د. مينا ملاك عازر

بالرغم من إعلان روسيا والصين عن توصلهما للقاح ضد كورونا، وبالرغم من أن الروس قالوا أن لقاحهم يمنح مناعة لمدة عامين، ولكوني لست طبيباً لا ألفهم بالطبع سر العامين؟ وكيف يحدثوا؟ ونسب المناعة؟ هل هي مئوية كلقاحات فايزر ومودرنا وأوكسفورد أم لا؟ لكن ما لفت انتباهي أن أحد من العالم لم يفرح ولم يرتح باله إلا بإعلان فايزر! إعلانها الأخير بتوصلها للقاح ضد كورونا وبالرغم من أن لقاحها لا يمنح المناعة التامة لكل من يأخذوه بل يحفظ تسعين بالمئة فقط من الذين حصلوا عليه، إلا أنه لاقى ترحيباً! كذلك حين زايدت عليه شركات أخرى رفعت النسبة لاثنين وتسعين بالمئة ثم جاءت مودرنا لترفعها لأربعة وتسعين ونصف بالمئة، الكل لم يصل للمئة بالمئة، ولا بالطبع لنسبة النجاح المحتكرة لطلاب الثانوية العامة التي يتفوق فيه صاحبنا على النسبة المئوية ويحصل على مئة وعشرة أو أقل قليلاً بالمئة، العالم لم يستطع القضاء المبرم على الفايروس وتحصين البشرية، بل هم قلقين من تحوره داخل حيوانات المينك، ويضعون أيديهم على قلوبهم، أقصد هنا العلماء من قدرات الفايروس الخاصة، ومن كيفية إيصال المصل لمستحقيه من كافة البشر. 
 
المسألة خطيرة جداً بالنسبة للجميع، الكل يفكر ويدرس كيفية تحصين المواطنين لكنني وللأسف لا أظن أن ثمة آلية جاهزة في مصر لتوصيل التطعيم للمواطنين المصريين، ولا أظن أنه وُجِد ذلك المسؤول الذي فكر في هذا، وأكاد أجزم تماماً أننا مقبلين على كارثة إنسانية ووبائية تفوق كورونا حال البدء من قبل الحكومة في إعطاء اللقاح للمواطنين، في بريطانيا قرأت خبر بأن الحكومة أعطت التعليمات لمنظومة الصحة لديها للتجهيز لتوصيل اللقاح للمواطنين في الشهر القادم، ما يعني الجدية، لكننا في مصر ومنذ إعلان الصين وروسيا عن التوصل للقاح، وحتى في شهر سبتمبر الماضي حين المحت أوكسفورد للتوصل للقاح ثم تجمد الموقف بعد إصابة أحد المجرب عليهم اللقاح بالمرض وتعرضه للوفاة، وتشكك القائمين على اللقاح في فاعليته وتوقفهم لبرهة، لم أسمع مطلقاً سوى تصريحات من قبيل أننا تعاقدنا على كذا مليون لقاح لتوريده أو لتصنيعه، وأن مصر ستكون مركز تصنيع اللقاح الصيني في أفريقيا، وأنها اشترت اللقاح الأوكسفوردي وكذا وكذا، لكن هل أهلوا أنفسهم لمنظومة توزيع اللقاح على المواطنين؟ لم يتطرقوا لهذا أبداً، لم يشرحوا لنا ما يجول في خاطرهم، هل نزلوا ليدرسوا إن كانت مثلاً مكاتب الصحة والمراكز الصحية والمستشفيات الجامعية والحكومية مؤهلة لتلك اللحظة السعيدة التي سيتدافع فيها المصريون لأخذ  نصيبهم من اللقاح؟ هل مراكز التطعيم جاهزة؟ هل مركز المصل واللقاح المصري مؤهل لتوزيعه؟
 
وبمناسبة المصل واللقاح المصري، لدينا أربع لقاحات، رأينا وزيرة الصحة تجرب أحدها، لم نعرف نتيجة تجاربه السريرية، لم نسمع عن احتمالية تمريره للمصريين ولا كيفية إتمام هذا؟ نسمع عن أرقام وقلق رئيس الوزراء من تزايد أرقام المصابين مرة أخرى، وخرج رئيس الوزراء يقول ما معناه كل واحد متعلق من عرقوبه وأحذركم من مغبة تهاونكم، وأننا قد نضطر لإجراءات اقتصادية مؤلمة عليكم، كنت أعلم تماماً أن الدولة ليس بإمكانها إعلام أرقام أعلى من المصابين أو الوفيات، وإن تركت الأمر يرتفع قليلاً قليلاً لكنها لن تغلق كما فعلت من قبل، لأن ثمة استحقاق انتخابي يبحثون عن العرس الديموقراطي فيه، وليس بوسعهم تأجيله ولا إظهاره خاوي، كفاها الكرسي الذي انضرب في الكلوب إبان العرس السابق بتاع مجلس الشيوخ، لذا راهنت من حولي ولم أزل أكسب الرهان، أن مصر والمدارس لم ولن تغلق في شهر نوفمبر، كما تنبأ بعض المتشائمين وبنيت توقعي ليس رهان على وعي الشباب، ولا لثقة في قدراتنا على تخطي الوباء، لكن ثقتي في ضرورة العبور بالاستحقاق الانتخابي الجاري لبر الأمان، ثم يحدث ما يحدث، فالدولة التي لا تشير في تصريحاً واحداً من تصريحات مسؤوليها لاستعدادها ودراستها لكيفية توزيع التطعيم، لا ولن تفكر في أهمية المواطن إلا لاحتياجهم لصوته، أما بعد هذا، فليرفع عنه الله البلاء، ولكنه متعلق من عرقوبه، وقد أعذر من أنذر، المهم الانتخابات وجولات الإعادة والإطاحة بمرتضى منصور، ولنا في هذا مقال آخر لا أعلم متى لكني أظنه قريب.
 
المختصر المفيد الدولة لا يهمها المواطن إلا إذا كان مصوت للأسف ليكتمل العرس.