس بخلط الدين بالسياسة، بل بأن يظل الدين فى الدولة المدنية عاملًا أساسيًا فى بناء الأخلاق لمزيد من العمل والإنجاز. والدولة المدنية لا تعادى الدين أو ترفضه، ولكن ما ترفضه هو استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية، وإقحام الدين فى عالم المصالح الدنيوية الضيقة.. فالدين فى الدولة المدنية ليس أداة للسياسة وتحقيق المصالح.

أهم خصائص الدولة المدنية الحديثة هو ارتكازها على نظام مدنى يقوم على السلام، والعدل والمساواة، والتسامح، والتعددية، وقبول الاختلاف، والمساواة فى الحقوق والواجبات، واحترام حقوق الإنسان وعدم التمييز ودعم مبدأ الحرية المنضبطة فى الفكر والرأى، ورفض فكر التحريض والكراهية.

نقطة ومن أول السطر..
طموحات تحقيق الدولة المدنية المصرية بدأت فعليًا، وهى لا تتوافق مع آمال البعض وأحلامهم فى إنجازها، لكن الحقيقة تؤكد أن هناك خطوات غير مسبوقة فى ترسيخ أركان دولة المواطنة المصرية.
نقلا عن المصرى اليوم