محمود عابدين يكتب 

قُضاة مصر الأجلاء.. شكرًا لإنصافكم جدنا العظيم "خوفو" حتى لا تضيع منا بوصلة الحقيقة، وحتى لا نتغافل – جهلاً أو عمدًا – المؤامرة الصهيونية الكبرى ضد مصر: الحضارة، والتاريخ، والمكان، والإنسان.. فكان لابد من الاستمرار في توضيح أو كشف بعض التفاصيل عن عبث الأعداء بماضينا، وحاضرنا، ومستقبلنا من وقت لآخر، وذلك بهدف تشويه واتهام أجدادنا المصريين القدماء بـ: " الظلم والاستعباد والوثنية" لنفقد حُبنا، واحترامنا، وولاءنا، وانتماءنا لمجدنا الوطني العظيم. ولمثل هؤلاء وصبيانهم في: الداخل قبل الخارج نؤكد على أننا كنا ومازلنا وسنستمر - بإذن الله تعالى - نفخر بجذورنا العتيقة الراسخة، لأن مصر – كما هو معروف للبشرية جمعاء - ليست دولة تاريخية كما يعتقدون ويروجون، مصر جاءت، ثم جاء بعدها التاريخ بشهادة أساتذة التاريخ والحضارات، ومنهم البروفيسور هنري برستيد - عالم المصريات الأمريكي العبقري - في كتابه الفذ "فجر الضمير"، حيث يوضح "بريستد" في كتابه: " لقد أدرك مصري القديم '>المصري القديم أن حضارة بلا قيم هي بناء أجوف لا قيمة له، فكم من حضارات انهارت وأصبحت نسيًا منسيًّا؛ لذا سعى هذا الإنسان العظيم إلى وضع مجموعة من القيم والمبادئ التي تحكم إطار حياته، تلك القيم التي سبقت "الوصايا العشر" بنحو ألف عام، كما تجلى حرص مصري القديم '>المصري القديم على إبراز أهمية القيم في المظاهر الحياتية؛ فكان أهم ما في وصية الأب - قبل وفاته - الجانب الأخلاقي، حيث نجد الكثير من الحكماء   
والفراعنة  . 
 
 يوصون أبناءهم بالعدل والتقوى، كما حرصوا على توضيح خلود تلك القيم في عالم الموت، لذا نحتوا على جدران مقابرهم رمز إلهة العدل "ماعت" ليتذكروا أن العمل باقٍ معهم. لذا فقد سبق المصريون العالم أجمع في بزوغ فجر الضمير الإنساني". ما سبق يجعلني أعود لما كتبته منذ 4 سنوات عن عبث ثلاثة سائحين ألمان استطاعوا – بمعاونة قيادات أثرية مصرية – سرقة عينات من خرطوش (لوحة صخرية تحمل اسم الملك) جدنا الأعظم الملك "خوفو". واستكمالًا لما حذرنا منه في مقال بعنوان "كفاكم عبثًا بالملك خوفو" يوم الاثنين 14 سبتمبر 2020 تعليقًا على ما نشره موقع الكتروني مصري    نقلاً عن "مُدع" أو "خرفان" أو "متآمر" أمريكي يُدعى "كريس نونتون" عن الهرم الأكبر تحت عنوان: "الفراغ الكبير بالهرم الأكبر يتطلب
هدمه......!!،   
 
فكان لابد وأن أشيد بالحكم التاريخي لقضاء مصر العادل على موقفه العظيم من حضارة أجدادنا العظماء، حيث قضت المحكمة الإدارية العليا يوم السبت 28 نوفمبر الماضي برئاسة المستشار عادل بريك - نائب رئيس مجلس الدولة - وعضوية المستشارين صلاح هلال، والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، ونبيل عطا لله، وأحمد ماهر - نواب رئيس مجلس الدولة - بتوقيع عقوبة الفصل من الخدمة على ثلاثة من كبار العاملين بالأثار وهم : - الأول ( ج.ع.ع.ع) كبير مفتشي آثار الشئون العلمية بمنطقة آثار الهرم، والثانى (ھ.أ.ح.ع) مفتش آثار بمنطقه آثار الهرم، والثالث (أ.ع.م.ع) حارس أمن بمنطقه آثار الهرم، كما حكمت بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر لــ (ع.ر.ع.غ) كبير بمفتشي آثار الهرم .وذكرت المحكمة أنها كشفت عن أخطر عملية للإضرار بالهرم الأكبر للملك خوفو (أعظم ملوك مصر والأثر الوحيد الباقي من عجائب الدنيا السبع القديمة تمت قبل ثورة يونيه 2013 بشهرين ونصف الشهر). ولكي يكون ما أكتبه مُدعم بالأدلة الدامغة، سأبدأ باعتراف الصهيوني "فرويد"، عالم النفس الأشهر في القرن التاسع عشر عندما قال "إن عقدة اليهود الازلية.. تكمن في عظمة الحضارة المصرية"......!! 
 
