فى مثل هذا اليوم 27 نوفمبر 1981م..
بدأت في القاهرة محاكمة قتلة الرئيس أنور السادات اثناء الإستعراض العسكري. وحكمت المحكمة بالإعدام على خمسة من مدبري ومنفذي الإغتيال. كما حكمت بالسجن لمدد طويلة على بعض المتهمين بالضلوع في مقتل الرئيس المصري. أما في إيران فقد اطلق اسم المتورط الأول في هذه القضية ضابط المدفعية خالد الإسلامبولي على أحد الشوارع، كما صدرت عدة طوابع بريدية تكريما له.

اغتيال السادات:
احتفالات 6 اكتوبر 1981:
لم يكن هناك مايشير الى ان هذا اليوم سيكون يوما غير عادي ..

لم يكن هناك مايشير الى ان هذا اليوم سيكون آخر يوم في عمر ، وفي حكم السادات ..

لم يكن هناك مايشير الى ان هذا اليوم الذي يحتفل فيه السادات بذكرى انتصاره ، سيكون هو يوم مصرعه ..

في ذلك الصباح وقفت 6 ( لواري ) عملاقه تحمل جنود الامن المركزي ، خلف جامع جمال عبد الناصر، بالقرب من وزارة الدفاع ، التي تعود السادات زيارتها صباح كل 6 اكتوبر ..اصطف جنود الشرطة بطول طريق صلاح سالم ، والطرق الفرعيه المؤدية الى ارض العرض العسكري ..اغلقت حواجز الشرطة العسكرية في الشوارع الرئيسية بالمنطقة. تولت نقاط الامن المتعددة ، والمتنوعة تفتيش بطاقات المدعوين لحضور العرض ، والتاكد من ان سياراتهم الخاصة ، لصق على زجاجها الامامي ، التصريح الاحمر الذي استخرجته ادارة المراسم بوزارة الدفاع. الى هذا الحد كانت تبدو اجراءات الامن بل أن اجراءات الامن وصلت في صرامتها ( الشكلية ) الى حد منع ظابط - عقيد - من سلاح الاشارة ومجموعة صغيرة من المهندسين الظباط من دخول المنصة في الساعة السادسة من صباح ذلك اليوم ..

المنصة:
كان السادات يجلس كالعادة في الصف الاول .. ومعه كبار المدعوين والضيوف ..على يمينه جلس نائبه حسني مبارك ، ثم .. الوزير العماني شبيب بن تيمور .. وهو وزير دولة سلطنة عمان ، وكان مبعوث السلطان قابوس الذي كان الحاكم الوحيد بين الحكام العرب، الذي لم يقطع علاقته بمصر ، ولا
بالسادات بعد زيارته للقدس ومعاهدة كامب ديفيد

بعد الوزير العماني ، جلس ممدوح سالم ، مستشار رئيس الجمهورية الذي كان من قبل رئيسا للوزراء ، والذي كان اول وزير للداخلية بعد سقوط ( مراكز القوى ) و حركة 15 مايو 1971 ..

بعد ممدوح سالم كان يجلس الدكتور عبد القادر حاتم ، المشرف العام علىالمجالس القومية المتخصصة ، وهو من رجال عبد الناصر الذين قربهم السادات اليه ..

وبعد الدكتور حاتم كان يجلس الدكتور صوفي ابو طالب رئيس مجلس الشعب .. على يسار السادات كان يجلس وزير الدفاع محمد عبد الحليم ابو غزاله .. ثم المهندس سيد مرعي صهر السادات ، ومستشاره السياسي وبعده كان عبد الرحمن بيصار شيخ الازهر ثم الدكتور صبحي عبد الحكيم رئيس مجلس الشورى ..فرئيس الاركان عبد رب النبي حافظ..فقادة الافرع الرئيسية للقوات المسلحة ..

وفي الصف الثاني _ خلف السادات مباشرة _ كان يجلس سكرتيرة الخاص فوزي عبد الحافظ

ولا احد يعرف بالضبط الحوار، والتعليقات المتبادلة بين السادات ونائبة ووزير الدفاع" لكن بعض المصادر تشير الى انهم كانوا يتحدثون عن شحنات الاسلحة الامريكية الجديدة ، ومواعيد وصولها وكانوا يتحدثون عن احتفالات الانسحاب الاسرائيلي الاخير من سيناء في 25 ابريل 1982 وكانت حالة السادات النفسية والمعنوية في القمة..

