شقيقه: كان يتقاضى 2.5 جنيه عن الكشف الطبي ويعطيها للتمرجي
طبيب بدرجة إنسان، لم يتخذ من مهنة "الطب" وسيلة لجني الأموال، بل اعتبر أنّ الله منّ عليه بها ليساعد الآخرين، العديد من الأعمال الخيرية بدأ يتحدث عنها الجميع بعد وفاة الدكتور سليمان داوود طبيب الأمراض الصدرية بمركز إطسا بمحافظة الفيوم، عن عمر ناهز الـ 72 عامًا والذي اشتهر بتكريس حياته لعمل الخير.

وسيطرت حالة من الحزن على أهالي مركز إطسا بعد وفاة "طبيب الغلابة"، مؤكدين أنّ سعر كشفه الطبي لم يتجاوز جنيهين ونصف جنيه حتى وفاته، والذي أنشأ عدة مشروعات لتوفير فرص عمل لشباب وفتيات إطسا، بالإضافة إلى تبرعه بإنشاء شبكة أوكسجين كاملة لمستشفى إطسا المركزي في بداية انتشار فيروس كورونا لإنقاذ حياة المئات ممن أصابهم الفيروس بالفيوم.

وتؤكد الدكتورة أماني نصر شاكر، من أقارب الدكتور سليمان، في تصريحات خاصة لـ"الوطن"، أنّه كان شديد الحب للخير وكان يسعى طوال الوقت لعمل الخير، موضحة أنّه في بداية انتشار فيروس كورونا بالفيوم وحينما احتلت المحافظة الترتيب الرابع بين أكثر المحافظات التي بها انتشار للفيروس، هرع الكثيرون من المرضى إلى مستشفى إطسا ولكن لم يتم حجزهم بسبب تهالك شبكة الأوكسجين بالمستشفى، ما أدى إلى تعطيلها بالكامل، فأخطروا مديرية الصحة التي بدأت عمل الإجراءات اللازمة، ولكنهم انتظروا حتى تأتي أموال من الوزارة لإعادة إنشاء شبكة أوكسجين بالمستشفى، وعندما علم الدكتور سليمان داوود تبرع فورًا بالمبلغ المطلوب كاملًا لسرعة إنشاء شبكة الأوكسجين وإنقاذ حياة مئات المرضى.

أمّا أحمد عثمان داوود شقيق الدكتور سليمان فيروي لـ"الوطن" أنّ شقيقه كان مُحبًا للخير تكملة لمسيرة والدهما، حيث إنّ والده كان طبيبًا جراحًا وكان كشفه 25 قرشًا حتى وفاته، وكان يطلب من المرضى وضع مقابل الكشف في جيب البالطو ومن لا يمتلك ثمن الكشف يضع ورقة في جيبه كي لا يشعر بالحرج من أن يخبره أنه لا يمتلك أموالًا.

وأضاف شقيق طبيب الغلابة أنّ الدكتور سليمان كانت تكلفة كشفه حتى وفاته 2.5 جنيه فقط، وكان يُعطيها للعامل الذي ينظم دخول المرضى، مؤكدًا أنّه لم يتربح جنيهًا واحدًا من مهنة الطب، موضحًا أنّه كان يشتري الأدوية للمرضى غير القادرين على نفقته الخاصة.

وأشار إلى أنّ الدكتور سليمان كان قد أنشأ جمعية الحفاظ على البيئة بإطسا والتي تتولى مسؤولية جمع القمامة من مدينة إطسا وبعض القرى وذلك لتوفير فرص عمل للشباب، بالإضافة إلى تحويل أرضه الزراعية إلى مزارع للنباتات الطبية والعطرية ووظف فيها فتيات وشباب إطسا لكي يتمكنوا من تجهيز أنفسهم للزواج.

وأوضح أنهم فوجئوا بمئات الأعمال الخيرية لطبيب الغلابة بعد وفاته لم يكونوا يعلمون عنها شيئًا حتى زوجته، موضحًا أنّه لم يرزق بأبناء، حيث وفد إليهم المئات لتقديم العزاء ممن كان يساعدهم، وأخبروا أسرته أنّه أعاد بناء منازلهم المتهالكة وكان يوفر لهم مرتبات شهرية تعينهم على ظروف الحياة، بالإضافة إلى توصيل المياه والكهرباء للمنازل على نفقته الشخصية، والمساهمة في تزويج الفتيات غير القادرات والأيتام.