   ، اعتراف "فرويد" مجرد مدخل لمقال مهم عن جريمة سرقة "خرطوش خوفو" على يد ثلاثة مجرمين ألمان تحت أعين وبصر و..... أثريين مصريين للأسف الشديد.....!! بداية هذه الجريمة - بحسب بيان النيابة الإدارية في تلك القضية – تعود إلى الفترة من: 14/7/2013 وحتى 9/11/2013، على يد مجرم ألماني بدرجة "عالم آثار" يدعى "دومنيك جورتز"، وفريق عمله المكون من: المجرم والمؤرخ الألمانى "ستيفان أردمان"، والمجرم والمؤرخ الصهيونى "جان فان هليسينج" - الذى يشاع أنه على علاقة بالمنظمات الماسونية العالمية، وهو أيضًا صاحب دار نشر مشبوهة أصدرت مجموعة من الكتب المغالطة للتاريخ، ومنها كتابان لـ "أردمان" ومواطنه "فان"، الأول بعنوان "أكذوبة الألفية"، يحاولان من خلاله إثبات أن الحضارة الفرعونية القديمة لا تمت للمصريين بصلة.....!!.. 
 
 والآخر بعنوان "أكذوبة خوفو"، يحاولان من خلاله إثبات أن "خوفو" نسب إلى نفسه بناء الهرم الأكبر، وأن الهرم بنى قبل ميلاد "خوفو" بقرون، وأن مشيديه ليسوا مصريين وإنما يهود.....!! هذه الأكاذيب التى حاول "ستيفان" وفريق عمله إثباتها عن طريق الصعود إلى غرفة خرطوش خوفو وسرقة عينة صغيرة الحجم منه، والسفر بها إلى ألمانيا، ليقوموا بعد ذلك بتحليلها حسب أهواءهم الشيطانية والترويج لمزاعمهم الوهمية بواسطة فيديو مُسجل لهم يدعوا فيه أنهم "حللوا عينات من الخرطوش وتوصلوا لنتيجة أن خوفو لم يبن الهرم الأكبر، وأن الحبر المستخدم في الخرطوش لتدوين تفاصيل مشيد الهرم ليس قديمًا، وإنما عمر الهرم نفسه أكبر من عمر الخرطوش بقرون، وهو ما يؤكد أن الهرم لا يعود لخوفو، وأن مشيديه هم اليهود القدماء لأنهم كانوا يعيشون في مصر فترة تشييد الهرم"......!! ادعاءات في منتهي الخبث والخطورة، وبحسب متابعة الإعلام حول هذه الجريمة التاريخية، اتضح أن أثريينا المحترمين لم يكتشفوا جريمة السرقة إلا بعد أن نشر المجرم الألماني "دومنيك" تفاصيل جريمته على مرأى ومسمع من جميع الهيئات والمؤسسات و.... العالمية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني، وفي مقدمتهم "منظمة اليونسكو".....!! 
     
