الفصل 

58

 كان صفنات فعنيح في استراحته بالقرب من طيبة يجلس، ويباشر نتاج ما جمعه جنوده من قمح وشعير، حتى جاء اليه ذلك الجندي الذي أرسله إلى بيت أحمس، واستقبلته زوجته إيزيس، وقال له 

 

- لقد رفضت يا سيدي

- رفضت؟ 

- رفضت أن تجعل أحمس يقابلني؟

- قالت عد غداً ربما تجده

- ربما 

 

- أجل وفي حال أنك لا تجده ... سوف تجد الرد عندها هي 

سكت صفنات ، وبقي مفكرا ثم صرخ بصوت عال:

- رمسيس

وبسرعة دخل الصبي رمسيس ومعه المشروب ليقدمه له، فنظر له صفنات وقال له 

- دعك من هذا المشروب، وأريد أن ارسلك في مهمة

- مهمة 

 

قالها رمسيس مستغربا وهو غير معتاد على أن يرسل لمهام، فهو ساقي للرجل الثاني، فكيف يتركه لمهام أخرى؟ ... ولكنه قال 

- أمرك يا سيدي 

- أريدك أن تذهب إلى أحمس

فوجيء رمسيس بهذا الطلب، لذلك كرر الكلمة باندهاش

- أحمس؟

- أجل أحمس، اليس هو فرعونك القادم

 

لم يدر  رمسيس ماذا يقول وقد فوجيء بكلام صفنات المباشر ، ولكنه قال 

-  لا أدري عما تحكي يا سيدي

 

- اسمع، أنا لا يهمني مطلقا مشاكلكم السياسية، لقد عينني القدير في مهمة، هذه المهمة سوف تستغرق اربعة عشر سنة كاملة، وعلى الرغم من أني لا أعرف مصيري بعد أن أنهيها إلا أني أريد أن أنهيها بنجاح، وهذه المهمة يعطلها أحمس، الذي تعتبره أنت فرعون، ولا تقل لي أنك لا تعرفه، انت تعرفه، وعلى الأرجح هو من كلفك ان تكون معي كساقي، تصرف وقابله، وقل له ببساطة صفنات يريد أن يراك، تصرف وقابله

 

بدا رمسيس لا يدري ماذا يفعل، ولكن صفنات وفر عليه الكلام والرد بأمر مباشر 

- أذهب، ولا تعد بدون رد 

فلم يجد رمسيس ما يفعله سوى أن يرحل 

***

 

أرسل أبيبي إلى المعلم المصري الذي يشرف على تعليم أبنه "خامودي"، الذي كان صبياً صغيرا وقال له 

- ما اخبار خامودي 

- خامودي يا سيدي على الرغم من صغر سنه إلا أنه  طفلا طموحا يريد أن يتعلم كل شيء، وأنا احاول قدر استطاعتي أن أعلمه كل ما أعرف، لكنه في هذه الأيام حزين جدا

 

- أجل، أعرف هذا، فمنذ أن مات حصانه وقمنا بدفنه في مقابر الاحصنة الخاص بالقصر وهو يبكي عليه. 

- هو حصانه يا سيدي 

- أجل، لقد ولد الحصان في نفس يوم ميلاد خامودي، ورافقه حياته كلها، ومن الطبيعي أن يحزن عليه، ولكن هذا معناه أنه رقيق القلب، وهذا يزعجني 

- لا تنزعج يا سيد، لقد كان حصانه صديقه الأوحد

 

- وهذا ايضا يزعجني، أعتقد في أوقات فراغه دعه يذهب الى صفنات، لكي يراه ويتعلم منه 

- المشكلة يا سيدي أن صفنات دائم التنقل، من الشمال إلى الجنوب 

 

- أجل، لتعاونه الالهة، مهمته صعبة، حسناً افعل هذا عندما يستقر ولكني أريدك أن تدرب خامودي على فنون القتال، هل تفهمني؟ 

- أجل يا سيدي، أتفهمك جيداً

قالها وهو يبتسم  في خبث، فكيف يسند المرء إلى عدوه مهمه تعليمه القتال لكي يقاتله هو في النهاية؟! ... المشكلة أن هؤلاء الهكسوس لا يعرفون مشاعر أهل البلد الحقيقة، ولا يعرف من عدوه، ومن صديقه.     

#رواية_الشرنقة

#عمادحنا