في مثل هذا اليوم 8 ديسمبر 1987 وقعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وسميت بالانتفاضة الفلسطينية الأولى أو انتفاضة الحجارة، لأن الحجارة كانت الأداة الرئيسية فيها كما عرف الصغار من رماة الحجارة بأطفال الحجارة، والانتفاضة شكل من أشكال الاحتجاج العفوي الشعبي الفلسطيني على الوضع العام المزري بالمخيمات وعلى انتشار البطالة وإهانة الشعور القومي والقمع اليومي الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
 
استمر تنظيم الانتفاضة من قبل القيادة الوطنية الموحدة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية فيما بعد، وبدأت الانتفاضة يوم 8 ديسمبر 1987 وكان ذلك في جباليا في قطاع غزة ثم انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيمات فلسطين، ويعود سبب الشرارة الأولى للانتفاضة لقيام سائق شاحنة إسرائيلي بدهس مجموعة من العمال الفلسطينيين على حاجز "إريز" الذي يفصل قطاع غزة عن بقية الأراضي فلسطين منذ سنة 1948. 
 
وهدأت الانتفاضة عام 1991 وتوقفت نهائيًا مع توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، ويقدر أن 1،300 فلسطيني قتلوا أثناء أحداث الانتفاضة الأولى على يد الجيش الإسرائيلي كما قتل 160 إسرائيليا على يد الفلسطينيين وبالإضافة لذلك يقدر أن 1،000 فلسطيني يزعم أنهم متعاونين مع السلطات الإسرائيلية قتلوا على يد فلسطينيين على الرغم من أن ذلك ثبت على أقل من نصفهم فقط.
 
تميزت الانتفاضة بحركة عصيان وبمظاهرات ضد الاحتلال امتدت بعد ذلك إلى كامل الأراضي المحتلة مع انخفاض لوتيرتها سنة 1991، فبعد جباليا البلد انتقلت إلى مخيم جباليا ومن ثم انتقل لهيب الانتفاضة إلى خان يونس والبرج والنصيرات ومن ثم غطى كل القطاع وانتقل بعد ذلك إلى الضفة وقد تولى الانتفاضة عموما الأطفال والشباب الذين كانوا يرشقون الجنود بالحجارة ويقيمون حواجز من عجلات مشتعلة كما كانوا يجتمعون حول الجوامع ويتحدون الجيش بأن يقوم بتفريقهم وقد استعملت مكبرات الصوت لدعوة السكان إلى التظاهر كما كانت توزع المناشير ويتم الكتابة على الجدران للثورة ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
 
وعلى عكس الاحتجاجات السابقة فقد لعبت النساء الفلسطينيات دورًا بارزًا خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى إذ لم يكن يخشين مواجهة الجيش الإسرائيلي أو دعم القضية الفلسطينية، وكان هذا الدعم ملموسا في الواقع إذ كن يمثلن ثلث ضحايا الانتفاضة وكان دورهم في المدن أكبر من دور النساء في القرى، ويعود هذا إلى التأثير الكبير للسلطة الأبوية في القرى والتي تقوم بإبقاء النساء في قراهن.
 
تم إنشاء ما يسمى بالقوات الضاربة بعد تكون القيادة الوطنية الموحدة وكان أعضاء فتح في البداية من استعان بهم، وكانت مهمة هذه القوات تتمثل في تطبيق توصيات القيادة الموحدة ومعاقبة من يبتعد عن نداءات الوطن لكن تعدد القوات المسلحة لم يلق قبولا من الجميع ويمكن ملاحظة ذلك من خلال منشورات كل فصيل.
 
شهدت الانتفاضة عددا من العمليات ضد الأهداف الإسرائيلية مثل عملية ديمونا بالنقب عام 1988 حينما تمت مهاجمة حافلة تقل عاملين متوجهين إلى مفاعل ديمونة، وكان يتم كذلك اختطاف جنود يهود لمبادلة أسرى بهم وملاحقة وقتل العملاء وسماسرة الأراضي فرديا وجماعيا، وعرفت الانتفاضة ظاهرة حرب السكاكين إذ كان الفلسطينيون يهاجمون الجنود والمستوطنين الإسرائيليين بالسكاكين ويطعنونهم.
 
سمحت الانتفاضة بأن يطلع العالم ويهتم بالقضية الفلسطينية وكذلك المشاهد التلفزيونية للتعسف الإسرائيلي كالمشهد الذي التقطته أجهزة التصوير التلفزيوني الغربية للجنود الإسرائيليون الذين كانوا يكسرون أيدي بعض الشباب الفلسطيني بالحجارة الكبيرة الذي دوى في سمع الرأي العام العالمي الذي جعله يتعاطف مع الفلسطينيين، وانتشرت الكوفية في المجتمع الغربي وكانت تدل على تعاطف ومساندة للفلسطينيين وأصبحت رمزا للثورة.
 
حققت الانتفاضة الأولى نتائج سياسية غير مسبوقة إذ تم الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني عبر الاعتراف الإسرائيلي الأمريكي بسكان الضفة والقدس والقطاع على أنهم جزء من الشعب الفلسطيني وليسوا أردنيين، وأدركت إسرائيل أن للاحتلال تأثير سلبي على المجتمع الفلسطيني كما أن القيادة العسكرية أعلنت عن عدم وجود حل عسكري للصراع مع الفلسطينيين مما يعني ضرورة البحث عن حل سياسي برغم الرفض الذي أبداه رئيس الوزراء إسحق شامير عن بحث أي تسوية سياسية مع الفلسطينيين.