ستظل هذه الفكرة تمثل اعتقادًا جوهريًا بالنسبة لى إلى الأبد: أن أكثر من أضر بصورة الإسلام والمسلمين فى العالم هو جماعات الإسلام السياسى، فقد غزت عقول كثير من شبابنا بالتشدد الفكرى والتعصب الدينى فى تعاملات الحياة اليومية، بالإضافة إلى قيامها بتكفير وترهيب وإقصاء واستبعاد كل من يخالفها، وصولًا إلى استخدام عناصرها، العنف والقتل والإرهاب، لتحقيق أهدافها وفرض معتقداتها على المجتمعات التى وُلدت فيها أو التى هاجرت إليها.

استطاعت جماعات الإسلام السياسى أن تشوه الدين، مستخدمة كل ما هو مشكوك فى دقته وغير إنسانى ولا يتسق مع قواعد الدين وركائزه من التراث لتحقيق أغراضها، وكل ما فعلته، وكل ما تفعله، جعل الدين الإسلامى فى مواجهة مؤسفة وغير متكافئة مع الغرب.

وللأسف الشديد، وظف الغرب ما تقوم به تلك الجماعات سياسيًا وإعلاميًا لتحقيق مصالح دوله، ورد بضاعتنا إلينا بسبب ما نصدره نحن إليه من ازدراء واستعلاء، إذ إن لدينا ازدواجية فى المعايير والنظرة، إذ نسعى للهجرة إلى دول الغرب، ونستميت للحصول على جنسياتها وحقوق ومميزات مواطنيها، وفى الوقت نفسه نرفض نمط حياة الناس هناك وقوانينهم.

وبنظرة بسيطة إلى الإحصائيات الرسمية، سنجد أن كثيرين يسعون بالفعل- بشتى الطرق- للحصول على تأشيرة سفر لبلاد الغرب، ويسعون أكثر للحصول على الإقامة والجنسية، حتى ولو بالتحايل على القانون، أو بالتزوير وبكل الطرق غير الشرعية، بل الأدهى أنهم يسعون إلى فرض ثقافتهم المتطرفة، سواء فى نمط الحياة أو ارتداء الملابس فى أحياء منعزلة عن البلد الذى منحهم حق الحياة، وقد جاوز الأمر حدود المعقول فى تعمدهم عدم إتقان لغة البلد الجديد، ورفضهم التأقلم مع عاداته وتقاليده، وسعيهم إلى الانقلاب على السياق الاجتماعى العام بأن يصوروا أنفسهم مبعوثى العناية الإلهية للإهداء الدينى لتلك المجتمعات، لدرجة جعلت بعض الآراء فى الدول الأوروبية تطالب بترحيلهم وسحب الجنسية منهم، بعد أن شعر أصحابها بأنهم قد دفعوا ثمن الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات غدرًا من المهاجرين الذين منحوهم حق الحياة.

فى وقت من الأوقات، كتب البعض فى بلادنا أن مراكز الأبحاث الأمريكية هى التى شوهت صورة الإسلام وحقيقة المسلمين فى الغرب. ولكن واقع الأمر يؤكد أن أتباع جماعات الإسلام السياسى هم الذين قاموا بهذا الدور ببراعة غير مسبوقة، بتصرفاتهم ومواقفهم وآرائهم وإرهابهم. ومن هذا المنطلق، لا أعتب هنا على مراكز الأبحاث الأمريكية أو غيرها، لأنها ليست مؤامرة غربية بقدر ما هى استغلال من بعض الدول الكبرى لحالة الضعف و«الخيبة» التى تسببت فيها جماعات متطرفة تجيد الشو الإعلامى لمصالحها الضيقة البعيدة كل البعد عن مصالح المواطن والمجتمع والدولة.

كتب د. سعد الدين إبراهيم مقالًا بـ«المصرى اليوم» فى 21 نوفمبر الجارى بعنوان: «من يتحدث باسم الإسلام؟ ومن يتحدث باسم المسلمين؟».. وهو سؤال سيظل فى تقديرى من الأسئلة المعلقة، ليست له إجابة دقيقة بقدر ما هى إجابات عديدة مفتوحة تستحق الرصد والبحث والتحليل.

نقطة ومن أول السطر:

ضد التمييز والتعصب والطائفية..

ضد الاستبعاد والإقصاء والتهميش..

الحياة حق وأمان..

أنا إنسان..
نقلا عن المصري اليوم