كتب : مدحت بشاي
medhatbe9@gmail.com
 
إذا كانت المعرفة قوة كما قال  " فرنسيس بيكون " ، فإن قوة المعرفة مفتقدة للأسف في الشارع المصري  ، قافتقاد الثقافة القانونية والتاريخية على سبيل المثال  حكاية ينبغي أن نتوقف عندها   ..
 
وبالتأكيد أن المعرفة و امتلاك الأفكار الحية الديناميكية المتطورة، وتنمية الوعي النقدي، و تفعيل وتنشيط مراكز البحث العلمي، والسعي لخوض المجهول واكتشاف أسراره، هي طريقنا الوحيد لعيش عصرنا، وامتلاك قوة وسلطة حقيقة تمكننا من تطوير بلادنا، وتأمين مؤسساتها ونظامها، وصنع حاضرها ومستقبلها.
 
في موقف شهير ، وعند توقيع اتفاقية كامب دافيد بحضور الرئيس الأمريكي " كارتر " ، إنبرى " مناحم بيجين " رئيس الكيان الإسرائيلي أنئذ  قائلاً " لقد تعبنا جداً في إنجاز تلك المفاوضات ، ولعلها تعد امتداداً لتعب الأجداد في بناء الأهرامات " وكأنه يعلن للعالم كله أن الأهرامات إسرائيلية ، وأكتفى الرئيس السادات بضحكته الشهيرة للأسف ، رغم الفرصة التاريخية للرد على تلك الخزعبلات ، ولكنها أزمة فقدان الجاهزية الكاملة لإدارة المعرفة والاحتماء بثوابتها وفيض تفاصيلها !
 
وعلى سبيل المثال أيضًا  ، كانت تصريحات الكاتب "يوسف زيدان" السلبية حول شخصية " صلاح الدين الأيوبي " والاتهامات التاريخية له ، قد استدعت حالة الغضب لدى الكثيرين والرد على كل مزاعم الكاتب سواء هي في الواقع صحيحة أم زائفة ، ولكن ارتباط العامة وجدانياُ  بأحداث الفيلم الشهير الذي حمل اسمه  وما حفرته تلك الدراما في نفوس المشاهد المصري والعربي الكثير من البطولات النبيلة ، هو ما جعل هناك حالة ارتباك وخلافات فكرية .. 
 
وفي مثال أخر ، كان رد فعل الشارع المصري وأهل الكتابة التاريخية والدرامية و أعضاء الجمعية التاريخية  على أحداث دراما " الجماعة " ، مابين غاضب ومؤيد ، وهو ماينبغى التوقف عنده بالدراسة العلمية والتحليل  ، لقد ثارت  الجماعة الوفدية وأصحاب الميول الناصرية واليسارية يرفضون دراما العمل وتلك الإيماءات التى نالت من رموز عظيمة الشأن ، وصار الجدل ليس فقط على تراتبية الأحداث ووقوعها من عدمه ، بل وفي طريقة البناء الدرامي لشخوص العمل ، بل وفي الأماكن وسبل تفاعل تلك الشخوص مع بعضها ومع أحداث الواقع في تلك الفترة ..
 
  لاشك أن " التاريخ" بمفاهيمه الكثيرة يختلف في استخداماته من فئة إلى أخرى ومن جماعة وطنية وأخرى . وهناك معانٍ حديثة تفرعت من المعاني القديمة للكلمة تدل على "تأريخ التاريخ" نفـسه، أي دراسة التطورات التي مرت بها الدراسات التاريخية منذ عصر الاسطورة الى عصر النظام الاكاديمي الذي تتم فيه دراسة التطورات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والوقائع والأحداث العسكرية والسياسية في فترة زمنية بعينها، وفي مكان محدد من العالم، وهو المعنى الدال على الدراسة العلمية للتاريخ.
 
لقد كان اهتمام المصري القديم بالمعرفة هائلًا ، وعليه فقد حرص على تزويد الأبناء بالمزيد من المعارف و دفعهم لطلب العلم والمعلومات والانتظام في تلقي التعليم في كل حين  وحثهم علي طلب المعرفة وعشق الكتب ؛ فلقد كان رب المعرفة والكتابة في مصر القديمة الإله تحوت ؛وإليه ينسب أول شهور السنة القبطية ؛والتي عرفت في الطقس القبطي بالسنة التوتية ؛ ولقد أعتبرت مهنة الكتابة  من أشرف المهن وأهمها في مصر القديمة ؛ ومن أشهر التماثيل الفرعونية تمثال "الكاتب المصري " .