وكثيرا ماكان يقف تحية للمارين امامة واحيانا كان يرفع (الكاب ) لهم واحيانا كان يصفق لهم واحيانا كان يدخن الغليون ولم يتوقف عن تبادل التعليقات مع نائبة ووزير الدفاع..

بدا العرض العسكري بداية تقليدية..

طوابير من جنود وضباط الاسلحة المختلفة ..حملة الاعلام .. طلبة الكليات العسكرية.. بالونات والعاب نارية في السماء .. ثم..جاء دور طائرات (الفانتوم) وراحت تشكيلاتها تقوم ببعض الالعاب البهلوانية ،وتنفث سحابا من الدخان الملون 00 وفي نفس الوقت..

قال المذيع الداخلي : (والان تجئ المدفعية)
فتقدم قائد طابور المدفعية لتحية المنصة، وهو محاط بعدد من راكبي (الموتوسيكلات) وامام الرئيس ونائبة ووزير الدفاع وكبار القادة والضيوف،وكاميرات التلفزيون توقف فجاة احد هذة (الموتوسيكلات)اصيب بعطل مفاجئ غير متوقع واختفى النبض من الموتور تماما لم يتوقف قائد الطابور ،حتى لايرتبك من يتبعونة ، وترك قائد الموتوسيكل يتصرف بمفردة وكان ان نزل الرجل من فوق الموتوسيكل وراح يدفعة بيدية الا مام وكان من حسن حظة ان معدل سير باقي (الموتوسيكلات) كان بطيئا يسمح لة بملاحقتها لكنة سرعان ماهبط فوق كتفية طائر سوء الحظ فزلت قدماة ،وانكفا على الارض ،ووقع الموتوسيكل فوقة فتدخل جندي كان يقف بالقرب من المنصة واسعفة بقليل من الماء مر الحادث بسلام ..

وساهمت في ذلك تشكيلات (الفانتوم)التي كانت لاتزال في السماء،وتسرق انظار ضيوف المنصة الذين راحوا يستمتعون ببراعة الطيارين الذين يقودونها ..
المفاجأة التي شلت الجميع:
وفجاة ارتجت احدى العربات وانحرفت الى اليمين قليلا وتصور الحاضرون ان السيارة اصابتها لعنة الموتوسيكل وتعطلت وعندما نزل منها ظابط ممتلئ قليل انتصوروا انة سيسعى لاصلاحها وانة سيطلب العون لدفعها الى الامام بعيدا عن المنصة ،كما حدث من قبل في عروض عسكرية سابقة اقيمت في عهدي عبد الناصروالسادات..

لم يشك احد في عطل العربه -الجرار..

بل أن قليلين هم الذين انتبهوا لذلك..

وكان اول ما فؤجى به الحاضرون بعد ذلك هو رؤية الظابط الممتلئ الذى قفز من العربة وهو يلقى بقنبلة يدوية،تطير في الهواء ثم ترتطم بسور المنصة منفجرة ..

في ذلك الوقت كان المذيع الداخلي يحيي رجال المدفعية ويقول : ( انهم فتية آمنوا بربهم )!!

كان ذلك الظابط هو الملازم خالد الاسلامبولي الظابط العامل باللواء 333 - مدفعية ..

جرى خالد الاسلامبولي الى العربة ، وفتح بابها ، وامسك بمدفع رشاش .. عيار 9 مم .. وطراز ( بور سعيد ) .. في نفس اللحظة ، كان هناك فوق صندوق العربة شخص آخر ، يلقي بقنبلة اخرى سقطت بالقرب من المنصة بحوالي 15 مترا .. وسقط من القاها في صندوق العربة .. وكان ذلك الشخص هو ( عطا طايل ) ..

وقبل ان ينتبه احد ، من الصدمة ، القى خالد الاسلامبولي ، القنبلة اليدوية الدفاعية الثالثة في اتجاه المنصة .. فسقطت بالقرب منها لكنها لم تنفجر هي الاخرى .. واكتفتى باخراج دخان كثيف منها ..

