سحر الجعارة
الأسبوع الماضى كتبت تحت عنوان «الاستعباد الجنسى للنساء»، عن الوحشين (أب وأخ للضحية) اللذين تناوبا اغتصاب صبية عمرها 15 عاما الآن حتى «حملت»، وبعدما اكتملت مأساة الفتاة التى ولدت مثل «نبت شيطانى» فى أسرة ملعونة.. كل ما فكر فيه الأب هو إبعادها بحملها عن منطقة السكن، وبعدما وضعت طفلها المشبع بدم «زنى المحارم»، وضعه الأب فى كرتونة وذهب بنفس الاستهتار من «روح بريئة» إلى منطقة «منشأة القناطر» ليلقى به فى صندوق القمامة.. وهناك تجمع المارة وتم ضبطه.

وفى ختام مقالى قلت: إن لدينا الآن طفلا مجهول النسب فى إحدى دور الرعاية الاجتماعية، وضحية سوف تُعرض على الطب الشرعى لإجراء تحليل DNA، ومجرمين لا يشعر أحدهما بالذنب.. لكن القصة لم يتم فصلها الأخير: لايزال لدينا أنثى مرشحة لتصبح من «نساء الشوارع»، وطفل سِفاح لا نعرف مصيره!.

عقب نشر المقال، اتصلت بى السفيرة «مشيرة خطاب»، وزيرة الدولة للأسرة والسكان سابقا، والأمين العام للمجلس القومى للأمومة والطفولة «1999 - 2009».. وأكدت أنه يوجد بالفعل القانون رقم 126 لسنة 2008، الذى يكفل لحالات الأطفال السفاح حياة قانونية سليمة.. وقالت إنه بعد مجىء الإخوان إلى الحكم حاولت القيادية الإخوانية «عزة الجرف» وأخواتها إلغاء هذا القانون، لولا تصدى الجمعيات الأهلية لهن.

وتقول السفيرة «خطاب» إن الإصلاح التشريعى بدأ بإعلان الاستراتيجية القومية لحماية وتأهيل وإدماج أطفال الشوارع، وأتت هذه الجهود ثمارها بإصدار مجلس الشعب القانون رقم 126 لسنة 2008 المُعدِّل لقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996.. شمل هذا الإصلاح التشريعى أكثر من 100 مادة من أصل 140 مادة.. فتنص المادة (1) على سبيل المثال على أن الدولة تضمن كحد أدنى الحقوق المنصوص عليها فى اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولين الاختياريين الملحقين بها بشأن بيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلالهم فى المواد الإباحية، وبشأن اشتراك الأطفال فى النزاعات المسلحة؛ وأيضا الحقوق الواردة فى جميع المعاهدات الدولية السارية فى مصر.. كما أن الإصلاح التشريعى يؤكد مبدأ أن الأطفال أصحاب حقوق، على الدولة واجب منحها وحمايتها.

لقد قرأت القانون بعناية، وتوقفت أمام عدة مواد كالتى تؤكد عدم التمييز ضد الفتيات والنساء (وهى متعلقة بالضحية/ الأم)، لكن ما يعنينى هنا هو مستقبل الطفل الذى جاء نتيجة جريمة «زنى محارم»، القانون بشكل عام ينص على أنه من حق الطفل معرفة وحمل اسم والده الشرعى.. كما أن الطفل المولود خارج إطار الزوجية، معلوم الأم ومجهول الأب، سيتم تسجيله عند الولادة عن طريق أمه.

فى الفصل الثانى الخاص بقيد المواليد، تنص المادة (22) على أنه: استثناء من حكم المادة السابقة (وهى خاصة بإقرار أبوة أو أمومة الطفل)، فإنه لا يجوز لأمين السجل ذكر اسم الوالد أو الوالدة أو كليهما معا، وإن طُلب منه ذلك، فى الحالات الآتية: 1- إذا كان الوالدان من المحارم فلا يذكر اسميهما.. 2- إذا كانت الوالدة متزوجة وكان المولود من غير زوجها فلا يذكر اسمها.. 3- بالنسبة إلى غير المسلمين، إذا كان الوالد متزوجا وكان المولود من غير زوجته الشرعية، فلا يذكر اسمه إلا إذا كانت الولادة قبل الزواج أو بعد فسخه، وذلك عدا الأشخاص الذين يعتنقون دينًا يجيز تعدد الزوجات.

انتشلتنى السفيرة «مشيرة خطاب» من دوامة الحيرة والأسئلة حول مصير الطفل السِّفاح، وهو ضحية مثل أمه، فمن الواضح أن هناك فرصة لأن يتخذ مسارًا شريفًا فى الحياة بعيدًا عن جريمة الأب المزعوم، وأن تكون لديه أوراق رسمية تكفل له الحقوق المنصوص عليها للطفل مثل الصحة والتعليم وتحميه من الانحراف والجريمة وبغاء الأطفال، والأهم أنه يحميه من «التنمر المجتمعى».

لولا اتصال سعادة السفيرة لما تمكنت من عرض القانون على القراء، وأنا أعلم أنه مادة تفتقر للجاذبية، وهو ما يؤكد أن المهموم بقضايا الوطن لن يبتعد عنها أبدا.. لقد اختيرت السفيرة «خطاب» كثالث أعظم ناشطة حقوق إنسان فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ضمن 5 أخريات فى ديسمبر 2013.. وهى تثبت كل يوم أنها لم ولن تتخلى عن دورها
نقلا عن المصري اليوم