بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسي زيارة مهمة الأحد 6 ديسمبر للعاصمة الفرنسية باريس، تستمر ليومين، وذلك بناء على دعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من أجل إجراء سلسلة من المشاورات الثنائية المكثفة فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين بالإضافة الى الإستعانة بالجهود والإسلام المصري المعتدل للتصدي لنفوذ التيار الإسلامى الحركي الآخذ في التصاعد داخل فرنسا.

 
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد ألقى خطابًا تاريخيًا قبل شهرين أعلن فيه رفض بلاده لنفوذ الإسلام السياسي داخل المجتمع الفرنسي، محددًا تركيا بالاسم وتكفل الإعلام الفرنسي بإضافة قطر وتنظيم الإخوان وإيران إلى القائمة، لتصبح عناوين الصحف هو رفض فرنسا لنفوذ الإسلام السياسي أوالإسلاميين، وعنون ماكرون هذا النفوذ بحالة من الانفصال الإسلامي أو الانفصال الإسلاموي الذي تعيشه الجاليات المسلمة في فرنسا على يد سيطرة تركيا والمال القطري على المساجد والجمعيات وابتعاث الأئمة الأتراك إلى الأراضى الفرنسية.
 
ورغم الإجراءات الفرنسية الصارمة بحق التمرد الجاري برعاية قطر وتركيا وإيران والإخوان، إلا أن فرنسا أعلنت صراحة أنها بحاجة لمساعدة الدول العظمى بالعالم الإسلامي لذا تأتي دعوة ماكرون للرئيس السيسي كتفعيل صريح لهذا المبدأ، من أجل الاستعانة بالمؤسسات الدينية والرؤية السياسية والأمنية المصرية للتصدي لهذا التمرد الإسلامي الأخطرعلى الدولة الفرنسية منذ نشأة فرنسا في القرن العاشر خلفًا لما يعرف بـ"بلاد الغال".
 
ويأتي المطلب الفرنسي لمصر من أجل مد يد المساعدة في التصدي للنفوذ التركي، باعتباره ضربة فرنسية جديدة لمحاولات تركيا التمدد في أوروبا أو رفع أسهم العلاقات التركية الأوروبية على حساب العلاقات المصرية الأوروبية في منافسة خسرتها تركيا أمام مصر عقب تأسيس "منظمة غاز شرق المتوسط" ومن قبلها التنسيق المصري مع اليونان وقبرص ثم فرنسا وإيطاليا وأخيرًا إسبانيا والبرتغال.
 
ويأتي الملف اللبناني في المرتبة الثانية من حيث الأهمية خلال المباحثات المصرية الفرنسية في باريس التي ستعقد الإثنين في "قمة السيسي - ماكرون"، حيث تسعي فرنسا لإيجاد مشهد ختامي مشرف لمبادرة ماكرون الداعية لتشكيل حكومة لبنانية مستقرة بعد زيارتين للرئيس الفرنسي الى العاصمة اللبنانية بيروت، وتحاول فرنسا أن تجد مخرجا لهذه الأزمة من أجل مد يد المساعدة للاقتصاد اللبناني بدلا من الخيار المؤلم بترك لبنان واقتصاده دون مساعدات كما تريد أوروبا وأمريكا، طالما النفوذ الإيراني في لبنان لا يريد التعاون مع الغرب لإخراج لبنان من عثرته.
 
ورغم أن العلاقات الأمريكية الفرنسية لم تكن في أحسن حال في سنوات إدارة دونالد ترامب، إلا أن ماكرون وترامب قد نسقا في أكثر من قضية بشكل فاعل، من ضمنها العلاقات الجيدة مع مصر، ومع خسارة ترامب للإنتخابات الرئاسية الأمريكية نوفمبر 2020 وصعود جو بايدن، فإن فرنسا يهمها إسداء النصائح للقاهرة فيما يتعلق بالإدارة الأمريكية الجديدة، وكذلك يهم باريس الاستماع إلى رؤية القاهرة فيما يتعلق بالتعامل مع رؤى الإدارة الأمريكية الجديدة خاصة أن الرئيس ماكرون لم يعاصر الرئيس باراك أوباما ذو الهيمنة الفكرية والحركية على إدارة جو بايدن، عكس الإدارة المصرية التي عاصرت فترات التوتر مع سنوات أوباما الأخيرة
 
وإلى جانب التنسيق الدوري حول ملفات شرق المتوسط والتصدي لمحاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاستفزازية، فإن الملف الليبي سوف يكون حاضرًا على ضوء تطابق الرؤى المصرية والفرنسية في  ليبيا وحتمية الذهاب إلى انتخابات برلمانية ورئاسية فورية تسفر عن حكومات تعبر عن كافة أطياف الشعب الليبي ولا تعطي ذريعة للتدخل الأجنبى في ليبيا أو تشكل موطئ قدم لإرهاب الجماعات الإسلامية في ليبيا عقب عشرسنوات من تشرذم وتفكيك الدولة الليبية ومؤسساتها.
 
وفى ذيل جدول الأعمال، تحاول الإدارة الفرنسية ألا تتخلف عن معايير الاتحاد الأوروبى فيما يتعلق بملفات حقوق الإنسان، عبر إثارة هذا الملف بشكل روتيني مع القاهرة، دون تخطي الخطوط الحمراء التي نجحت مصر في فرضها وصناعتها مع الدول الأجنبية حينما يتم إثارة ملفات الجبهة الداخلية.
 
هكذا يمكن تلخص جدول أعمال اللقاءات المصرية الفرنسية – بطلب فرنسي – فيما يلي
 
1 - طلب مساعدة مصر للتصدي للنفوذ الإسلاموي، القطري والتركي والإيراني والإخواني، في فرنسا، وفك هيمنة الإسلام السياسي على المساجد والجمعيات الدينية.
 
2- استمرار التنسيق فيما يتعلق بالملف الليبي.
 
3 - مساعدة مصر في سرعة تشكيل الحكومة اللبنانية لإخراج لبنان من عثرته.
 
4 - استمرار التنسيق فيما يتعلق بملفات شرق المتوسط وتطويق الاستفزازت التركية.
 
5 - مناقشة ملامح العلاقات الدولية في عالم ما بعد دونالد ترامب.
 
6- تأكيد التنسيق والتعاون والتعاون الاستراتيجي في المجالات الاستراتيجية على المستوى العسكري والاقتصادي والأمني.