كتبت - أماني موسى

 
قالت عديلة استاركوفا، أن الحياة تبدأ عندما تنتهي من مساحتك الآمنة وتخرج إلى خارجها، وأضافت في كلمتها بمنصة TEDX، ما الذي تحلم به لكن دائمًا لا تملك الشجاعة لتحقيقه؟ 
 
مستطردة، في أكتوبر 2017 تلقيت اتصالاً هاتفيًا من صديقي الهندي وأخبرني أنه ترك وظيفته ويريد بدء مشروعه الخاص في الهند، ودعاني للانضمام إليه وكان ردي هو الضحك، حيث لم يكن لدي الخبرة الكافية لإدارة الأعمال وخبرتي الأخيرة بالهند لم تكن جيدة، مشيرة إلى أنها زارت الهند في عام 2000 برفقة مجموعة للرقص الشعبي، بمدينة أحمد أباد وأزعجها كثيرًا الزحام والروائح، حتى أن أحد المشردين أخذ يشد يدها سائلاً إياها أن تمنحه طعام.
 
وتابعت، خلال زيارتها للهند فقدت 5 كيلو جرام خلال أسبوعين، لأنها لم تتمكن من أكل الطعام الهندي الحار، وحينها قالت لنفسها أنها لن تزور الهند مجددًا، والآن وبعد 20 عامًا قد عادت إليها مرة أخرى، على الرغم من كون البلد كما هي من حيث الزحام، الغبار، الطعام الحار،لكن ما تغير هو موقفها ورؤيتها حيال الأمر، وموقفها من التحديات وتجربة أمور جديدة خارج منطقة الراحة الخاصة بها
 
موضحة أن كل شخص لديه منطقة الراحة الخاصة به، المساحة التي يشعر فيها بالأمان والراحة دون خوف أو قلق، وعلى الجانب الآخر هناك مساحة التخوف كتسلق الجبال أو السباحة في البحر أو القفز أو أن تخبر والديك أنك لا تريد أن تكون مهندس كرغبتهم، أو أنك تريد الزواج من شخص مختلف عن مجتمعك، حيث تقفز من المكان الآمن المعروف الذي تشعر فيه بالراحة والهدوء لشيء غير معروف وهو ما يصيبنا بالذعر.
 
وأردفت، أن الأبحاث تقول بأنه بين مساحة الأمان ومساحة الخوف هناك مساحة تسمى القلق الأمثل وإذا تعلقت بمساحتك الآمنة رافضًا الخروج منها فأنك لن تصل إلى مكان، لأنك تخشى الخروج للمجهول ستظل إلى الأبد في عشك الصغير، لافتة إلى أن أكبر قفزة لها خارج مساحتها الآمنة كانت منذ خمس سنوات، حيث كانت تعمل لدى سفارة بلدها في سلوفاكيا، وكان لديها حياة مريحة جدًا، وقررت أن تقضي أحد إجازاتها في تايوان وكان الأمر بمثابة حلم لها، لأنها لطالما أحبت هذه المدينة.
 
وبعد عودتها من إجازاتها بتايوان اتخذت قرارًا لم تكن تتخيل أنها لتفعله، وهو ترك وظيفتها، مشيرة إلى أنها كانت تملك حياة مثالية، نجحت في دراستها بتفوق، عملت بوظيفة جيدة فور تخرجها، خطبت إلى شاب ناجح، وكانت على وشك الزواج، لديها الكثير من الأصدقاء والعلاقات الجيدة بمحيطها، ولكنها قررت ألا تعيش حياة عادية كما يقررها لها المجتمع وهو أن تتخرج وتعمل وتتزوج وتنجب وتؤسس عائلة.
 
وتابعت، بعدما تركت وظيفتها تقدمت للدراسة بجامعة الفنون بتايوان، وتركت ورائها عائلتها وأصدقائها وخطيبها في سلوفاكيا، وخطت إلى المجهول وهذا الأمر لم يكن سهلاً، حيث أنها قامت بالدراسة ولم تكن في سن صغيرة فلم يكن الأمر مريحًا، ولم يكن لديها أجر ثابت وتعيش مع 3 فتيات أخريات في غرفة واحدة، وهذا الأمر لم يكن سهلاً، لكن الجزء الجميل بالرحلة هو الخروج من المساحة الآمنة، أن تبدأ الحياة من جديدة وهو شعور بالحرية، قائلة: عندما جئت إلى تايوان كنت مثل أليس في بلاد العجائب، أردت تجربة كل شيء، وغامرت لاكتشاف مواهبي ومهاراتي.
 
وشددت، عندما تخرج من مساحتك الآمنة نتحدى أنفسنا ويدفعنا ذلك إلى استكشاف مواهبنا ومهاراتنا السرية.
 
ثم تعددت رحلاتها إلى عدة بلدان مثل نيوزلندا، بالي، فيينا، فيتنام، وكانت جميعها رحلات رائعة تعلمت خلالها الكثير عن نفسها ، وكيف يمكنها إدارة المواقف الصعبة، فعندما كانت في فيتنام كان هناك فيضان في المدينة التي تقيم بها، ولذا كان عليها مغادرة المدينة على متن قارب صغير، وأنه خلال هذه الرحلات لم تعد تخشى الكثير من الأمور لأنها باتت قادرة على التعامل مع المستجدات والتغيير، مشددة على أن البقاء بالمساحة الآمنة يجعلنا نرفض التغييرات التي تحدث في الحياة.
 
وروت موقف حدث لها حين كانت بعمر الـ 19 عامًا، وانتقلت إلى إنجلترا للعيش بمدينة مانشستر للعمل وثقل لغتها الإنجليزية، وبالفعل عملت بمحل بيتزا حيث كانت تتلقى الطلبات وفي اتصال هاتفي مع أحد العملاء لم تتمكن من فهم العنوان باللغة الإنجليزية فطلبت منه الإعادة مرات ومرات، حتى أن العميل قام بالصراخ في وجهها عبر الهاتف فسقطت بالأرض وأغمي عليها، والآن بعد مرور 20 عام أصبحت من فتاة تتلقى طلبات بمحل بيتزا إلى متحدثة بـ TEDX، وتقوم بقيادة فريق من المتحدثين باللغة الإنجليزية في بلد أجنبي.
 
متساءلة: لماذا يجب علينا العيش في مساحتنا الآمنة ونرفض النمو والتغيير واكتساب خبرات جديدة بالحياة، قائلة: خلال الرحلة نحن ننمو ونكتسب الخبرات، وهذا يجعلنا جاهزين لمواجهة تحديات أكبر.
 
مضيفة، في بعض الأحيان لا يتحرك البعض من مساحتهم الآمنة إلا من خلال دفعةمن الآخرين، قد تكون فقد أحد الأحباء أو مرض، أو ما شابه، لافتة إلى أنها فقدت والدها بعدما أصيب بمرض خطير، وظلت لعدة أشهر تشعر بالحزن الشديد وبأن عالمها كله قد انهار، ولكن بعد عدة أسابيع تعافت وأدركت أنها خطوة أخرى لجعلها أكثر قوة.