سليمان شفيق
ألمانيا تفرض تدابير صارمة أربعة أسابيع منها إغلاق المطاعم والمنشآت
ماكرون يعلن إعادة فرض حجر صحي لا يشمل المدارس ابتداء من الجمعة

 
في خطاب ألقاه مساء امس الأربعاء، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العودة إلى تطبيق حجر صحي على مستوى البلاد اعتبارا من الجمعة حتى الأول من ديسمبر/ كانون الأول على الأقل. وعلى خلاف الحجر الصحي السابق، قال ماكرون إن المدارس ستبقى مفتوحة أمام التلاميذ، ولكن المطاعم والحانات و"المتاجر غير الرئيسية" ستغلق أبوابها. وحذر الرئيس الفرنسي من أن بلاده قد تسجل "400 ألف وفاة إضافية على الأقل" في غضون أشهر في حال عدم التحرك لكبح تفشي كوفيد-19 في فرنسا.

وقال ماكرون في كلمة متلفزة مساء الأربعاء، "قررت أنه يتوجب بدءا من الجمعة العودة إلى الحجر الذي أوقف الفيروس. التراب الوطني كله معني".
وأوضح ماكرون أن هذا التدبير يقوم على ثلاث نقاط أساسية "المدارس ستبقى مفتوحة، العمل يمكن أن يتواصل، دور رعاية المسنين يمكن زيارتها".

إغلاق الحانات والمطاعم
وأعلن ماكرون أن الحانات والمطاعم و"المتاجر غير الرئيسية" ستغلق في البلاد بدءا من الجمعة في إطار إعادة إجراءات الحجر. وقال ماكرون في كلمة متلفزة إن "المتاجر التي صنّفت في الربيع على أنّها غير رئيسية، خاصة الحانات والمطاعم، ستغلق".

وأشار إلى أنّ "العمل عن بعد سيعمم من جديد حيثما أمكن"، ولكن مقارنة بالإغلاق الذي فرض في الربيع فإنّ "العمل سيتواصل بدرجة أكبر".

أيضاً، "من أجل تجنب مآس إنسانية عرفناها في الربيع، أي أن يجد أشخاص وحيدون، في نهاية حياتهم، أنفسهم معزولين تماماً، فإنّ زيارتهم في دور رعاية المسنين  ستكون متاحة هذه المرة شرط التقيّد التام بالقواعد الصحية".

وأعلن ماكرون أنّ "خطة خاصة ستحدد من أجل أصحاب المهن الحرة، التجار، المؤسسات الصغيرة والمتوسطة"، داعياً الفرنسيين إلى البقاء متحدين ومتضامنين" رغم "التعب".

تحذيرات رئاسية
وحذر من أن بلاده قد تسجل "400 ألف وفاة إضافية على الأقل" في غضون أشهر في حال عدم التحرك.

وأضاف أنّ "البعض يؤيد عدم القيام بشيء وترك الفيروس يتنقل، وهذا ما نسميه البحث عن المناعة الجماعية (...) المجلس العلمي قيّم تبعات هكذا خيار، وهي لا ترحم. على المدى القصير جداً، هذا يعني إجراء فرز بين المرضى في المستشفى و(تسجيل) 400 ألف وفاة إضافية على الأقل في غضون أشهر قليلة  فرنسا لن تتبنى هذه الاستراتيجية أبداً

"على غرار جيراننا"
وأضاف الرئيس الفرنسي "نحن على غرار جيراننا كافة نعاني من تسارع مفاجئ للجائحة عبر فيروس يبدو أنّه يزداد قوة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة. مرة جديدة أيضاً، لابدّ من الكثير من التواضع، كلنا في أوروبا مندهشون إزاء تطور الفيروس".

وشدد على أنّ "بعض الدول مثل إسبانيا، إيرلندا، هولندا اتخذت باكراً إجراءات أشدّ من إجراءاتنا. رغم ذلك، كلنا، عند النقطة نفسها، مشغولون بموجة ثانية نعرف أنّها ستكون بلا شك أقسى وأكثر فتكاً من الأولى".

523 حالة وفاة
وسجلت فرنسا الثلاثاء 523 وفاة بالمرض في 24 ساعة وهو أعلى معدل يومي منذ أبريل عندما كان التفشي في ذروته. وحذر أطباء من أن وحدات العناية المركزة على وشك الوصول إلى طاقتها الاستيعابية القصوى.