وقبل ان ينتهي الدخان ، انفجرت القنبلة الرابعة ، واصابت سور المنصة ايضا ..وتناثرت شظاياها في انحاء متفرقة ..لكن .. هذه الشظايا لم تصب احد ..وكان السبب هو سور المنصة الذي كان بمثابة ( الساتر ) الذي حمى من خلفها من شظاياها .. وكان رامي هذه القنبلة هو عبد الحميد عبد العال ..

في تلك اللحظة انتبه ابو غزاله .. واحس ان ثمة شئ غير طبيعي يحدث ..وقد تأكد من ذلك بعد ان لمح الرشاش في يد خالد الاسلامبولي ..واكتشف انه عار الرأس ، ولا يضع (البريه ) كالمعتاد .. وانتبه السادات هو الاخر ..

وهب من مقعده واقفا .. وانتصبت قامته ..وغلى الدم في عروقه .. وسيطر عليه الغضب .. وصرخ أكثر من مرة : ( مش معقول ) ..( مش معقول ) ..( مش معقول ) ..

وكانت هذه العبارة المكررة هي آخر ماقاله السادات ..فقد جائته رصاصة من شخص رابع كان يقف فوق ظهر العربه ويصوب بندقيته الآليه ( عيار 7.92) نحوه .. وكان وقوف السادات ، عاملا مساعدا لسرعة اصابته ..فقد اصبح هدفا واضحا ، وكاملا ، ومميزا .. وكان من الصعب عدم اصابته .. وخاصة ان حامل البندقية الالية هو واحد من ابطال الرماية في الجيش المصري وقناص محترف ..

كان ذلك هو الرقيب متطوع (حسين عباس علي ) ..

اخترقت الرصاصة الاولى الجانب الايمن من رقبة السادات في الجزء الفاصل بين عظمة الترقوة وعضلات الرقبة .. واستقرت اربع رصاصات أخرى في صدره ، فسقط في مكانه .. على جانبه الايسر ..واندفع الدم غزيرا من فمه ..ومن صدره .. ومن رقبته .. وغطت ملابسه العسكرية المصممة في لندن على الطراز النازي -الالماني ..ووشاح القضاء الاخضر الذي كان يلف به صدره والنجوم والنياشين التي كان يعلقها ويرصع بها ثيابه الرسمية المميزة ..

بعد ان اطلق حسين عباس دفعة النيران الاولى ، قفز من العربة ، ليلحق بخالد وزملائه الذين توجهوا صوب المنصة .. في تشكيل هجومي ، يتقدمهم خالد ، وعبد الحميد على يمينه ، وعطا طايل على شماله .. وبمجرد ان اقتربوا من المنصة اخذوا يطلقون دفعة نيران جديده على السادات ..وهذه الدفعة من النيران اصابت بعض الجالسين في الصف الاول ، ومنهم المهندسين سيد مرعي ، والدكتور صبحي عبد الحكيم الذي سارع بالنبطاح ارضا ليجد نفسه وجها لوجه امام السادات الذي كان يئن ويتألم ويلفظ انفاسه الاخيرة ..ومنهم فوزي عيد الحافظ الذي اصيب اصابات خطرة وبالغة وهو يحاول ان يكوم الكراسي فوق جسد السادات ، الذي ظن انه على قيد الحياة ، وان هذه المقاعد تحمي حياته ، وتبعد الرصاصات المحمومة عنه ..

كان اقرب ظباط الحرس الجمهوري الى السادات عميد اسمه احمد سرحان ..وبمجرد ان سمع طلقات الرصاص تدوي ، سارع اليه وصاح فيه : (انزل على الارض ياسيادة الرئيس ..انزل على الارض ..تنزل ).. ولكن ..

كان الوقت - كما يقول العميد احمد سرحان - متاخرا ..( وكانت الدماء تغطي وجهه وحاولت ان افعل شيئا واخليت الناس من حوله ، وسحبت مسدسي واطلقت خمسة عيارات في اتجاه شخص رايته يوجه نيرانه ضد الرئيس ) . لم يذكر عميد الحرس الجمهوري من هو بالظبط الذي كان يطلق نيرانه على السادات ..فقد كان هناك ثلاثة امام المنصة يطلقون النيران ( خالد ، وعبد الحميد ، وعطا طايل )..كانوا يلتصقون بالمنصة الى حد ان عبد الحميد كان قريبا من نائب الرئيس حسني مبارك وقال له : - انا مش عايزك ..احنا عايزين فرعون ..

