في أول قضية تصل إلى خواتيمها في سويسرا ضمن فضيحة فساد الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، نال رئيس نادي باريس سان جرمان الفرنسي ومجموعة "بي إن" الإعلامية القطري ناصر الخليفي حكم البراءة، من قضية فساد حول حقوق نقل تلفزيوني لمونديالي 2026 و2030. من جانبه، حكم على الأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم الفرنسي جيروم فالك بعقوبة السجن 120 يوما مع وقف التنفيذ بسبب تهمة ثانوية، ما جنبه دخول السجن.

 
برّأ القضاء السويسري الجمعة رئيس نادي باريس سان جرمان الفرنسي ومجموعة "بي إن" الإعلامية القطري ناصر الخليفي، من قضية فساد حول حقوق نقل تلفزيوني لمونديالي 2026 و2030، اعتبرها رجل الأعمال النافذ اعتداء على سمعته ومشيدا بتحقيق "انتصار حقيقي".
 
في المقابل، تجنب الأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم الفرنسي جيروم فالك دخول السجن بحصوله على عقوبة 120 يوما مع وقف التنفيذ بسبب تهمة ثانوية.
 
أول قضية تصل إلى خواتيمها
 
يذكر أن هذه أول قضية تصل إلى خواتيمها في سويسرا ضمن فضيحة فساد الاتحاد الدولي ("فيفا"). وقد اتهمت النيابة العامة فالك بالحصول من الخليفي على الاستخدام الحصري لفيلا فاخرة في جزيرة سردينيا الإيطالية، مقابل دعمه في حصول شبكة "بي إن" على حقوق البث التلفزيوني لمونديالي 2026 و2030 في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فيما اتهمت الخليفي، أحد أكثر الشخصيات نفوذا في عالم كرة القدم، بـ"تحريض فالك على ارتكاب سوء إدارة إجرامي مشدّد" وإدارة غير نزيهة.
 
وتم الاستماع إليهما لمدة عشرة أيام في أيلول/سبتمبر، بالإضافة إلى رجل الإعمال اليوناني دينوس ديريس الذي لم يمثل أمام المحكمة لأسباب صحية، قبل أن تطالب النيابة العامة بسجن الخليفي لمدة 28 شهرا وفالك ثلاث سنوات وديريس 30 شهرا، مع وقف تنفيذ جزئي بالنسبة لكل منهم.
 
ولخّص المدعي العام الفدرالي جويل باهو تهم فالك الموقوف عن ممارسة أي نشاط كروي، بسعيه للحصول على المال لضمان أسلوب حياة "مبذر"، فيما ذكَّر بأن الخليفي استحوذ على "فيلا بيانكا" مقابل خمسة ملايين يورو، عن طريق شركة تم تحويلها على الفور تقريبا إلى شقيق أحد المقربين منه، قبل وضعها تحت تصرف فالك الذي أقر بطلبه المساعدة من الخليفي للحصول على الفيلا قبل توقيع العقد في نيسان/أبريل 2014.
 
الخليفي: "الحكم هو انتصار حقيقي"
 
وأصدر الخليفي بيانا بعد صدور الحكم قال فيه "بعد أربع سنوات من مزاعم لا أساس لها، اتهامات وهمية واعتداء مستمر على سمعتي، برأتني العدالة بشكل تام. حكم اليوم هو انتصار حقيقي. يؤكد أنني التزمت دوما بالاحترام الصارم للقانون والإجراءات".
 
وأضاف: "لطالما وثقت بعدالة تعاونت معها بنشاط لأشهر طويلة، لرد هذه الاتهامات غير المبنية على أي أساس. في كل من مهامي، سأستمر في بذل كل طاقتي في خدمة الرياضة، خصوصا في هذا الوقت الذي يحتاج إلى تعبئة جميع القوى الحية في هذه الصناعة".
 
