إعداد: نبيل صموئيل
تُعرف الثقافة على أنّها نظام يتكوّن من مجموعة من المعتقدات، والإجراءات، والمعارف، والسلوكات التي يتمّ تكوينها ومشاركتها ضمن فئة معينة، والثقافة التي يكوّنها أيّ شخص يكون لها تأثير قوي ومهم على سلوكه، وتدلّ الثقافة على مجموعة من السمات التي تميّز أيّ مجتمع عن غيره، منها: الفنون، والموسيقى التي تشتهر بها، والدين، والأعراف، والعادات والتقاليد السائدة، والقيم، وغيرها.

وللثقافة مجموعة من العناصر الرئيسه، والتي تختلف وتتغيّر من ثقافة إلى أخرى، وتتطوّر بتطوُّر المجتمع، فالثقافة ليست حاله جامده للشعوب بل تتغير عبر الأزمنه والعوامل المحيطه سواء خارجيه أو داخليه لكن تظل السمات الرئيسه للثقافه قائمه. ولكل شعب ثقافته العامه التي يتميز بها وتعتبر من خصائصه الرئيسه، وحيث أنه يمكن أن يكون داخل كل شعب مجموعات وفئات تشكل في مجموعها هذا الشعب فيمكن ان يكون لكل مجموعه أو فئه او منطقه جغرافيه كالجنوب والشمال مثلا من هذا الشعب ثقافتهم الفرعيه والتي تشترك في كثير من سماتها مع الثقافه العامه لكنها يمكن أن تختص بسمات اخري لثقافتها الفرعيه،

والعناصر الرئيسه التي تُكّون ثقافه أي شعب هي عباره عن حزمه متداخله ومندمجة لتشكل هذه الثقافه وهذه العناصر هي:
- اللغة: وتعكس اللغة بمفرداتها المختلفه قيم وطبيعة المجتمع، وتمتلك بعض الشعوب أكثر من لغة أو العديد من اللهجات التي من المهم أن تؤخذ بعين الاعتبار؛ لأنّ عدم فهم اللغات أو اللهجات قد يؤدي إلى مشاكل في التواصل. وعندما يحدث تحولات في ثقافه شعب ما يمكن أن يظهر ذلك في تتشكل مفردات جديده لهذا الشعب. وللثقافات الفرعيه داخل الثقافه العامه مفردات لغويه ربما لا تكون في مفردات الثقافه العامه.

- التعليم: يُشير التعليم إلى الأفكار، والمهارات، والمواقف التي يتمّ نقلها إلى الأفراد، إضافة إلى التدريب في مجالات معينة، ويهدف التعليم إلى إحداث تغيير في المجتمع، كما يتمتع كل مجتمع بمستوىً من التعليم يختلف عن المجتمعات الأخرى.

- الفنون والآداب: تُشير الي كل ما يتعلق بأنواع الفنون والآداب والتي ترتبط بالجماليات وما يتعلّق بالجمال والذوق الرفيع داخل أيّ ثقافة، كالموسيقى، والفن، والرقص، والدراما السائدة في مجتمع ما، وغيرها من الأمور،وفي الآداب مالقصه والشعر والنثر والحكي ويؤدي اختلاف هذا العنصر بين مجموعة من الثقافات إلى الاختلاف في التصاميم والألوان، وغيرها من الأمور الجمالية داخل كلّ ثقافة، واذا حدث تغيير في الحاله الثقافيه لشعب ما يظهر ذلك أيضا في طبيعه وأنواع الفنون والآداب ومدي تذوقها وتطورها من عدمه.

- الدين: يساعد الدين السائد ضمن أيّ ثقافة في مجمتع ما على تفسير الكثير من سلوكات الأفراد الذين يعيشون فيه، وهو أفضل وسيلة تساعد على الإجابة عن سبب تصرُّف الأشخاص بتصرُّفات معينة بدلاً من الإجابة عن كيف يتصرَّف الأشخاص ذلك. وتختلف المظاهر العامه للسلوك والتصرفات بحسب الإتجاه العام في التفسيرات والتأويلات للنصوص الدينيه وتكون عاملا مؤثرا علي مدي إنفتاح الثقافه أو إنغلاقها.

- القيم والاتجاهات: تنشأ القيم والإتجاهات في معظم الأوقات من أساس دينيّ، ومتأثره  بالموروث الاجتماعي للسلوك البشري الذي ساعد على تشكيل الثقافة.

