سليمان شفيق
كتابات كثيرة كتبت عن سد النهضة ، ولكن تقل الكتابات عن الحرب الاهلية الدائرة الان في اثيوبيا وما مدي علاقة ذلك بخلافات داخلية في تلك البلد حول سد النهضة مما يهدد استمرار النظام القائم .

حيث  اقال الاسبوع الماضي رئيس وزراء إثيوبيا آبى أحمد، ، قائد الجيش ورئيس المخابرات ووزير الشئون الخارجية تزامنا مع احتدام المعارك والعمليات العسكرية فى إقليم تيجراى.
 
وقال مكتب الإعلام التابع للحكومة الإثيوبية فى بيان صحفى عن رئيس الوزراء، عيّن نائب رئيس الوزراء ديميكى ميكونين وزيرا للخارجية، كما جرت ترقية نائب قائد الجيش الإثيوبى بيرهانو جولا من منصبه إلى منصب قائد الجيش، وتعيين تيميسجين تيرونيه، الذى كان رئيسا لمنطقة أمهرة، رئيسا جديدا للمخابرات الإثيوبية.
 
وكان آبى أحمد استغل إحجى العمليات لعناصر قال إنها تنتمى إلى الجبهة الوطنية لتحرير تيجراى لشن عملية عسكرية ضد هذا الإقليم الذى يشكل له أزمة كبيرة فى الداخل الإثيوبى.
 
ويصر رئيس الوزراء الإثيوبى على مواصلة حملته العسكرية ضد الإقليم فى وقت يتصاعد فيه الصراع رغم مناشدات دولية للحوار مع الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى بدلا من المخاطرة باندلاع حرب أهلية.
 
وبحسب تقارير صحفية، أدت العمليات العسكرية للجيش الإثيوبى حتي الاحد الماضي، لسقوط نحو 6 قتلى و60 جريحا، مع استمرار الطائرات الإثيوبية فى قصف مواقع بالقرب من مطار ميكيلى عاصمة تيجراى، من المعروف ان تلك المنطقة "تليجراي" هي منطقة سد النهضة.
 
وارتفعت حدة التوتر فى أديس أبابا بعد إجراء تيجراى انتخاباتها بشكل أحادى فى سبتمبر الماضى، بعدما قررت أديس أبابا تأجيل الاقتراع الوطنى جرّاء فيروس كورونا المستجد
 
فيما بررت وكالة الأنباء الإثيوبية فى تقرير مطول لها سبب العمليات العسكرية، زاعمة أن أديس أبابا اضطرت لاتخاذ تدابير تتعلق بسيادة القانون للرد بشكل فعال على الأعمال القتالية المستمرة التى ترتكبها جبهة تحرير شعب تيجراى فى انتهاك دستور جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الاتحادية.
 
 ذكرت قناة العربية، أن الجيش الإثيوبى يعلن الحرب رسميا ضد متمردى تيجراى شمال البلاد.
 
وقالت مصادر دبلوماسية فى إثيوبيا، إن قتالا عنيفا اندلع فى إقليم تيجراى بشمال إثيوبيا، من الاسبوع الماضي، بعد أن أطلق رئيس الوزراء أبي أحمد عمليات عسكرية ردا على ما قال إنه هجوم على قوات الحكومة الاتحادية.
 
ويتصاعد التوتر منذ سبتمبر، عندما أجرى الإقليم انتخابات في تحد للحكومة الاتحادية، التي وصفت التصويت بأنه "غير قانوني". وتبادل الجانبان في الأيام القليلة الماضية الاتهامات بالتخطيط لإشعال صراع عسكرى.

الانقسام القبلي الاثيوبي :
اثيوبيا بين التنوع العرقي والتهديد بالانقسام والحروب الاهلية، وعددنا القوميات والعرقيات الاثيوبية وتاريخ الصراع بينها ، ولفتنا النظر الي أن رئيس الوزراء ابي احمد اول رئيس وزراء مسلم من عرقية اورومو، وكيف تعرض الي محاولة اغتيال في 26 يونيو 2018 ، نشير في هذا التقرير الي الاحتجاجات التي حدثت من قبل من عدد من ابناء العرقية الامهرية في وسط العاصمة الاثيوبية اديس ابابا مطالبين بسرعة التحقيق في حادث اغتيال مهندس سد النهضة سيمجناو بيكلي ، مثلما انتهت التحقيقات في محاولة اغتيال رئيس الوزراء ابي احمد . لم يربط احد بين توقيت محاولة اغتيال رئيس الوزراء ابي احمد المسلم من عرقية أورومو 23 يونيو 2018 ، واغتيال مهندس السد الاثيوبي "سد النهضة" ، سيمجناو بيكلي في 26 يونيو 2018، المسيحي من العرقية الامهرية والذي تم العثور عليه مقتولا بالرصاص داخل سيارته، ثلاثة ايام تفصل بين الحادثين تؤكد بما لايدعوا مجالا للشك في الربط بين الحاديثين ؟!! ".    وبيكلي كان شخصية ذات شعبية كبيرة وأصبح مرادفاً لمشروع السد الطموح للأمة، وهو مصدر للفخر الوطني بالنسبة ، كما تجدر الاشارة الي أن هناك دلالة اخري لمكان دفن المهندس بيكلي حيث تم دفنة في  مقابر كنيسة الثالوث المقدس، بجوار الإمبراطور هيلا سيلاسي الأول، ورئيس الوزراء الراحل ملس زيناوي، وهم من كبار قادة القومية الأمهرية المسيحية الارثوزكسية .. وكانت جنازتة قد اتسمت حينذاك بطابع عرقي ـ ديني.