وكانت هذه أول مطالبة بالسجن على الأراضي الأوروبية في الفضائح المتعددة التي هزت كرة القدم العالمية عام 2015، بعد إدانة العديد من المسؤولين السابقين في أمريكا الجنوبية والولايات المتحدة وسجنهم.
 
إسقاط معظم التهم
 
وأسقط القضاة الثلاثة من محكمة الجزاء الفدرالية في بيلينزونا معظم التهم، ولم يتبق سوى عقوبة 120 يوما لفالك مع وقف التنفيذ بسبب "التزوير" في قضية غير مرتبطة بالخليفي.
 
وقدّر قضاء الحكم، على غرار الادعاء العام، أن فالك دعم شبكة "بي إن" مقابل حصوله على فيلا فاخرة استحوذها الخليفي مقابل خمسة ملايين يورو، عن طريق شركة تم تحويلها على الفور تقريبا إلى شقيق أحد المقربين منه، قبل وضعها تحت تصرف اليد اليمنى السابق لرئيس فيفا السويسري جوزيف بلاتر.
 
لكن فالك والخليفي نفيا أمام المحكمة أي "اتفاق فساد" بينهما وأكدا أن الامر يتعلق بتسوية "خاصة" لا علاقة لها بالعقد المبرم بين "بي إن سبورتس" وفيفا في نيسان/أبريل 2014.
 
كما أن كلا منهما وصف الاتفاقية مع الفيفا بالـ"ذهبية" وحتى الـ"سامية"، حيث دفعت "بي إن سبورتس" 480 مليون يورو لنقل البطولتين العالميتين، أي بزيادة 60% عن القيمة التي دفعتها لنقل نسختي 2018 و2022، عندما كانت المرشحة الوحيدة في السباق على الحصول على حقوق بثهما.
 
لكن النيابة العامة أكدت أنه بغض النظر عن ذلك، فإنه كان يتعين على فالك إبلاغ فيفا بخصوص الفيلا، وبالتالي تم دفعه من قبل رئيس "بي إن سبورتس" للإضرار بالاتحاد الدولي وهما جنحتان تتعلقان بـ"إدارة غير عادلة" و"التحريض" على هذه المخالفة.
 
كما تمت محاكمة فالك في قضية تتعلق بحقوق البث التلفزيوني في اليونان وإيطاليا، لتلقيه 1,25 مليون يورو على ثلاث دفعات من دينوس ديريس.
 
لا ضرر لفيفا
 
لكن خلافا لرأي الادعاء، رأت المحكمة أنه "من الصعب التصديق" أن الترتيب حول فيلا بيانكا جاء "في إطار خاص بحت"، معتبرة أن هناك ارتباطا بالحقوق التي حصلت عليها "بي إن".
 
ولم يتمكن القضاء من توجيه الإدانة بـ"فساد خاص"، إذ كان الاتحاد الدولي قد سحب شكواه في كانون الثاني/يناير بعد اتفاق مع الخليفي لم يتم الإعلان عن مضمونه، ما أدى تلقائيا إلى إسقاط هذه التهمة بموجب القانون السويسري.
 
وبقيت تهمة "الإدارة غير العادلة" التي تتطلب الإثبات أن الاتفاق بين الرجلين أضرّ بفيفا. لكن المحكمة أوضحت "لا شيء يشير إلى أن فيفا كان سيحصل على عقد أكثر نفعا" من الذي وقعه مع "بي إن".
 
وكان وكلاء الدفاع عن الخليفي قد استمروا بوصف القضية بأنها "مصطنعة"، صمّمتها النيابة العامة "في محاولة لإنقاذ ملفها"، بعد اضطرارها إلى إسقاط تهمة "الفساد" عن الخليفي إثر الاتفاق مع فيفا.
 
واعتبرت هذه القضية علامة فارقة في سويسرا حيث تتخذ معظم الاتحادات الرياضية الدولية مقرا لها، حيث فُتح منذ خمس سنوات نحو عشرين تحقيقا متمحورا حول فيفا.