وكان يقصد بفرعون انور السادات !

واشاح خالد لابو غزاله قائلا :
- ابعد
قال ذلك ، ثم راح هو وزملائه يطلقون الرصاص ..فقتل كبير الياوران ،اللواء حسن عبد العظيم علام (51) سنه، وكان الموت الخاطف ايضا من نصيب سبعةآخرين هم مصور السادات الخاص محمد يوسف رشوان ( 50 سنه ) ..وسمير حلمي (63 سنه )وخلفان محمد من سلطنة عمان .. وشانج لوي احد رجال السفارة الصينية ..وسعيد عبد الرؤوف بكر ..

وقبل ان تنفذ رصاصات خالد الاسلامبولي ، اصيب الرشاش الذي في يده بالعطب ..وهذا الطراز من الرشاشات معروف انه سريع الاعطال خاصة اذا امتلاات خزانته ( 30 طلقة بخلاف 5 طلقات احتياطية )،عن آخرها ..وقد تعطل رشاش خالد بعد ان اطلق منه 3 رصاصات فقط . مد خالد يده بالرشاش الاخر الى عطا طايل الذي اخذه منه واعطاه بدلا منه بندقيته الالية واستدار عطا طايل ليهرب..

لكنه فوجئ برصاصة تاتي له من داخل المنصة وتخترق جسده .. في تلك اللحظة فوجئ عبد الحميد ايضا بمن يطلق عليه الرصاص من المنصة ..اصيب بطلقتين في امعائه الدقيقةورفع راسةفي اتجاةمن اطلق علية الرصاص ليجدرجلا يرفع طفلا ويحتمي به كساترفرفض اطلاق النار عليه..وقفزخلف المنصه ليتاكدمن ان السادات قتل ..واكتشف لحظتها انه لايرتدى القميص الواقى من الرصاص .. وعاد وقفز خارج المنصة وهو يصرخ :

ـ اللــه اكبـر الــله اكبر! في تلك اليله نفدت ذخيرة حسين عباس فأخذمنه خالد سلاحه وقال له : (بارك الله فيك.. اجر.. اجر..) ونجح في مغادرة ارض الحادث تماما .. ولم يقبض علية الابعد يومين .

اما الثلاثة الاخرون فقد اسرعوا ـ بعد أن تاكدوا من مصرع السادات ـ يغادرون موقع المنصة.. في اتجاة رابعة اليعدوية..وعلى بعد75مترا وبعدقرابة دقيقة ونصف انتبةرجال الحراس وضباط المخابرات الحربية للجناة فا طلقواالرصاص عليهم..فاصابوهم فعلا..وقبضت عاليهم المجموعة75-مخابرات حربية وهم في حالةغيبويه كاملة. وبعد ان افاق الحرس من ذهول المفأجاة.. وبعد اصابة المتهمين الثلاثة، بدأ اطلاق النار عشوائيا على كل من يرتدى الزى العسكرى ، ويجرى في نفس الاتجاه الذى كان يجري في الجناه فاصيب 3 اشخاص وفيما بعد.. ثبت من تحقيقات المحكمة أن عبد الحميد وعطا كانا ينزفان وهم يجريان .. وثبت ايضا أن رجال المجموعة75 اخذوا اسلحتهم بعد اصابتهم .. وثبت كذلك بعض هذه الاسلحه كان بها ذخيرة.

وقال العقيد محمد فتحي حسين (قائد المجموعة75) امام المحكمة ـ أن اسلحة بعض المتهمين كان فيها ذخيرة وانهم لم يردواعلى رجال المخابرات عندما اطلقوا عليهم الرصاص ..وكان عدم الرد على رصاص رجال المخابرات الحربية قناعتهم بانتهاء مهمتهم عند قتل السادات ، ولانهم اعتبروا انفسهم شهداء منذ تلك اللحظة وفيما بعد شوهد ممدوح سالم في الفيلم التلفزيوني الايطالي الذي صور الحادث وهو يلقي عددا من المقاعد في اتجاه السادات وشوهد وهو يشد حسني مبارك الى اسفل ..وشوهد نائب رئيس وزراء سابق وهو يتسلل باحثا مهرب من هذا الجحيم ..