ولأن هذه الجريمة، أصبحت لعنة تلاحق القيادات الأثرية بعد افتضاح الأمر، فقامت تلك القيادات على الفور بإحالة كل مسئولي منطقة الهرم الأثرية إلى التحقيق من باب ذر الرماد في العيون، وذلك لمعرفة من تواطؤ مع المجرمين الألمان لسرقة تلك العينات، ومن ثم كلفت مباحث الآثار بإجراء التحريات حول الواقعة لتحديد على من تقع مسئولية ارتكاب هذه الجريمة، كما تم اصدار قرار بمنع زيارة الحجرات الخمسة أعلى حجرة الدفن بهرم الملك خوفو إلا بموافقة اللجنة الدائمة للآثار بعدما طُولبت - بصفة عاجلة - باتخاذ الإجراءات القانونية ضد اللصوص الألمان والجامعة الألمانية التي يتبعها المجرمون، وكذلك المعهد الألماني الذى قام بتحليل العينات دون موافقة الجهات الرسمية......!! كما تقدم د. محمد إبراهيم - وزير الدولة لشئون الآثار فيما بعد - ببلاغ رسمي للنائب العام ضد المجرم الألماني الرئيسي ومصوره لإخطار الإنتربول الدولي للتحقيق في تلك الجريمة، موضحَا أن تلك الجريمة تعد إتلافًا وسرقة لآثار مصر ومخالفة للوائح والقوانين، خاصة أن مصر عضو في منظمة اليونسكو، على ان يتم إرسال تقرير مفصل بالواقعة للجنة التراث العالمي باليونسكو على اعتبار إن الهرم الأكبر مُسجل على قوائمها، كما تم إرسال خطاب لوزارة خارجيتنا لإخطار نظيرتها الألمانية باتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال تلك الجريمة ضد المجرم الألماني الرئيسي وجامعتة ومعمله. جريمة كهذه، ذكرتني بجريمة لا تقل عنها "فُجرًا وسفالة ووقاحة"، لمُجرم فرنسي بدرجة عالم، قام هو الآخر بسرقة "شعر" مومياء جدنا العظيم رمسيس الثاني في حادثة تاريخية عام 1976 يندي لها الجبين، وهذه تفاصيل خطيرة يطول الحديث حولها، لكن باختصار غير مخل، سأذكر ما كتبته سابقًا عن واقعة طلب الرئيس الفرنسي ديستان من الرئيس السادات – رحمه الله - السماح لبعض العلماء بمصاحبة مومياء رمسيس الثاني لإقامة عرض مسرحي، والعلاج في باريس، وكانت تلك الحجة أو الحيلة المزعومة للتأكد من أنّ رمسيس الثاني هو نفسه فرعون الخروج، وذلك من خلال الفحص المعملي، لمعرفة ما إذا كان هذا الملك قد مات غريقــًا أم لا، وكانت النتيجة (بعد رحلة السفر المشئومة هذه) هي تشويه المومياء . سفر مومياء رمسيس الثاني لفرنسا بإلحاح وقف خلفها طبيب مغربي يهودي يدعي موريس بوكاي، كان يُعالج محمود أبو وافيه - عديل السادات - وللأمانة فإنّ دكتور جمال مختار - رئيس هيئة الآثار فى ذاك الوقت ديسمبر1975 - رفض عرض الرئيس الفرنسي وقال له: - "هذا شىء صعب، فهذا الملك هو من ملوك مصر العظام، ومن غير المقبول أنْ تـُسافر الجثة لتـُعرض فى فرنسا، وهل تـُوافقون سيادتكم على أنْ نأخذ منكم تابوت أو حتى غطاء تابوت نابليون لنعرضه هنا فى مصر"؟!.. 
   
وذكر مختار أنه اتصل بيوسف السباعى - وزير الثقافة وقتها - ونقل له مخاوفه عن ردود الفعل التى يمكن أنْ يُحدثها سفر رمسيس الثاني إلى باريس، ولكن السباعي لم يفعل شيئــًا، وحتى ممدوح سالم - رئيس الوزراء - لم يهتم بعدما شرح مختار القصة كاملة، بينما اهتمتْ بالأمر أستاذة فرنسية بكلية العلوم وعارضتْ رئيسها، قائلة: - "إنّ هذا عبث، وأنّ هذه المومياء التي يُريدون إخراجها من مصر لعرضها فى فرنسا، هى لواحد من أعظم ملوك مصر، وأنها سوف تقود مظاهرة تـُندّد بهذا العبث إذا لم يتراجع الرئيس ديستان"، وكان لإثارة القضية على هذا النحو أثره الكبير، فتراجع ديستان، وبعث برسالة إلى الرئيس السادات أعلن فيها أنه تراجع عن فكرة عرض المومياء فى باريس، ونشرتْ الصحف الفرنسية رسالة ديستان إلى السادات. ولكن بعد تدخل أبو وافيه تغير الموقف، ووافق السادات على سفر المومياء، وكان أكثر المُتحمسين على خروج المومياء من مصر هو الطبيب الفرنسي بوكاي الذى كانت تربطه علاقات واسعة بشخصيات عربية وإسلامية شهيرة، مما ساعد على إصدار توصيات من بعض معارفه بالاحتفاء به ومساعدته وتلبية طلباته وتسهيل مهمته العلمية......!!، بينما لم تهتم الثقافة السائدة فى مصر بخروج المومياء ، فإنّ صحيفة الهيرالد تريبيون كتبتْ أنّ "الضجة التى أثيرت فى الإعلام الفرنسى حول مرض رمسيس الثاني وضرورة علاج المومياء.... إلخ، لم تكن سوى حيلة لإخراج المومياء من مصر، لوضعها تحت الفحص والبحث والدراسة لمعرفة أسرارها.....!!   
 
