كتب : نادر شكرى
اطلق مفكرون وقانونيون مبادرة بعنوان معا لوطن واحد للتصدى للفتنة الطائفية بعد ازمة ازدراء الاديان وقالوا شهدت ساحات مواقع التواصل الإجتماعى خلال اليومين المنصرمين بوادر مواجهات حادة بين مرتاديها من الشباب، على خلفية أزمة الجدل الطائفى الذى دار بين فتاة مسلمة وشاب مسيحى، تبادلا فيه التعريض والإساءة كل إلى معتقدات ومقدسات الأخر الدينية، الأمر الذى ولَّد موجات من الاحتشاد والتصعيد وراء كليهما، وفى سياق ذلك تم القبض على الشاب واحالته للنيابة العامة للتحقيق معه، بناء على بلاغات قدمت ضده متهمة إياه بازدراء الإسلام، الأمر الذى دفع إلى مزيد من التصعيد والاحتقان، ومما زاد الأزمة أن ما أعلن من أنباء متعلقاً بهذه الأزمة، كشف عن أن التحقيق طال طرف دون الأخر، رغم اشتراكهما فى فعل الازدراء، الغير مقبول من كليهما، بما يشكل تهديداً لأمن الوطن والسلام الإجتماعى.
 
وواضاف اصحاب المبادرة الكاتب الصحفى سيلمان شفيق والمفكر القبطى كمال زاخر والمحامى القبطى هانى رمسيس أن  الأزمة تكشف وما تم حيالها حتى اللحظة عن حاجتنا كمجتمع ودولة إلى إعادة النظر فى الحلول التقليدية التى درجت عليها الجهات المعنية، والتى لم تعد مجدية مع التغيرات الجوهرية التى فرضت نفسها على واقعنا، وعلى الأجيال الجديدة التى تشكل القوة الفاعلة فى المجتمع والدولة، وفى مقدمتها معطيات وآليات الثورة الرقمية والتفاعل اللحظى مع ما تحمله وتبثه وتتناقله.
 
ولا يمكن اغفال حالة التربص التى صارت عليه القوى المضادة للدولة وللوطن، وفى مقدمتها التيارات الدينية الراديكالية المتشددة، والمتحالفة مع قوى اقليمية ودولية، والتى لا تفوت فرصة دون توظيفها لحساب اهدافها المعلنة وعلى رأسها اسقاط الدولة والعودة بها إلى ما قبل ثورة 30 يونيو 2013.
ونجد أنفسنا فى مواجهة أزمة تتجدد وتأخذنا إلى حافة المصادمة على خلفيات طائفية، بشكل متواتر ومتكرر تحت مسمى "ازدراء الأديان"، وهى أزمة قانونية وسياسية سبق وتعرض لها بالتحليل الفقهى القانونى الأستاذ حمدى الأسيوطى فى كتابه الوثائقى "إزدراء الأديان فى مصر" الصادر فى يناير 2015. (برقم ايداع 4223 / 2015).
 
وفيه نكتشف علة الأزمة فى المعالجة القانونية المستندة إلى المادة 98 المضافة إلى قانون العقوبات سنة 1982، وقد بين الكاتب، فى طرح مفصل، عدم دستورية هذه المادة استناداً إلى أحكام المحكمة الدستورية ذات الصلة.
 
ولهذا نطلق هذه المبادرة للسعى لوضع رؤية موضوعية تجفف منابع هذه الأزمات وتجنب الوطن مخاطر بقاء الوضع على ما هو عليه، فى عدة محاور :
ـ المحور التشريعى؛ والمنوط بمجلس النواب بالغاء هذه المادة الملتبسة المشار إليها.
 
ـ المحور التعليمى والثقافى؛ وتتحمله وزارات التعليم، والثقافة، والإعلام، وآليات تشكيل العقل الجمعى، فى مراجعة النظام التعليمى وتوحيده وتنقية مناهجه وكوادره من المواد والعناصر التى تعمق الطائفية والتمييز على خلفيات عرقية واثنية ودينية. ودعم الفنون والآداب والإبداع والحوار الموضوعى، التى تصب فى الإرتقاء بالعقل المصرى.
 
ـ المحور السياسى؛ وتتحمله القوى والأحزاب السياسية والمجتمع المدنى، بالمبادرة ببناء جدار الثقة بينها وبين بعضها وبينها وبين اجيال الشباب وادماجه فى تحمل مسئولية بناء الوطن.
 
والمبادرة موجهة بالأساس لشبابنا الواعد أمل الوطن ومستقبله، بل هو عماد الوطن، والذى نعول عليه فى كل مساعى دعمه وتقويته والعبور به إلى النهار.