خالد أحمد شوقي الإسلامبولي (15 يونيو 1955 - 15 أبريل 1982) ضابط مصري وعضو جماعة الجهاد الإسلامي دبر ونفذ عملية عملية اغتيال الرئيس المصري أنور السادات أثناء العرض العسكري يوم 6 أكتوبر 1981. وقد أعدم رمياً بالرصاص في 15 أبريل 1982.!!

ومن أشهر المحاكمات التي شغلت الرأي العام في مصر وأثارت جدلا وسخطا وغضبا وخلافات داخلها وخارجها محاكمة قتلة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، الذي اغتاله متطرفون في صباح السادس من أكتوبر 1981، حيث بدأت محاكمة قتلة السادات، والتي ضمت 24 متهما قدموا إلى محاكمة عسكرية وتبرع بالدفاع فيها أكثر من 30 محاميا كان من بينهم أقباط ويساريون.

جاء في مذكرة إدارة المدعي العام العسكري - بحسب النصوص الرسمية-: إنه في حوالى الساعة 12.30 ظهر يوم الثلاثاء 6 أكتوبر 1981، وأثناء مرور العربات «الكراز» قاطرات المدفع 130مم وسط وأمام المقصورة الرئيسية للعرض العسكري توقفت إحدى هذه العربات لتنفيذ مخطط إجرامي بواسطة «4» أفراد من راكبيها، يستهدفون اغتيال الرئيس محمد أنور السادات،، وهم: الملازم أول خالد أحمد شوقي الإسلامبولي، والملازم أول سابقا عبدالحميد عبدالسلام ـ كان ضابطا عاملا بالسلاح الجوي - والملازم أول احتياطي مهندس عطا طايل حميدة رحيل - من مركز تدريب المهندسين - والرقيب متطوع حسين عباس محمد ـ من قوة الدفاع الشعبي..

القاضي في المحكمة، فكان اللواء سمير فاضل، وقال عنه رئيس هيئة الدفاع في قضية اغتيال السادات عبدالحليم مندور: «إن اللواء سمير فاضل كان قاضيا فاضلا، وأن أي قاض آخر في مكانه وفي ظروف مقتل رئيس الجمهورية لم يكن ممكنا أن يعطينا أكثر مما أعطانا سمير فاضل، حيث كنا نترافع كما نشاء وبما نشاء، وكل ما في الأمر أن المحكمة كانت في منطقة عسكرية - نائية داخل الجبل - وكنا نضطر لركوب سيارة عسكرية خاصة للدخول بها إلى حيث المحكمة من حيث الضمانات لم نمنع من أن نقول أي شيء، لكن لم يوافق القاضي على مسألة إقامة الحد على رئيس الجمهورية».

وشارك المحامون ـ آنذاك ـ في الدفاع عن قتلة السادات في القضية العسكرية، وذلك ما قاله محامي الجماعات الإسلامية منتصر الزيات - وكان كثير من هؤلاء المحامين جاءوا ليصفوا خلافاتهم السياسية مع السادات - وكنا نسمع في المحكمة دفاعا لا ادعاء ضد السادات، وليس دفاعا عنا.

خبايا المحاكمة
وكتب المحامي الراحل شوقي خالد في كتابه «محاكمة فرعون... خبايا محاكمة قتلة السادات» قائلا:«طالبت النيابة بإصرار بأن تكون ضربة البداية سماع شهود الإثبات فورا، لكن الدفاع تمسك بطرح العديد من الأمور الشكلية أولا: مثل هل المحكمة المنعقدة محكمة مختصة؟ وهل قرار الإحالة على المحكمة سليم؟ وهل صدر القرار من جهة محايدة؟ وهل تمت التحقيقات بصورة قانونية؟ وهكذا... وهذه الأسئلة هي مفاتيح جيدة لأي دفاع، لأنها تبحث في أساس العدالة.