- التنظيم الاجتماعي: يُشير التنظيم الاجتماعي إلى الأسلوب والطريقة التي يتعامل بها أفراد المجتمع مع بعضهم البعض، والتي تنظِّم حياتهم. ويتأثر ذلك كثيرا بالعناصر السابقه كالقيم والإتجاهات والتعليم والدين وخلافه.

- الثقافة الماديّة: تُشير الثقافة المادية إلى الأمور المادية التقنية كالاتصالات، والنقل، والطاقة التي تتوفر في مجتمع ما، والتي يؤدي توافرها أو عدمه إلى إحداث تغيّرات مرغوبة أو غير مرغوبة في ثقافة أيّ مجتمع.

- العادات والتقاليد وكل ما يختص بإسلوب حياه الشعوب في المأكل والمشرب والسكن والترفيه وخلافه. وايضا يتأثر ذلك بالعناصر الأخري التي ذكرت.
كما توجد عناصر أخري للثقافه لكن هذه هي العناصر الرئيسيه لها.

خصائص الثقافة: يوجد العديد من الخصائص المميِّزة لأيّ ثقافة:
فتُعدّ الثقافة ظاهرة اجتماعيّة، فهي نتاج أيّ مجتمع ولا تتشكّل كظاهرة فردية، فهي تحتاج  لوجود مجتمع كامل حتى يستطيع أيّ فرد تشكيل وتطوير ثقافته من خلال تفاعله الاجتماعي مع الآخرين ضمن المجتمع.

كما تعتبر الثقافة سلوك متعلّم، فهي ليست إرثاً بيولوجيّاً يُورَث من الآباء، كما أنّها ليست أمراً يُكتسب بالفطرة لكنّها موروث اجتماعي، أيّ يتمّ تعلّم السلوكات السائدة في المجتمع من خلال التفاعل والتواصل مع الأفراد الآخرين فيه كما يلعب التقليد أو التشبه بآخرين لهم نفوذ في المجتمع عاملا في إنتشار السمات الثقافيه في المجتمع.

وتنتقل الثقافة من جيل إلى آخر من خلال انتقال الصفات الثقافية من الآباء إلى أطفالهم، والذين بدورهم ينقلونها إلى أطفالهم مستقبلاً، وهكذا، وهو ليس انتقالا وراثيا عن طريق الجينات، إنّما من خلال التفاعل واللغه والرموز المؤثره في المجتمع.

وبالطبع تختلف الثقافة من مجتمع إلى آخر ، فلكل مجتمع ثقافته بسماتها وخصائصها الخاصه به، ويأتي هذا الإختلاف بسبب العناصر المكونه للثقافه المذكور عاليه والتي يتفرد بها كل مجتمع، وتظهر الإختلافات في صور العادات والتقاليد، والمعتقدات وغيرها من مجتمع إلى آخر.

تستمر الثقافة  وتتراكم عبر عقود بل قرون من الزمان فهي لاتنسي وهي تعتبر عمليه مستمره تنتقل من جيل الي جيل، وتتغير بفعل عوامل تمر بها المجتمعات سواء داخليه أو خارجيه إجتماعيه وإقتصاديه وسياسيه، وقدرتها  علي الإنفتاح  والإنغلاق علي ثقافات أخري الي غير ذلك من عوامل مع الإحتفاظ بالسمات الأصليه لها، لذلك قد نجد في بعض المجتمعات تغيرات كبيره في ثقافه الأجيال، لذا فتعتبر  الثقافه ديناميكيّة وليست إستاتيكيه، وتتغيّر الثقافة من مجتمع إلى آخر ومن جيل إلى آخر  في نفس المجتمع عبر الزمن، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ تلك التغيّرات تتمّ بسرعات مختلفة.

وكلما سادت القيم والمبادئ الإنسانية والروحيه والجماليه في مجتمع ما،
وكلما اهتمت الشعوب بتنشئة أجيالها علي هذه القيم والمبادئ،
وكلما كانت هناك فرصا أكبر لتطور الفنون والآداب بكل فروعها وانواعها،
وكلما ساد العدل والفرص المتكافئة بين الجميع دون تمييز او محاباه،
كلما ارتقت وازدهرت ثقافه الشعوب.