في الوقت الذي كان العالم يتابع المفاوضات المتتالية حول سد النهضة والتي وصلت الي مجلس الامن الدولي ، قتل سبعة أشخاص في إثيوبيا خلال احتجاجات أعقبت مقتل المغني هاشالو هونديسا(وهومثل الشيخ امام عيسي )، المعروف بأغانيه السياسية،" اشالو هونديسا" من أمبو، لغوداتو هورا وهونديسا بونسا. عائلته من شعب أورومو وكبر وهو يغني في النوادي المدرسيةالجامعات من اجل مصالح الديمقراطية وقبيلة الارومو ، وسبق اعتقالة ويعد من اشد المعارضين لابي احمد .

بحسب ما أفادت مصادر طبية لبي بي سي، وتحقق الشرطة حاليا في إطلاق النار عليه يوم الاثنين في ضواحي العاصمة أديس أبابا.

وكانت أغاني هاشالو تركز في أغلب الأحيان على حقوق عرقية الأورومو في البلاد وتحولت إلى أناشيد تصدح بها الحناجر في موجة من الاحتجاجات التي قادت إلى سقوط رئيس الوزراء السابق في 2018، وتطالب بسقوط رئيس الوزراء الحالي ابي احمد ، وكان المغني البالغ من العمر 34 عاماً قد قال إنه تلقى تهديدات بالقتل. ولكن من غير الواضح هوية من يقف وراء إطلاق النار عليه.

ووقع الهجوم عليه يوم الاثنين في حوالي الساعة التاسعة والنصف مساء بالتوقيت المحلي بينما كان يقود سيارته.

وكان هاشالو، بالنسبة لجمهوره، صوت جيله الذي احتج على عقود من الاضطهاد الحكومي
جماهير غفيرة خرجت إلى الشوارع في أديس أبابا عقب سماعها بنبأ مقتله.

وفي أداما، الواقعة على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرق أديس أبابا، قتل خمسة أشخاص بعد إطلاق النار عليهم خلال مظاهرات كما جرح 75 آخرين، بحسب ما قال الدكتور ميكونين فيسا لإذاعة بي بي سي أفان أورومو.

وأضاف فيسا أن 19 شخصا آخرين أصيبوا بجراح في مدينة ديرا المجاورة.

كما قتل شخصان بالرصاص في مدينة تشيرو الشرقية خلال مظاهرات احتجاجية، حسبما قالت مصادر طبية في المستشفى المحلي لبي بي سي.
وقد قطعت شبكة الانترنت عن مناطق في البلاد مع انتشار الاحتجاجات في ولاية أوروميا الإقليمية

وكانت جثة هاشالو في طريقها إلى مسقط رأسه "أمبو" التي تبعد عن العاصمة 100 كيلومتر إلى الغرب، ولكن المحتجين حاولوا إيقاف العملية وأصروا على وجوب دفنه في أديس أبابا.

وتأتي وفاة هاشالو والاحتجاجات التي تلته في وقت تتنامى فيه التوترات السياسية في أعقاب تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في أغسطس القادم، وذلك بذريعة انتشار وباء كورونا.