واستطرد شوقي خالد قائلا:«إن أي جناية عسكرية - تطبيقا للقانون - تقضي بوجود أمر بالإحالة، والقانون يخص رئيس الجمهورية بالإحالة والتصديق، ويعطيه الحق في تفويض وزير الدفاع، ومن يليه في الرتبة - في الأمرين ـ إلا عند التصديق على أحكام الإعدام، وطرد الضباط من الخدمة العسكرية، وفي هذه القضية كان وزير الدفاع هو الآمر بالإحالة، وكان رئيس الجمهورية هو الضابط المصري، وكان هذا الإجراء مثار اعتراض من المحامين، إذ إن وزير الدفاع كان خصما في الدعوى وطرفا فيها، لأنه - حسب قرار الاتهام - كان مقصودا بالقتل، وقدم ضمن أحراز القضية ما يفيد تعرضه لرصاص القتلة «الكاب الخاص به»، وبطاقة دعوى لحضور الاحتفال كذلك فإن رئيس الجمهورية كان أيضا طرفا وخصما في الدعوى، لأنه كان مقصودا بالقتل حسب قرار الاتهام.

شهود الإثبات
وبعد استجواب الجناة الأربعة «الملازم أول خالد أحمد شوقي الإسلامبولي «24 سنة» والضابط السابق بالدفاع الجوي عبدالحليم عبدالعال -28 سنة وملازم أول مهندس - احتياطي - عطا طايل حميدة رحيل - 26 سنة- ورقيب متطوع من قوة الدفاع الشعبي حسين عباس محمد « 27 سنة» - واستدعت المحكمة شهود الإثبات في القضية رقم «7» لسنة 1981 جنايات عسكرية أمن دولة عليا.

تم استدعاء عميد أركان حرب أحمد متولي الزهيري، وعند سؤاله بإمكانية تحديد عدد القنابل التي قيل إنها انفجرت في مسرح الحادث أجاب: رأيت «3» قنابل يدوية تُلقى تباعا انفجرت منها اثنتان، وفاتني أن أذكر أثناء الإدلاء بشهادتي أني وجدت بالمنصة الرئيسية قنبلة يدوية لم تنفجر بجوار رئيس هيئة التنظيم والإدارة، وأسرعت بإبعاده عنها، وبسؤاله: هل عاينت هذه القنبلة للتأكد من كونها هجومية أم دفاعية؟ أجاب:«هذه القنابل من القنابل الهجومية والقنبلة الكاذبة لم يسمح لي الوقت بمعاينتها» وعندما سئل: عن أي أساس يقطع بأن القنابل هجومية؟ أجاب:«نحن العسكريين نعلم بذلك» وبسؤاله عن لون القنبلة التي قدرت أنها كاذبة ولم تنفجر؟! أجاب إنها كانت تميل للون الأحمر ومغلفة بشريط.

أما شاهد الإثبات الثاني فكان العقيد بإدارة المخابرات الحربية محمد فؤاد حسين، الذي كان ضمن من تولوا التحقيق مع خالد الإسلامبولي وزملائه في غرفة الإنعاش في المستشفى. وعندما سئل - بحسب نصوص التحقيقات الرسمية - إذا ما كان أفراد المخابرات الذين يحرسون المنصة يحملون أسلحة نارية؟

أجاب: مصرحا لأفراد... قائلا: نعم كل في مكانه، وسئل ما نوع تسليحهم؟ فأجاب طبنجة.

وعن نوعها؟
أجاب: أنواع مختلفة، وعندما سئل هل أطلق أفراد المخابرات النيران من سلاحهم؟

أجاب لحظة القبض على المتهمين! وبسؤال: هل كان في إمكان المتهمين القضاء على جميع من بالمنصة؟

أجاب: نعم لولا قدر الله ولطفه، وعندما سئل عن الوقت الذي استغرقه المتهمون في الانسحاب، وهل كان ذلك بعد أن فرغت أسلحتهم من الذخيرة؟ أجاب: الأسلحة كانت بها ذخيرة، وعندما سئل: متى تم إطلاق النار عليهم؟ فأجاب: بعد انسحابهم من أمام المنصة.