ووفقا لبيانات رويترز فقد تخطت وفيات كورونا في فرنسا 35 ألفا وهو سابع أعلى حصيلة وفيات بهذا المرض في العالم

المانيا تحشد جهودها :
شرعت ألمانيا في فرض تدابير صارمة لمدة أربعة أسابيع لاحتواء الموجة الثانية من فيروس كورونا في ألمانيا، من بينها إغلاق المطاعم والمنشآت الترفيهية، وفقا لما أعلنته المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. وتم ضخ مساعدات تصل إلى عشرة مليارات يورو لتمكين الاقتصاد من امتصاص الصدمة

يجب أن نتحرك الآن
وقالت المستشارة الألمانية في مؤتمر صحفي إن التدابير "الصارمة" و"الصعبة" ترمي إلى "كبح وتيرة تفشي الفيروس السريعة للغاية".

وقالت ميركل "يجب أن نتحرك الآن"، من أجل تجنّب العودة إلى "حالة الطوارئ الصحية"، مشددة على أن القواعد الجديدة ستطبّق على مستوى البلاد بعد التوصل لاتفاق بهذا الشأن خلال اجتماع مع رؤساء حكومات المقاطعات الألمانية، على أن يعقد اجتماع ثان بعد أسبوعين للوقوف على مدى فاعلية التدابير وتعديلها إذا ما اقتضت الضرورة

ويشمل الاتفاق إغلاق الحانات والمطاعم والمنشآت الرياضية والثقافية والترفيهية على غرار دور السينما والمسارح وقاعات الحفلات الموسيقية وأحواض السباحة، اعتبارا من يوم الإثنين. وستقام المسابقات الرياضية من دون جمهور.

ويحدد القرار بعشرة أشخاص الحد الأقصى للمشاركين في الاجتماعات الخاصة.

ويطلب من المواطنين تفادي أي تنقل غير ضروري كما تقتصر الإقامة في البلاد على "غايات غير سياحية".

لكن على عكس الإغلاق الذي فرض في فصل الربيع لن تغلق المدارس ودور الحضانة أبوابها، كما ستواصل المحال عملها إنما بقيود أكثر صرامة، وكذلك الأمر بالنسبة لصالونات الحلاقة وتصفيف الشعر، كما لن تغلق دور العبادة.

علاج أربعة أسابيع
ورغم أن وضع البلد أفضل حاليا من دول أوروبية أخرى كإسبانيا وفرنسا، على غرار ما كان عليه في الربيع، إلا أن تصنيف المناطق الألمانية يتجه تدريجيا إلى اللون الأحمر.

فقد تجاوز مؤخرا عدد الإصابات اليومية بالفيروس 10 آلاف، مع تسجيل حصيلة قياسية بلغت 14964 إصابة الأربعاء، وفق معهد روبرت كوخ.

البحث عن المخالطين
وقالت ميركل "يجب تسطيح المنحى  من أجل إتاحة البحث عن المخالطين" مضيفة أنه بالنسبة إلى ثلاثة أرباع الإصابات الجديدة لم يعد المسؤولون قادرين على تحديد حاليا مصدر العدوى.

واعتبر رئيس حكومة بافاريا ماركوس سودر إن التدابير هي بمثابة "علاج مدته أربعة أسابيع"، مضيفا أن التعجيل بفرض هذه التدابير يجنّب الجميع أوضاعا أكثر صعوبة

ويعتبر مسؤولون أن التدابير تهدف إلى إنقاذ الاحتفالات بأعياد نهاية السنة، علما أن غالبية أسواق الميلاد الأحب على قلوب الألمان سبق أن ألغيت بسبب الجائحة

والهدف من التدابير الجديدة هو "الإسراع في وقف ديناميكيات انتشار العدوى لتجنب فرض قيود واسعة النطاق تتعلق بالاتصالات الشخصية والنشاط الاقتصادي" خلال فترة احتفالات عيد الميلاد. ويثير الوضع الاقتصادي مخاوف كثيرة في ألمانيا وسائر الدول الأوروبية

ولتخفيف وطأة الصدمة على الاقتصاد ستقدم ألمانيا مساعدات بقيمة 10 مليارات يورو للقطاعات المتأثرة بالتدابير الجديدة

وقال وزير الاقتصاد المحافظ بيتر ألتماير إن "الزيادة الضخمة في عدد الإصابات والتدابير الواجب اتّخاذها حيالها ستؤثر على الاقتصاد".

ويمكن للقيود الجديدة، وإن كانت أقل تشددا من تلك التي فرضت في الربيع أن تقضي على عدد كبير من الشركات الصغيرة. وتظاهر تجار في برلين على خلفية ما يعتبرونه تهديدا لمصدر رزقهم

وقالت كوردولا ويدنباخ التي تؤجر شركتها أثاثا للمعارض في ميونيخ، إن دعم الدولة غير كافٍ. وتشعر هذه السيدة البالغة من العمر 45 عاما بالقلق. وقالت "منذ ثمانية أشهر انخفض حجم مبيعاتنا بين تسعين ومئة بالمئة"، موضحة أنه "إذا استمر الوضع على هذه الحال فسوف نفلس".