يوسف زيدان
وقائع مصرية (١) :
نُسب إلى الأستاذة الأزهرية "د . آمنة نصير" أنها قالت : يجوز زواج المسلمة بالمسيحي، فلا يوجد نص قرآني يمنع ذلك !!
 
هجم عليها شيخُ الأزهر ودارُ الإفتاء المصرية، وصدرت فتوى عاجلة يقول مُلخَّصُها : لا يجوز زواج المسلمة بالمسيحي، ولكن يجوز العكس فيجوز للمسيحية أن تتزوَّج مسلمًا !!
 
فأصدرت الدكتورة آمنة بيانًا حاسمًا مفاده أن كلامها اقتُطع من سياقه، وأنها تؤكد بلا مجال للشك، أنه لا يجوز زواج المسلمة بالمسيحي، عملًا بإجماع الفقهاء، وهي شخصيًا مع إجماع الفقهاء !!
 
وخلال هذه الزوبعة، لم ينتبه كثيرون أو تغافلوا متعمّدين عن الحقائق التالية :
( أولًا ) أن القرآن لم يرد فيه فعلًا، ما يمنع زواج المسلمة بالمسيحي، والذي قرر عدم جواز ذلك هم الفقهاء.. وهذا يعني أننا اليوم نعيش على دين فقهاء عاشوا منذ مئات السنين، ولا نعيش على ما ورد في كتاب الله ونصَّ عليه القرآن.. وأننا نعتبر قول الفقهاء مُكمِّلا لكلام الله، وأنه مثله مقدَّس
 
( ثانيًا ) لطالما جاز في بلاد كثيرة، أن تتزوّج المسلمة بالمسيحي، ومن تلك البلاد الكثيرة سوريا .. فماذا عمن فعلوا ذلك، هل هم زناة، وأولادهم وأحفادهم أبناء زنى ؟  
 
( ثالثًا ) لماذا يصرُّ رجال الدين على إحكام سيطرتهم على عقول الناس، بالقرآن إن أمكن، وبالحديث النبوي إن وُجد، فإن لم يتيسَّر لهم هذا أو ذاك .. استعملوا ما يسمونه إجماع الفقهاء، من دون بيان بأسماء هؤلاء الفقهاء الذين أجمعوا، ومن دون تبيين أو تفسير لاعتبار آراءهم حُكمًا واجب النفاذ وقاعدة تحدِّد ما يجوز لنا اليوم، وما لا يجوز
 
( رابعًا ) أن كثيرًا من الأحكام الشرعية، لم تعد نافذة ولا يمكن لأحد أن يجرؤ على تطبيقها، ولا يُقبل اليوم من أي شخص مهما كان، أن يحكم بها على الناس ويحدد لهم ما يجوز وما لا يجوز، فمن ذلك مثلًا الأحكام المتعلقة بالعبيد والإماء..  مع أنها أحكام تستند إلى نصِّ القرآن والحديث النبوي وما يسمونه "إجماع الفقهاء" فهل يمكن تجزئة الدين  وأحكامه ؟ والأخذ ببعضها وترك بعضها الآخر لأنه غير صالح  للاستعمال ؟
 
( أخيرًا ) هذه الزوبعة الأخيرة، تدل المتأمل فيها على أنه "لا جدوى من الجدال الديني" .. وتدل على أن "الذين أفسدوا في الأرض لن يكونوا هم المصلحون" .. وتدل على أن "الضعيف انفعاله عنيف"
 
وغير ذلك مما أكرّره كثيرًا أمامكم، لعلكم تنتبهون