وأكملت المحكمة سؤالها العقيد محمد فؤاد حسين عما إذا كانوا ألقوا السلاح بعد مغادرتهم مكان المنصة، فأجاب: «بعضهم ألقى السلاح، وبه ذخيرة»! وبسؤاله: هل كان بالسلاح ذخيرة وقت إلقائهم له؟ رد: نعم، وعندما سئل هل شاهدت القنبلة التي لم تنفجر؟ قال نعم، وبالسؤال عن نوعها فقال «إف. وان» لونها أصفر، وبسؤاله عما إذا كان المتهمون سلموا أنفسهم أم انسحبوا وقاوموا؟

قال: هم انسحبوا في اتجاه شارع «رابعة العدوية» وأطلق عليهم الرصاص، ونفدت ذخيرتهم وتم توقيفهم، وبسؤاله هل كان معهم ذخيرة؟ أجاب: كانت بعض البنادق بها ذخيرة والبعض الآخر لم يكن به ذخيرة بدليل إصابة بعض ضباط المخابرات أثناء انسحاب المتهمين، وبسؤاله عما إذا كانت القنبلة دفاعية أم هجومية؟ أجاب: دفاعية.

وهنا ملاحظتان تنبه إليهما الدفاع، وكان يجب تسجيلهما والالتفات إليهما: الأولى في أقوال الشاهد الأول، الذي قال: إن القنبلة حمراء ملفوفة بشريط، والثاني قال إنها صفراء، والملاحظة الثانية أن الشاهد الأول قال: إن القنبلة هجومية، فيما قال الثاني إنها دفاعية.

أما الشاهد الثالث، وهو قائد عربة القتلة. الجندي عصام عبدالحميد فقال:«دخلنا إلى أرض العرض وقبل المنصة بنحو نصف متر، بصّيت لقيت التلات عربيات المتأخرين شاورت لهم يبقوا في الحذا... ولقيت الضابط خالد أخذ الرشاش من جنبي وحطه على رجليه وهددني.

وقال لي: قف، وإذا ما وقفتش هاضربك بالنار، ووقفت وفتح الباب ولقيت الدنيا مرتبكة، وعندما سألته النيابة: ما سبب عدم نزع كتلة الترباس من الرشاش بالرغم من صدور الأوامر بنزعها؟ فأجاب الجندي: إن الضابط خالد قال لي: ماتنزعهاش أحسن تضيع وتتحاكم.

وسألت النيابة الجندي عصام عبدالحميد: هل الترباس به إبرة ضرب النار؟ فقال: نعم، وبسؤاله... قرر أن خالد أخذ منه السلاح فلماذا سلمه له وكيف كان ذلك؟ رد قائلا: السلاح كان بيني وبينه، وفي لحظة ما كنت باشاور للعربات الأخرى لتسير في الحذا أخذه من جنبي، والعربيات كانت متأخرة عن اللي في الصف، أما بسؤاله إذا كان يعلم أن الرشاش من دون ذخيرة فلماذا خاف منه؟ أجاب أنا خفت من الحاجة الصفرا اللي في إيده لأني كنت أول مرة أشوفها.

التخطيط للحادث:
أما الجندي صبحي عبدالمقصود محمود، فقال: إنه يوم «5» من أكتوبر جمعوا السلاح، وخلوا الثلاثة دول خدمة عليه «جمال وعزت وأحمد»، وهذه هي الأسماء الحركية التي منحها خالد لعبدالحميد عبدالسلام، وحسين عباس وعطا طايل، واحنا نمنا على العربيات، وهم ناموا في الجبهة والصبح استلمنا السلاح وفتشنا عليه فوجدنا فيه إبر ضرب النار.

وفي مدينة نصر «شرق القاهرة» الضابط خالد قال: إنزلوا اعملوا صيانة، وهو كان متصور يقعد مع الضباط، ولكنه لم يجلس معاهم وراح قاعد في كابينة العربية، وكان الرئيس وضع إكليل الزهور على قبر الجندي المجهول عند النصب التذكاري، وكان الضابط خالد فاتح الراديو، وأثناء قراءة الرئيس الفاتحة على روح الشهداء قال: «اقرأوا الفاتحة على روح الشهداء يا رجالة»، وبعدين جه دورنا ومشينا ولما وصلنا عند المنصة أحمد رمى حاجة صفراء طلعها من سترته وعزت برضه...!!