كتب – روماني صبري

شهد المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالقدس اليوم الاثنين، ندوة الكترونية حضرها عدد من الآباء والرعاة من مختلف الطوائف المسيحية بالأرض المقدسة، وجرى التداول في جملة من القضايا والهواجس التي تتعلق بعراقة الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة، وكان حنا المتحدث الرئيسي في أعمال هذه الندوة الافتراضية بسبب وباء كورونا، وجاءت تصريحاته :

كلمة التسامح في المسيحية لا تعني على الإطلاق القبول بالظلم والتعسف وامتهان الكرامة الإنسانية وان من يسيء ألينا ويتطاول على رموزنا نحن عندما نسامحه وندعو من اجل توبته وعودته إلى الطريق القويم فإن هذا ليس ضعفا ، فالمسامحة في المسيحية هي قيمة اخلاقية انسانية لا يعرفها الا من يعيشها ويدرك معنى رسالتها .

ان التسامح في المسيحية هي وقوة وهي فضيلة ننادي بها دوما فلا يجوز على الاطلاق مقاومة الشر بالشر ومقاومة الضغينة والكراهية بمثلها والتطرف والاقصاء بنفس الطريقة .

ندرك ان هنالك كما هائلا من الخطابات المسمومة التحريضية المسيئية التي تسمعونها ويسمعها ابناءنا في كل حين ولا يجوز ان نرد على هذه الاساءات وعلى هذا التحريض بنفس الاسلوب ففي المسيحية هنالك اسلوب خاص وطريقة خاصة تنسجم وقيمنا المسيحية والتي من خلالها نرد على كل مسيء ومتطاول ومحرض مع تمنياتنا وادعيتنا لكل هؤلاء المنحرفين والمسيئين بأن يعودوا الى رشدهم .

نتعاطى مع اخوتنا المسلمين بعين الاخوة والمحبة والانتماء للاسرة البشرية والوطنية الواحدة واذا ما كانت هنالك اصوات نشاز نسمعها بين الفينة والاخرى فهي لن تؤثر علينا وعلى معنوياتنا وعلى مبادئنا ورسالتنا فنحن اصحاب رسالة في هذه الارض المقدسة لن نتخلى عنها تحت وطأة اي تحريض او تطاول او اساءة .

رسالتنا كانت وستبقى رسالة صاحب الميلاد اعني الرب يسوع المسيح واتمنى بأن يكون صاحب العيد حاضرا في عيده والا تغيبه البهرجات والزينات والانوار المضاءة والتي لا قيمة لها اذا لم تكن احتفاء بذاك النور السماوي الذي سطع في مغارة بيت لحم بميلاد المخلص .

احبوا بعضكم بعضا واحبوا شركاءكم في الانتماء الانساني والوطني ومن مدينة القدس المدينة المقدسة في الديانات التوحيدية الثلاث نقول بأننا سنبقى محبين لكل انسان ولا يجوز ان يُكره اي انسان بسبب انتماءه الديني او خلفيته الثقافية او لون بشرته .

نرفض العنصرية بكافة اشكالها والوانها ونرفض اي خطاب عنصري هدفه تأجيج الفتن والتشرذم وتكريس الانقسامات في مجتمعاتنا ، أما نحن ككنيسة وكمسيحيين في هذه الارض المقدسة وان كنا قلة في عددنا الا اننا لسنا اقلية ويجب ان نكون ملحا وخميرة لهذه الارض ومصدر خير وبركة لهذا الشعب مدافعين دوما عن قيم العدالة والحرية والكرامة الانسانية .

نتمنى ان تصل رسالة الميلاد الى كافة الكنائس في عالمنا لكي يلتفتوا الى هذه الارض المقدسة والتي فيها تجسد المخلص ولكي يلتفتوا ايضا الى آلامها واحزانها ومعاناة ابناءها واطفالها .

لن نتخلى عن قيمنا المسيحية ورسالتنا الروحية والرعوية تحت وطأة اية ضغوطات او ممارسات تأتي الينا من هنا او من هناك وما اكثر اولئك الذين يتاجرون بالدين والدين منهم براء .
اما اولئك المتصهينين الذين يدعون الانتماء للمسيحية في امريكا وفي غيرها فهؤلاء هم بعيدون كل البعد عن المسيحية ولا يمثلون قيمها ورسالتها في هذا العالم ويبدو ان هنالك متصهينين في هذا العالم من كل الاديان يخدمون المشروع الصهيوني الاحتلالي من حيث يدرون او لا يدرون .

لا تتأثروا بأي خطاب يوجه اليكم من الخارج بهدف حرف بوصلتكم فهنالك مبشرون دجالون موجودون في عالمنا يدعون انهم يبشرون بالمسيحية والانجيل ولكنهم في الواقع ما ينادون به هو كراهية وعنصرية وتطرف واقصاء وفكر ظلامي لا علاقة له بالمسيحية وقيمها .

وكما نرفض الظلامية والكراهية الموجودة عند غيرنا فإننا نرفض ايضا ان يأتي الينا من يدعي انه مبشر مسيحي لكي ينشر سمومه وحقده ويؤثر على ضعاف النفوس بهدف غسل ادمغتهم وجعلهم ينحرفون ويفكرون بالهجرة والخروج من اوطانهم .

لا تظنوا ان اعداء المسيحية هم فقط ما يسمى بالمنظومة الداعشية او باولئك المرتبطين بالصهيونية بل هنالك اعداد لدودون للمسيحية يدعون الانتماء اليها وهم يشكلون خطرا عليها اكثر من اي جهة اخرى لانهم يفسرون الكتاب المقدس كما يحلو لهم ، وانا اسميهم اعداء الداخل وهم اخطر من اعداء الخارج .

وانهم يخدمون اجندات معادية هدفها الاساءة للكنيسة المشرقية وللمسيحية الحقيقية النقية التي بزغ نورها من هذه البقعة المقدسة في هذا العالم .

كونوا على قدر كبير من الوعي من هؤلاء المبشرين الدجالين فالداعشية والصهيونية والمبشرون الكذبة هم وجه لعملة واحدة ويخدمون مشروعا واحدا هدفه تقسيم المقسم وتجزئة المجزء خدمة للمشاريع الاستعمارية في مشرقنا وفي بلادنا، فمن له اذنان للسمع فلسيمع .