كتبت - أماني موسى

قال دكتور محمد محجوب، أستاذ الفلسفة في جامعة تونس، أن الشعر هو المعين الصامت للفلسفة، والشاعر يعبر بالشكل الحدسي والاستعاري واللغوي عن الفكرة التي يصوغها الفيلسوف لاحقًا، وأعتقد أن أشعاري سوف تقرأ بعدما لن أكون هنا.
 
وأضاف في لقاءه مع الإعلامي سليمان الهتلان، ببرنامج "حديث العرب"، المقدم عبر شاشة سكاي نيوز عربية، أن مهمة المفكر أو الفيلسوف هو أن يصوغ عن النحو النسقي وبالشكل المنطقي حدوثًا ليست منطقية في أصلها، ولذلك كل أعمال الفسلفة يتمثل في عملية الصياغة التي تجذب إلى دائرة المعقولية والعبارة المفهومة التي تصل للناس، مع إضافة بعض الحدس الفلسفي، الذي هو نوع من الانفجار المفاجئ للفكرة.
 
وتابع، أعتقد أنه لا يمكن أن يكون هناك فيلسوفًا حقيقيًا دون أن يكون شاعرًا، فالشعر هو هذا النبع اللا معقول الذي يختطفه الفيلسوف ويحاول أن يصوغه بشكل يصبح معقولاً.
 
وأردف أن السياسي الحقيقي هو صاحب مشروع، لأنه يستمد فكرته السياسية من تخيل ورسم أفاق المستقبل، وعندما نتحدث عن آفاق المستقبل فأننا نستطيع أن نجند عدة أدوات للحديث عن المستقبل، فعلى سبيل المثال علم الاستشراف له أدوات يرتكز عليها مثل تصنيف كل الإمكانيات التي يمكن من خلالها التحرك، ولكن يمكن أن نضيف عليها الحدس الذي يجعلك تتخيل أن الأمور ستجري في هذا الاتجاه أو ذاك الاتجاه.
 
وأضاف الفلسفة ليست فن إيجاد النهايات السعيدة، بل فن الإطلاع السعيد للحياة،  فالفلسفة لا تزين الواقع الذي نعيشه اليوم وهو بائس، ودورها لا أن تزينه كواقع سعيد بل أن تتحدث عنه في نوع من الفرح بالتفكير.
 
مستطردًا أن كل مجتمع سليم هو مجتمع يسمح لنفسه أن يتجدد وذلك من خلال الفسلفة، فالمجتمع الذي لا يسمح بإمكانية التناسق الداخلي وإقامة مسافة داخلية فيما بينه وبين نفسه لا يمكنه أن يتجدد، فهو مجتمع يقوم على آلية التكرار والمعاودة اليومية لنفس المضمون ونفس الموجز، والمجتمع الحقيقي هو الذي يكون في داخله من المسافة بأن يجاوز نفسه ويستشرف رؤية للمستقبل.
 
وشدد بأن المجتمعات العربية باتت بعيدة كل البعد عن الفلسفة، وأنها لم تكن يومًا مجتمعات مهتمة بالفلسفة، بل حتى أنه حينما كانت تظهر كان يتم التعامل معها بنوع من التوجس، فلم تكن الفلسفة بالمجتمعات العربية ظاهرة كبرى، ولكن كان هناك فلاسفة ينطقون ويعبرون فلسفيًا عن التاريخ الذي عاصروه، ولأسباب سياسية وأخرى اجتماعية وثقافية غابت الفلسفة عن مجتمعاتنا العربية.
 
وعن دور الفلسفة في مواجهة التطرف الفكري، قال محجوب: أن استدعاء الفلسفة لمواجهة التطرف أمر غير مجدي، إذ يجب ترسيخ الفكر الفلسفي لدى المجتمعات، فالفلسفة ضرورة وجود، ومؤخرًا رأى البعض أن الفلسفة قد تكون حلا لمواجهة داعش وبقية التنظيمات الإرهابية التي ظهرت بمنطقة الشرق الأوسط، وهذا في رأيي به خطأين، الأول هو توظيف المدرسة الفلسفية على دائرة مغلقة مع ترك بقية المجتمع خارج هذه المدرسة الفلسفية، ومن ثم لا يمكن أن يتطور الفكر النقدي لدى هذه المجتمعات.
 
مضيفًا، لا بد ألا يكون الفلاسفة منبوذين وأن يتم التحرك مجتمعيًا بشكل كامل دون استثناء لأي فئة بالمجتمع.
 
وأردف أن التطوير لا بد أن يطال الخطاب الديني أيضًا، متساءلاً: لماذا بقيت جوامعنا مغلقة عن التفكير الفلسفي؟ ولماذا تريد أن تمنع التفكير ولا يتم تشجيع حركة ثقافية كاملة وإعادة قراءة وفهم التراث ومحاولة إحياءه ونقده.