خبره وقلم: نبيل صموئيل
أصبحت الصوره التقليديه للتعبير عن الوحده الوطنيه هي "صوره شيخ وكاهن يتعانقان"، او صورا لمجموعه من الشيوخ والكهنه يحضرون معا ندوه أو محاضره أو تدريبا أو حوارا،

وقد عملت سنواتً طويله في الحوار الثقافي، وكنت ساعيا دائما ليكون حوارا ثقافيا وليس حوارا بين الاديان، فالدين رافدُ أساسي في تشكيل الثقافه، لكنه ليس الوحيد فهناك عوامل أخري موازيه له في تشكيل الثقافه وتطورها أو تأخرها،

وكان الحرص دائما ان تضم وتشمل حواراتنا الثقافيه كل الألوان والأطياف المتعدده من المجتمع ككل من قيادات وفاعلين رجالاً ونساءً وشباباً في حياتنا الاجتماعيه والفكريه والثقافيه والعلميه والإقتصاديه والفنيه وبالطبع الدينيه، ولا يسعني الوقت أن أذكر هذه الأسماء فهم بالفعل كثيرون ونحتاج لمقالات لذكر أدوارهم الحيويه في هذه الحوارات بالفكر والنقد والمعالجات والبحث والإستقراء وخاصه حينما نتعرض لبعض الإختلافات في الرأي،

وأذكر بالفضل لكثيرين من هؤلاء الأصدقاء في مختلف المجالات الذين عاونوا وشجعوا وإشتركوا بفاعليه وحب في هذه الحوارات، بعضهم تركوا دنيانا وتركوا فراغا كبيرا في حياتنا الثقافيه فرحمه الله عليهم، ومنهم من يزالوا داعمين ومشجعين لهذه الحوارات الثقافيه ولإستمرارها وتطويرها فتحيه تقدير وعرفان لهم جميعا،

ولذا فكانت الصوره الهامه التي يجب أن نُظهر بها هذه الحوارات الثقافيه تتمثل في ظهور مدي التعددية والفكر المنفتح والتسامح الذي نتمتع به، وفي مدي قدرتنا علي قبول الإختلاف والتعامل معه صحيا، وإستمرانا في الحوار رغم الإختلافات في بعض الآراء والمرجعيات،

فنحن لم نأت معا للحوار للعناق فقط فهو جميل ورائع ومعبر لكن مازالت صوره ناقصه، إنما نأتي للحوار للفهم والإدراك ولنتبين مرجعيات الإختلاف ونحترمها ونقدرها، فالإختلاف مع القبول والإحترام يُثري حياتنا الإجتماعيه والثقافيه،، ولنكتشف أيضا نقاط الاتفاق والتوافق وبكل ذلك تزداد علاقاتنا توطيدا وصلابه وتماسكا،

وعندما كان يظهر فجأه في الفضاء العام لمجتمعنا قضيه خلافيه تسبب توتراً وإحتقاناً مجتمعيا، كنا نلتف معا حول القضيه ونتين أبعادها وأسبابها ومظاهرها ولماذا الإحتقان حولها، ونُسهم معا في تحويلها الي إختلاف نتفق عليه جميعنا ونقبل هذا الإختلاف بمحبه دون ان نصل الي مرحله التربص والإستنفار والرفض والعداوه،

وهذا هو المعني الأصيل لكلمه حوار والذي يُعرف ب"وهم يتحاورون أي يراجعون الكلام" والتحاور هو "التجاوب والمجاوبه" والحوار أيضا هو "الرجوع عن الشئ وإلي الشئ" وهي معانٍ جميله وساميه.

كما يُفهم الحوار علي أنه "مشاركه الأسباب والمنطق الذي يدعو الي فهم وإدراك شئ"

والحوار أيضا هو "فن الوصول الي فهم مشترك وتفاهم مجتمعي"
 
وفي ضوء خبرتنا هذه وهذه المعاني الجميله للحوار فما أحوجنا اليوم الي حوارات ثقافيه تملأ فضاءنا  الذي يُصاب أحيانا بالتوتر والإنزعاج والتربص والإستنفار والإستفزاز، مما قد يؤدي الي ضعف وتفكيك وحدتنا واللُحمه التي نشأنا عليها،
 
وبهذا الحوار الفاعل يزداد ترابطنا وتماسكنا ووحدتنا وعملنا المشترك لبناء مستقبل أوطاننا.