 وقد تعمّد الصهيوني موشيه ديان - وزير الدفاع الإسرائيلي في هذا التوقيت - أنْ يزور مومياء رمسيس الثاني بمستشفى باريس، وأخذ ينقر على أصابع قدميه بعصا المارشاليه، وقال له بكل حقد اليهود: - "أخرجتنا من مصر أحياءً، وأخرجناك منها ميتـًا"، ووصلتْ ذروة المأساة فى التقرير المصوّر بالتليفزيون الفرنسى ومدته 20 دقيقة أن ظهرتْ المومياء عارية تمامًا بعد أنْ نزعوا اللفائف الكتانية التى كانت تحميها، وكان المذيع الفرنسى شديد التعصب لمزاعم بنى إسرائيل فقال للمشاهدين: - " إليكم فرعون مصر الشهير، إليكم ملك ملوك الفراعنة، إليكم رمسيس الثانى، إليكم الفرعون الذى طارد اليهود قبل ثلاثة آلاف عام" إلخ التقرير الذي هزّ ضمير الفرنسيين عامة، والمثقفين الذين توجهوا بأعداد كبيرة منهم إلى السفارة المصرية فى باريس خاصة ليسجـّلوا رفضهم واستنكارهم لهذا العمل المُشين الذى أساء إلى شخصية تاريخية عظيمة مثل رمسيس الثاني".....!! من جانبها كتبتْ عالمة المصريات كريستين نوبلكو فى كتابها عن رمسيس الثانى، والذى طـُبع منه مليون نسخة بعد صدوره بأسابيع أنّ "التوراة ظلمتْ رمسيس الثاني، وكل ما قالته عنه غير صحيح، كما ظلمت هذه التوراة مصر والمصريين، وأنّ التوراة كتاب ملئ بالقصص والحكايات التى جـُمعتْ من هنا وهناك، وأنها لا يمكن أنْ تـُعد وثيقة تاريخية، وبصفة خاصة بالنسبة لمصر"، وأضافتْ: - " إننى أرفض الافتراء على التاريخ، وعلى الملك رمسيس الثاني، وأنّ الادعاء اليهودى على الملك رمسيس الثاني محض افتراء، وليس له أى أساس من الصحة، لإنّ سِفر الخروج يُشير إلى وقائع لا يوجد لها أى أثر فى كل ما وجدناه من كتابات ونقوش مصرية، على الرغم من أنّ هذه الكتابات والنقوش كانت ترصد تفصيلات صغيرة جدًا لا تـُقارن بخروج مئات الآلاف من البلاد ، فهناك فى سجلات الحدود تسجيل لكل حركات المرور عبْر الحدود ، حتى إنّ راعيًا ومعه 40 رأس غنم يعبر الحدود كان عبوره يُرصد ويُسجّل"، وسأستشهد في هذا المقال بما كتبه الدكتور زاهي حواس – وزير الآثار الأسبق – عندما قال: - "فرعون الخروج لم يكن رمسيس الثاني، وعندما سافرت مومياء رمسيس الثاني إلى فرنسا، في عهد الرئيس السادات عام 1976، فحصها اليهود بدقة للوصول إلى أي دليل على أنه فرعون الخروج، إلا أن محاولاتهم فشلت، ولكن وقعت حادثة خطيرة حيث سرق أحد الفرنسيين شعر المومياء، وتم اكتشاف الأمر بعد وفاة «السارق» بعد أن عرض ابنه «الشعر» في مزاد علني، فقمنا باستردادها بالقانون".. وهذا ما ذكرته وأثبته بـ : الدين والتاريخ والآثار في مؤلفي " توت عنخ آمون والحقيقية الغائبة.. فرعون الخروج هكسوسيًا وليس مصريا". جريمة سرقة "شعر" رمسيس الثاني كانت – ربما - خارج إرادتنا لوجودها بفرنسا في إطار مؤامرة لا يمكن أن يغفرها لنا التاريخ، لكن سرقة خرطوش خوفو هنا، وعلى أرضنا، ومن داخل غرفة الملك، فهذا هو الإجرام بعينه، وكأننا بوقوع هذه الجريمة نرحب بأعدائنا ونقول لهم: - " إن تاريخنا وحضارتنا ترحب بكل من يريد تزييفها"، ومن باب الفكاهة أيضا، مازلت أذكر تلك الواقعة التي سبق ونشرها الإعلام عندما حاول بعض اليهود إقامة حفل دينى لإقامة شعائرهم الخاصة داخل هرم خوفو، وذلك لمحاولة إثبات أن هذا الهرم جزء من عقيدتهم، وهو الحفل الذى تم إلغاؤه بعد كشف تفاصيله إعلاميًا بتاريخ 11 نوفمبر عام 2011.....!! وللحديث بقية عن سرقة الأجانب لعينات من حضارتنا العظيمة.