كتب – روماني صبري 
 
اصدر المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالقدس، اليوم الاثنين، بيانا جديدا، جاء فيه : 
 
هنالك حملة محمومة تقودها جهات متصهينة مشبوهة في عالمنا وهي تستهدف المسيحيين في هذا المشرق وخاصة في فلسطين الأرض المقدسة .
 
يزعجهم الصوت المسيحي الفلسطيني المنادي بالعدالة والحرية لشعبنا وهم يفسرون آية كتابية بطريقة مغلوطة فهم يرددون دوما الاية " ان مملكتي ليست من هذا العالم" ولكنهم يتناسون ويتجاهلون بأن المخلص اتى الى هذا العالم لكي يفتقده ويخلصه وينقل البشرية بأسرها من حقبة الظلمة والشر والخطيئة الى حقبة البركة والنعمة والخلاص.
 
نرفض التفسيرات السياسية الصهيونية المغلوطة للكتاب المقدس والتي يتبناها بعض من يدعون التبشير بالمسيحية في الغرب وهم في الواقع اعداء لدودون للمسيحية المشرقية وادوات مسخرة في خدمة اعداء المسيحية بهدف النيل من رسالتها وحضورها ومكانتها وتاريخها وعراقتها .
 
نحن لا نولي اهتماما لهذه الاصوات النشاز والتي لن تؤثر علينا اطلاقا لا بل لن تزيدنا الا قناعة برسالتنا وحضورنا وانتماءنا لوطننا هذه البقعة المقدسة من العالم التي منها انطلقت المسيحية الى مشارق الارض ومغاربها .
 
هنالك حملات مشبوهة هدفها اقتلاع المسيحيين الفلسطينيين من اصالتهم الايمانية اولا والوطنية ثانيا ويريدون للمسيحيين الفلسطينيين ان يعتنقوا مسيحية غريبة لا علاقة لها باستقامة الايمان ولا علاقة لها بالمسيحية الحقة التي انطلقت رسالتها من هذه الارض المقدسة .
 
تنتشر الهرطقات في عالمنا وينتشر المبشرون الكذبة في كل مكان ولكن تبقى الحقيقة واحدة بأن هنالك "كنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية" وهي التي ننتمي اليها جميعا في بلادنا وفي مشرقنا وفي عالمنا .
 
اما الاصوات النشاز التي تخرج علينا من هنا ومن هناك فهي معروفة بالنسبة الينا ومعروف من يغذيها ويقف خلفها ويا للاسف الشديد هنالك من يتأثرون بها في بلادنا وفي مشرقنا بسبب الخلل الرعوي والفراغ الروحي الذي نلحظ وجوده في اكثر من مكان وموقع في هذا المشرق .
 
نعم ان "مملكتي ليست من هذا العالم" ولكن الرب والمخلص الذي افتدى بدمه الكريم البشرية بأسرها وتجسد في هذا العالم لكي يقدسه ويباركه ولكي يجعل الانسان انسانا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني .
 
الكنيسة تحثنا دوما على ان ننتمي الى اوطاننا وان ندافع عن شعوبنا وان نكون صوتا مناديا بالحق والعدالة في كل مكان .
 
اقرأوا تاريخ كنيستنا في هذا العالم فقد كانت في حقب تاريخية متعددة ومختلفة تدافع عن شعوبها وتتصدى للاستعمار والاحتلال وقامت بدور وطني رائد انطلاقا من القيم المسيحية التي تعلمنا الانتماء للارض والدفاع عن قضايا العدالة .
 
اما نحن في فلسطين فسنبقى صوتا مدافعا عن القضية الفلسطينية ولا تهمنا كثيرا الاصوات النشاز واصوات الجهلة الحاقدين المُضللين والمضَللين والذين لا يعرفون مسألة هامة وهي اننا عندما ندافع عن فلسطين وقضيتها العادلة انما ندافع عن المسيحية في مهدها وندافع عن اقدس بقعة في هذا العالم اختارها الله لكي تكون مكان تجسد محبته نحو البشر .
 
يحرضون ويشهرون ويسيئون وهم يظنون ان الصوت المسيحي الفلسطيني سوف يسكت وهم لم ولن ينجحوا في ذلك فنحن اصحاب رسالة واصحاب مبادىء لا تباع ولا تشترى بالمال ولا نقبل بأي شكل من الاشكال ان يطلب منا احد بان نتخلى عن هويتنا الوطنية ودفاعنا عن ارضنا المقدسة وشعبنا المظلوم .
 
لاولئك الذين يزيفون ويزورون تعاليم الكتاب المقدس ويدعون انهم مبشرون به وهم ليسوا كذلك نذكرهم بانه عندما كان المخلص في هذه الارض المقدسة منتقلا من مكان الى مكان كان يذهب دوما الى الفقراء والمحتاجين والمأسورين والمظلومين والمهمشين ونحن بدورنا اليوم مطالبون ان نتعلم من سيدنا ومخلصنا يسوع المسيح بأن نكون الى جانب كل انسان مظلوم ومتألم ومعذب في هذا العالم ايا كان دينه وايا كان انتماءه العرقي اوخلفيته الثقافية .
 
الفلسطينيون شعب ظُلم من قبل اولئك الذين تآمروا عليه وعلى قضيته العادلة وهؤلاء المبشرين المتصهينين اليوم انما هم امتداد لهذا المشروع التآمري ليس فقط على فلسطين بل على هذا المشرق برمته وهنا وجب ان يكون الرعاة والاباء والمؤمنون على قدر كبير من الوعي وان يدركوا بأنه ليس كل من حمل الانجيل بيده وادعى انه مبشر به هو كذلك ، فالكثيرون من هؤلاء هم مضللون ومشوهون ومسيئون للكنيسة ورسالتها واقوالهم باطلة لا علاقة لها بالانجيل وتعاليمه المقدسة .
 
اقول لكل من يريدنا ان نتخلى عن انتماءنا لفلسطين ولهذا المشرق بأننا لن نتخلى عن مسيحيتنا الحقة ولن نتخلى عن انتماءنا لفلسطين ارضا وقضية وشعبا ولن نتخلى عن انتماءنا لهذا المشرق وهويته الحضارية والانسانية والروحية .
 
لسنا جالية في اوطاننا ولسنا اقليات في هذا المشرق وسنبقى شهودا للمسيحية والانجيل في هذه الارض المقدسة وسنبقى دوما مدافعين عن العدالة والحرية والكرامة الانسانية فالدفاع عن حقوق الانسان هو في صلب ادبياتنا وعقيدتنا وثقافتنا المسيحية .
 
ان المحرضين والمشوشين والمسيئين الساعين لحرف بوصلة المسيحيين في هذا المشرق انما هم جزء من المشروع الهادف الى تصفية الحضور المسيحي في هذه المنطقة ولهؤلاء نقول بأننا باقون في اوطاننا وستبقى اجراس كنائسنا تقرع مبشرة بقيم المحبة والاخوة والسلام وسيبقى صليبنا شامخا في سماء بلداننا مناديا ايانا بأن نتفانى في خدمة الانسان وفي الدفاع عن المظلومين والمتألمين والمنكوبين في كل مكان لا سيما في فلسطين الارض المقدسة ارض الميلاد والتجسد والفداء .