وكان ينتظر أن تكون تلك الانتخابات أول اختبار انتخابي لرئيس الوزراء آبي أحمد بعد تسلمه مهام منصبه في أبريل 2018

اسباب التعنت الاثيوبي ؟: احتجاجات الأورومو
يشتكي الأورومو، وهم أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا، منذ زمن طويل من تعرضهم للتهميش، ولا يكفون عن الاحتجاج منذ 2016، ولمواجهة ذلك لجأ الائتلاف الحاكم في نهاية المطاف إلى استبدال رئيس الوزراء في حينه هايلي مريام ديسالين بآبي احمد، الذي ينتمي إلى جناح من  عرقية الأورومو، وقد أدخل آبي سلسلة من الإصلاحات غيرت صورة البلاد التي كانت تعتبر "دولة قمعية". وفاز بجائزة نوبل للسلام في 2019، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى تحقيقه السلام مع إريتريا، ولكنة فشل في استيعاب اغلبية قبيلة الارومو وخاصة من هم ضد انحيازة لعائلتة ومصالحة والتقارب الي ارتريا واعتقال عدد من كبار ضباط القوات المسلحة من الارومو وعدم انتهاء التحقيق في مقتل تائج التحقيقات يبدوا أنها جاءت غير متوقعة لكثير من الإثيوبيين والمهتمين بالشأن الإثيوبي، خاصة أن التصريحات الصادرة عن التحقيقات الأولية للشرطة الإثيوبية، عقب الحادث، كانت تلمح إلى أن الحادث مرتبط بالتغيرات الداخلية والخارجية التي تشهدها الدولة منذ تولي رئيس الوزراء الجديد أبي أحمد، في إشارة إلى تعرضه لعملية اغتيال مدبرة، لأسباب سياسية، وطالبت الشباب بدعم تلك التغيرات الجارية، وكشفت الشرطة وقتئذن أن الحادث جنائيًا، وألقت القبض على عدد من المشتبه بهم، وتوالت التحقيقات.

في تلك الفترة تناقلت وسائل إعلام محلية ودولية والوكالات العالمية، تقارير توجه أصابع الاتهام  لعدد من الأطراف، فما بين وجود بعد قبلي وعشائري في مقتله، والحديث عن دلائل تشير لوجود أياد خفية داخلية، (الدولة العميقة)، راغبة في اعتراض عملية الإصلاح التي يقوم بها رئيس الوزراء الإثيوبي، من منطلق أن التحوّلات التي يقودها ستقلص نفوذ المكون الاكبر من الارومو لصالح مكون مختلف دينيا، فيما طالت الاتهامات الحركة الشعبية لتحرير التغراي، واخرين اتهموا جناح ابي احمد .

مما يؤكد ذلك ان نتائج تحقيقات الشرطة الفيدرالية، ومحاولة قفل ملف القضية نهائيًا، بإعلان انتحار مدير مشروع سد النهضة،  مازالت مثيرة للشكوك، وغير مقنعة للرأي العام الإثيوبي، إلا أن فرضية انتحار مدير سد النهضة الإثيوبي.

لكن المظاهرات اندلعت ضد ابي احمد في 2019 وأعلنت الشرطة الإثيوبية الجمعة ارتفاع حصيلة قتلى المظاهرات المناهضة لرئيس الوزراء آبي أحمد إلى 67 شخصا. وبدأت المظاهرات الأربعاء الماضي حين خرج أنصار المعارض جوهر محمد للتنديد بمحاولة السلطات إبعاد موظفي حمايته الشخصية عنه، قبل أن تتحول إلى صدامات بين أنصار محمد وقوات الأمن الإثيوبية.

وأعلنت وزارة الدفاع نشر عسكريين في سبع مناطق لا يزال الوضع فيها متوتر.

واندلعت أعمال العنف الأربعاء في العاصمة أديس أبابا قبل أن تمتد إلى منطقة أوروميا إثر نزول أنصار المعارض للشارع وحرق إطارات سيارات وإقامة حواجز وسد الطرقات في عدة مدن

وتدهورت العلاقات في المدة الأخيرة بين محمد وآبي أحمد، بعدما انتقد الأول عددا من إصلاحات رئيس الوزراء الذي فاز بجائزة نوبل للسلام قبل أيام قليلة.

وأكد جوهر محمد على موقع فيس بوك أن السلطات سعت لإبعاد موظفي حمايته الشخصية عنه، ما أدى إلى وقوع الصدامات الأربعاء.

وعادت المظاهرات من جديد الاربعاء الماضي من يونيو2020 وقال المعارض جوهر محمد (32 عاما) في مقابلة الجمعة في مقر إقامته بأديس ابابا "لجأ آبي أحمد إلى ما يؤشر إلى التمهيد لإقامة دكتاتورية. حاول ترهيب الناس بمن فيهم حلفاؤه الذين مكنوه من تولي السلطة والمختلفين مع بعض مواقفه"، وأضاف "أن الترهيب هو مقدمة الدكتاتورية"
 
وهكذا تدخل اثيوبيا علي مشارف الحرب الاهلية والانقسام ، تري ما مستقبل ابي احمد وسد النهضة في ظل كل ذلك؟