في مثل هذا اليوم 23 نوفمبر عام 1989 هدم جدار برلين بالكامل، وكان جدارا طويلا يفصل شطري برلين الشرقي والغربي والمناطق المحيطة في ألمانيا الشرقية، ولقد كان الغرض منه تحجيم المرور بين برلين الغربية وألمانيا الشرقية، وبدأ بناؤه في 13 أغسطس 1961، وجرى تحصينه على مدى الزمن، ولكن تم فتحه في 9 نوفمبر 1989 وهدم بعد ذلك بشكل شبه كامل. 

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، قسمت ألمانيا إلى أربعة مناطق محتلة بحسب اتفاقية يالطة، كانت الدول المحتلة هي الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفييتي، والمملكة المتحدة وفرنسا، وكانت هذه الدول المتحكمة والمديرة للمناطق المحتلة من ألمانيا، وتبعا لذلك، قسمت العاصمة السابقة للرايخ الألماني إلى أربعة مناطق أيضا، وفي ذات الحقبة بدأت الحرب الباردة بين المعسكر الاشتراكي الشرقي والغرب الرأسمالي، ومثلت برلين مسرحا للمعارك الاستخباراتية بينهم في عام 1949 بعد قيام جمهورية ألمانيا الاتحادية (ألمانيا الغربية) في المناطق المحتلة من قبل الولايات الأمريكية المتحدة، والمملكة المتحدة وفرنسا، وقيام جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية).
 
وبعد ذلك في المنطقة المحتلة من قبل السوفييت، بدأ العمل على قدم وساق على حدود كلا البلدين لتأمينها، وبقيام كيانين، دَعم التقسييم السياسي لألمانيا، وبين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، وضع بشكل أولي شرطة وحرس الحدود، ولاحقا على الطرف الشرقي بدء وضع الاسيجة، رسميا كانت مدينة برلين المقسمة أربعة أقسام منطقة خالية من العسكر، وكانت مستقلة عن الدولتين الالمانيتين الجديدتين، ولكن عمليا لم يكن الحال كذلك، فالمناطق الغربية من برلين أصبحت أقرب إلى كونها ولاية ألمانية غربية، وخلافا للمعاهدات أعلنت برلين الشرقية عاصمة لجمهورية ألمانيا الديمقراطية. 
 
ومع زيادة حدة الحرب الباردة التي من جملة ما أدت إليه تقييد في الحركة التجارية مع المعسكر الشرقي وخلقت معارك ديبلوماسية صغيرة مستمرة بالإضافة لسباق في التسلح، حيث بدء أيضا تعزيز الحدود، ولكن حدود جمهورية ألمانيا الديمقراطية لم تعد حدود بين أقسام ألمانيا، بل أصبحت الحدود بين المعسكر الشرقي والغربي، أو بين حلف وارسو وحلف الناتو، أي بين ايدولوجيتين سياسيتين مختلفتين، وبين قطبين اقتصاديين وثقافيين كبيرين. 
 
ومنذ تأسيس جمهورية ألمانيا الاشتراكية، بدأ انتقال أعداد متزايدة من مواطنيها إلى ألمانيا الغربية، وعلى وجه الخصوص عبر برلين، والتي كانت من شبه المستحيل مراقبة الحدود فيها، حيث كانت الحدود تمر في وسط المدينة واحيائها. وبين عامي 1949 إلى 1961 ترك قرابة 3 ملايين ألماني جمهورية ألمانيا الاشتراكية، وحيث إنهم كانوا في معظم الأحيان من الفئة المتعلمة، هدد ذلك القدرة الاقتصادية لألمانيا الشرقية، وهدد كيان الدولة ككل. 
 
وكان سور برلين بذلك الوسيلة لمنع هذه الهجرة، وقبل بناء السور أو الجدار، كانت القوات الألمانية الشرقية تراقب وتفحص التحركات على الطرق المؤدية إلى غرب برلين بحثا عن اللاجئين والمهربين، وكان الكثير من سكان برلين الغربية والشرقيين العاملين في برلين الغربية قد حصلوا بتبادل العملة في السوق السوداء على ميزة الحصول على المواد الأساسية بأسعار مغرية وقلة شرائهم للكماليات العالية القيمة من الشرق، الأمر الذي كان يضعف الاقتصاد في برلين الشرقية أكثر فأكثر. 
 
وبتاريخ 9 نوفمبر من عام 1989، بعد أكثر من 28 عاما على بنائهِ الذي أعتبر تقسيم لمدينة وتقسيم لشعب، أعلن غونتر شابوفسكي للصحافة وهو الناطق الرسمي وسكرتير اللجنة المركزية لخلية وسائل الإعلام وعضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الألماني أن قيود التنقل بين الألمانيتين قد رفعت أثناء حوار إعلامي عن طريق الخطأ إذ لم يكن متثبتا من توقيت الإعلان ممّا تسبب في فوضى عارمة أمام نقاط العبور في الجدار، فتوجهت أعداد كبيرة من الألمان الشرقيين عبر الحدود المفتوحة إلى برلين الغربية، واعتبر هذا اليوم يوم سقوط جدار برلين.