سليمان شفيق
تمر الان 43 عاما علي اعلان التجمع كحزب و صداقتي بالزميل والصديق محمود حامد
الصداقات مثل المحارة في البحر ، تهاجمها الامواج ، والنفايات ، والاسماك الكبيرة والقروش ، واذا تحملت وظلت ثابتة ، تتحول الي لؤلؤة ثمينة ، هكذا كانت صداقتي مع محمود حامد العويضي ابن العويضات قوص في عمق النهر ومهد الحضارة ، كان حزب التجمع  يعبر المؤتمر التأسيسي للحزب في ابريل 1976، كنت أبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا، وفى قاعة اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى كانت القاعة تعج بالمؤسسين، شبابًا وشابات، عمالًا وفلاحين، نوبيين وبدوًا، وزراء سابقين وطلابًا، لذلك لم يكن غريبًا أن يقول خالد محيى الدين فى كلمته الافتتاحية: «نظرة واحدة إلى القاعة تكفى لتثبت من نحن".

في الطابق التاسع لم يكن سوي خالد محيي الدين ورفعت السعيد ونبوية وعم عراقي وانا حينما هل علينا شاب صعيد يحمل راس فرعونية الملامح ، ونضارة لاتخفي توهج عينية ، تعارفنا وكنا اول اثنين من المتفرغين في المنبر الوليد، وسارت بنا الحياة ..

ولد المنبر فى إبريل وفى نوفمبر ولد الحزب، وفى ديسمبر كانت أولى المعارك، إضراب عمال النقل العام فى القاهرة، يؤيد الحزب الإضراب كون قادة من الحزب فى قيادة الإضراب، بالإضافة إلى أن برنامج الحزب ينص على حق الإضراب،وكانت اول اطلالة لصحيفة المنبر "التقدم" التي كان يراس تحريرها نقيب النقباء حسين فهمي ، كان محمودحامد صحفي تحت التمرين قادما من صباح الخير ، وكان اول صحفي شاب يعمل في التقدم ، وفي ظهيرة احدي الايام هرع محمود الي المصعد حيث كان البطل كمال رفعت يحمل التقدم ، وحملت مع محمود "التقدم " النشرة والامل ، ولم يمضِ سوى أقل من شهرين حتى اندلعت فى مصر من أسوان للإسكندرية انتفاضة يناير 1977، وانتقلنا الي مقر التجمع الحالي في ميدان سليمان باشا

ومنذ تلك اللحظة وحتى رحيل الرئيس السادات لم تتوقف الصحافة عن الهجوم على «التجمع»، ولم تغلق السجون أبوابها إلا وهى موصدة على الآلاف من اليساريين، ومن 160 ألف عضو بدأت الاستقالات حتى انخفض العدد إلى بضعة آلاف، ولكن الحزب لم يتوقف عن النضال، ومن انتفاضة الخبز يناير 1977 إلى مبادرة السلام التى قام بها الرئيس السادات إلى القدس، وما تلاها فى مارس 1978 من اتفاقيات السلام، ويعارض «التجمع» بمفرده المبادرة والاتفاقيات لتبتلع السجون والمعتقلات ما تبقى من قيادات، حتى أنه كان المقر المركزى للحزب ليس به سوى خالد محيى الدين ومكتبه، وأعضاء لجنة الحريات الذين كانوا يزورون السجناء، وفي مقدمتهم محمود حامد والراحلين الاعزاء عبد العظيم المغربي وليلي الشال وعظيمة الحسيني وغيرهم

لم يبقي احد خارج الاسوار سوي محمود وانا ، كان محمود مسئول عن المطبعة التي صودرت اكثر من مرة حتي اخترع لنا عمي محمد حسن جاد "برق" مطبعة يدوية بالبالوظة ، وكنت اوزع مع المرحوم عبدلله  العايدي بالموتسيكل المطبوعات ، كم مرة تم اقتحام التجمع من قبل الشرطة والنيابة العامة .

 كنا ننام علي خشبة المسرح  ونأكل وجبة يوميا ونقتات من حبنا للتجمع والوطن.

أربع سنوات و«التجمع» فى حالة" شبة حرب" مع نظام السادات، وعندما أتى الرئيس مبارك إلى الحكم، دعا الحزب أعضاءه بالتصويت بـ«لا» فى الاستفتاء على الرئيس الجديد، مؤكدًا أن سياسة مبارك هى استمرار لسياسة السادات، وظللت ومحمود علي الدرب سائرين وثائرين وفقراء الا بالحب والنضال من اجل غدا افضل .

معا ومع التجمع لأنه الحزب الوحيد الذى عارض الجماعة الفاشية، الإخوان، منذ اليوم الأول، ولم يتوقف عن الذود عن العدالة الاجتماعية والفقراء والكادحين، ومناصرة القضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية، وكافح ضد التطبيع مع العدو الصهيونى، ولم يخُن أبدًا القضايا المبدئية، مثل حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

الان ماذا تبقي سوي انتظار الحلم ، والصداقة ، ومحاولة نقل الخبرات .

رغم انني اشعر أن الحلم اليساري يتسرب كالماء من بين أصابعنا ،ولم يبق منة سوي رفاق اعزاء كافحوا ولازالوا علي الدرب ، تحية لمحمود حامد ابو مازن ولكل من سبقونا نحو الوطن السماوى.

محمود حامد

خالد محيي الدين