عنونت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا نشرته على موقعها الإلكتروني اليوم الخميس، بجملة ظل العالم ينتظرها منذ أكثر من عام، وأكدت أن البشرية بدأت أخيرا "كتابة النهاية لوباء (كورونا) المستجد (كوفيد- 19)"، وأن نهاية الوباء لاحت في الأفق بعد أن أصبحت بريطانيا في يوم أمس أول دولة تمنح الموافقة الطارئة لاستخدام لقاح ضد الفيروس.

 
ونقلت الصحيفة عن مسئولين حكوميين في لندن قولهم إن التحصين الشامل ضد الوباء سيبدأ على الفور، مع توزيع 800 ألف جرعة أولية من اللقاح الذي طورته شركتا "فايزر" الأمريكية، و "بيونتيك" الألمانية بداية من الأسبوع المقبل.
 
وقالت الصحيفة: "إن الإعلان عن ذلك جاء بعد عام تقريبًا من توثيق أولى حالات الإصابة بفيروس (كوفيد- 19) في إقليم هوبي الصيني، ومنذ ذلك الحين، تسبب الفيروس في خسائر فادحة في العالم"، وأوضحت أن ما لا يقل عن 64 مليون شخص أصيبوا بالفيروس توفي منهم أكثر من 1.4 مليون شخص، فضلا عن الخسائر التي تكبدتها الاقتصادات الكبيرة والصغيرة جراء عمليات الإغلاق وإغلاق الحدود"، وأن إمكانية تطوير لقاح واختباره واعتماده في مثل هذا الإطار الزمني يعد إنجازًا لا يمكن إنكاره.
 
ونقلت الصحيفة عن أوجور شاهين الرئيس التنفيذي لشركة (بيونتيك) قوله -خلال مقابلة أجريت معه أمس- إنه يعتقد حقاً أن نهاية الوباء بدأت تقترب، وأن شركته تمكنت الآن من ضمان طرح جرئ للقاحها"، وأن المزيد من الدول بحاجة إلى الموافقة على اللقاح، لكن الأمر يظل "بداية جيدة".
 
وأكدت أن "بريطانيا، رغم أنها اتبعت نهج استجابة مشوشا للوباء في العديد من الجوانب، إلا أنها كانت استباقية في مجال اللقاحات، حيث أبرمت الحكومة البريطانية صفقات مع العديد من الشركات المصنعة، وصلت إلى تأمين أكثر من خمس جرعات لكل شخص، وطلبت مسبقًا 40 مليون جرعة من لقاح فايزر، كما أنها كانت أسرع من الولايات المتحدة وألمانيا ،وهما موطنان للشركات التي صنعته، في الموافقة عليه".
 
وأوضحت أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ووكالة الأدوية الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي، تواجهان حاليا دعوات وضغوطا لتسريع الجدول الزمني الخاص بهما من أجل منح الموافقة، كما أن هناك دولا أخرى تشعر أيضا بالضغط، فقد أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الأربعاء حكومته بالبدء في حملات التطعيم من الأسبوع المقبل، على الرغم من أن اللقاح المنتج محليًا في روسيا واجه اختبارات أقل صرامة.
 
وقالت الصحيفة "إنه مع احتدام سباق اللقاح، ثمة مخاوف من أن البلدان الفقيرة قد تتخلف عن هذا الركب، حيث لا يمكنها منافسة القوة العلمية أو الاقتصادية للدول الأكثر ثراءً عندما يتعلق الأمر بتطوير اللقاح أو شرائه، فيما تشير تقديرات من مركز أبحاث أمريكي إلى أن بعض الأشخاص في البلدان منخفضة الدخل قد يضطرون إلى الانتظار حتى عام 2024 للحصول على التطعيم!".
 
بدورها ذكرت مجلة "نيتشر" العلمية في هذا الأسبوع أن الاتحاد الأوروبي وخمس دول طلبت مسبقًا ما يقرب من نصف الإمدادات المتوقعة من اللقاحات لعام 2021 ، وعلى الرغم من أن بعض الدول ذات الدخل المتوسط ​​قد حصلت على صفقات جيدة، مثل الهند، التي تصنع لديها العديد من اللقاحات وحصلت أيضا على ملياري جرعة، كانت الدول الأكثر نجاحًا في هذا الشأن، هي الدول الغنية مثل كندا، التي تمكنت من تأمين ما يقرب من ثماني جرعات من اللقاحات لكل شخص على أراضيها.
 
