سمير شحاته
أسوأ الأيام بحياة عمر الشريف، سنواته الثلاث الأخيرة. أصيب بالزهايمر وتم عزله عن الناس. أتمحى تاريخه العظيم من ذاكرته واتحرم من رؤية أصدقاء يحبهم. وحاليا يعانى بعض فنانينا أمراض الشيخوخة والزهايمر والوحدة. أنهم يحتاجوننا. منهم مدير تصوير كبير.. تعزله أسرته عن الأصدقاء وأماكن يحبها كانت تنعش ذاكرته وأحاسيسه نسبيا. العزلة مع ذاكرة بيضاء تحول المريض الى مجرد جسد ينبض.. وبعضنا شاهد فيديو راقصة الباليه الأسبانية العجوز القعيدة المصابة بالزهايمر، عندما سمعت موسيقى (بحيرة البجع) تفاعلت معها وتحركت الذاكرة وتحرك الجسد.. كانت رقصت عليها قبل 50سنة.

شاهدت الفيلم الإيطالى (الحياة المقبلة) الذى أعاد صوفيا لورين لتقدم واحدا من أهم أدوارها وعمرها 86عاما.. أداء هادئ وأحاسيس صادقة صافية مع تجاعيد الزمن بدون تجميل وتزييف ومسخ!!.. تؤدى دور امرأة يهودية مسنة ناجية من محرقة الهولوكوست تشغل وقتها برعاية الأطفال ضحايا الأمهات اللاتى تعملن بمهن محرمة والمشردين مثل اللص الصغير الأسمر السنغالى الأصل محمد الملقب بـ(مومو). ترعاه وتهذب سلوكه. العلاقة بينهما إنسانية بعيدا عن أختلاف اللون والدين.

تتعرض روز (صوفيا لورين) لتذبذ بالذاكرة.. بين الوعى واللا وعى.. تنذر بإصابتها بالزهايمر. تأخذ من الصبى عهدا، إذا أصيبت بأمراض الشيخوخة وفقدت الذاكرة، يكون هو ذاكرتها ولا يتركهم يعزلونها بمستشفى وتتعذب.

مرضت ونقلت للمستشفى.. بكى الصبى لأنها لم تتعرف عليه.. فقدت الذاكرة تماما.. أوفى بوعده وقام بتهريبها من المستشفى.. أخفاها فى قبو بالمنزل.. أحضر لها زهرة أحبتها بطفولتها كانت تظلل على بيتها. أحتضنتها بشغف وأحتضنته بحب، وتموت.

نغمات هادئة تصدح ولسان حال الصبى يقول: لا تتعرفين على أحد.. لكننى أعرفك.. حين تنفذ منك الكلمات وتمحى الذكريات.. أنا هنا.. إن أحتاجتنى.. أنا هنا.. فقدان الذاكرة أسوأ من الموت.. لا يراك أحدا.. لكننى سأراك.. لا أعلم ماسيجلبه القدر فى الحياة المقبلة.. لكن إن أردت، إن أردتنى.. أنا هنا.