مع ذلك، حاولت منظمة الصحة العالمية ومجموعات عالمية أخرى ، معالجة هذه المشكلة من خلال تشكيل مرفق للوصول العالمي للقاحات، والمعروف أيضًا باسم خطة كوفاكس، التي انضمت إليها أكثر من 150 دولة في العالم، وتهدف إلى تطوير وتوزيع ملياري جرعة من اللقاح بشكل منصف بحلول نهاية العام المقبل.غير أن الولايات المتحدة وروسيا رفضتا المشاركة فيها.
 
ورأت "واشنطن بوست" أيضا أن المشاكل لا تتعلق فقط بالإمداد، ولكن أيضا بالخدمات اللوجستية، حيث أنه يتعين حفظ لقاح فايرز في درجة حرارة باردة غير معتادة وتبلغ حوالي -94 درجة فهرنهايت، وهذا خارج عن قدرات العديد من البلدان في الوقت الحالي، لا سيما على النطاق المطلوب لبرامج التلقيح الشاملة، فسوف تحتاج الولايات المتحدة وحدها إلى ما لا يقل عن 50 ألف جهاز تجميد عميق من أجل جهود التطعيم، وذلك وفقًا لإحدى الشركات المصنعة.
 
وأكدت" أنه بالنسبة لبعض الدول، يشكل هذا الأمر حاجزًا يستحيل معه تقريبا التغلب عليه، فيقول رئيس جمهورية بالاو المنتخب سورانجيل ويبس جونيور إن لقاح فايزر ربما يكون غير وارد بالنسبة لنا ،كما أنه من المفارقات الغريبة أن هذه الجزيرة الصغيرة في المحيط الهادئ هي إحدى الدول الوحيدة التي أبقت الفيروس بعيدًا عن أراضيها!".
 
وقالت الصحيفة أن أحد المخاوف القائمة بالفعل تتمثل في أنه حتى لو أنهت بعض برامج التطعيم الوباء بشكل فعال في بعض الدول الأكثر ثراءً، فإن الفيروس نفسه يمكن أن يظل منتشرًا على نطاق واسع في البلدان الفقيرة- وهو ما قد لا يشكل خطرًا على الملايين ممن يعيشون في تلك الدول فحسب، وإنما سيسمح أيضًا بإمكانية استمرار الانتشار في مكان آخر".
 
وفي هذا السياق، يخوض مسئولو الصحة الدوليون صراعا مع مشكلة التوزيع العالمي منذ شهور، فقالت كاثرين أوبراين، مديرة قسم التحصين في منظمة الصحة العالمية، في وقت سابق من شهر نوفمبر الماضي، إن اكتشاف لقاح فعال للغاية يشبه بناء معسكر على جبل إيفرست.
 
وأضافت "إن الصعود إلى الذروة يتعلق حقًا بتقديم اللقاحات"، وذلك تعليقا منها على الأخبار الإيجابية حول لقاح آخر من إنتاج شركة موديرنا الأمريكية.
 
ومع ذلك، اتهم بعض المسئولين الأجانب بريطانيا في يوم أمس بالتعجل في هذا الصعود ،فقد وصف المتحدث الصحي لأحزاب يمين الوسط في البرلمان الأوروبي بيتر ليسي، هذه الخطوة بأنها "إشكالية" وحث الدول الأوروبية الأخرى على توخي الحذر، قائلا "إن أسابيع قليلة من الفحص الشامل من قبل وكالة الأدوية الأوروبية أفضل من تصريح تسويق طارئ عاجل للقاح".
 
واختتمت "واشنطن بوست" مقالها بقول إن كل الأنظار في العالم سوف تتجه حتما إلى بريطانيا عندما تبدأ في طرح لقاح فايزر، أن الطبيعة الدولية لهذا العمل الفذ تستحق التذكر والتكريم على حد سواء، نعم، لقد اقتربت نهاية الوباء، لكن الأمر سيستغرق جهودًا عالمية متواصلة للوصول إلى هذه الغاية.