د. مينا ملاك عازر
لا أتحدث هنا عن مناورات تركية بحرية عسكرية أو برية لكني أتحدث عن مناورات سياسية، ضغوط وتراجعات، كلمات وخطابات ترشق بها المختلفين معها والذين يعادونها، أو تلطف بها الأجواء، المتابع للتصريحات التركية في الآونة الأخيرة يدرك تماماً أن تركيا تناور ومناوراتها للآن لم تصادف نجاحاً، في العادي المناورات غالباً تقترن باجتهادات عسكرية، ولكن المناورات السياسية التركية والدبلوماسية تصاحبها تحركات اقتصادية أو إن شئت الدقة فهي بحثية قائمة من وراء سفينة البحث والاستكشاف والتنقيب عن الغاز والبترول في شرق المتوسط، التي سحبتها تركيا أخيراً، ثم أعادتها لبؤرة العمل والعمليات بعد سلسلة من التصريحات جاءت من مستشار أردوغان في حزب التنمية والعدالة التركي تهادن وتثني على الجيش المصري، وتستبعد حدوث صدام بين الجيشين التركي والمصري، وأثنى على الأخير واستعداداته، ولما واجهت وزارة الخارجية تلك التصريحات التركية بالانتقاد والتعبير عن الدهشة، في تناقض المواقف بين الواقع العملي والكلام النظري، تابعت تركيا تصريحاتها بتسريب أخبار عن تعاون استخباراتي بين البلدين مصر وتركيا، وربما تعاون أمني بين الطرفين، كل هذا لم ينجم عنه أي جديد بعد تقديم السراج لاستقالته، وتأكيده الذهاب عن منصبه في نهاية الشهر القادم –أفلح إن صدق- هذا هيج أردوغان وجعله يعود ويضغط، ولما شعر بأن الاتحاد الأوربي ومن ورائه فرنسا وألمانيا انتصروا لليونان، وأنهم حددوا الحدود البحرية بين بلاده واليونان غضب، أعاد سفينة البحث والاستكشاف الجيولوجي لشرق المتوسط لتعمل عملها الهادف لممارسة أكبر قدر ممكن من الضغط وإثبات الجدية في الطمع والإستئثار بثروات شرق البحر المتوسط النفطية والغازية خاصة بعد أن استجدى أردوغان العدل والإنصاف بمقياسه، فلم يجد أذن سامعة ولا عقل مهتم برغيه وزبده، فلجأ للسفينة كما قلنا راجياً أن يتراجع الصف المصري الأوروبي ففوجئ على تأكيد هائل من قبيل الرئيس السيسي على الخط الأحمر الذي رسمه بين سرت والجفرة، وتأكيده على رفضه بألا يتخطاه أحد وذلك خلال خطابه في الأمم المتحدة، ما يعني أن كل التراجعات التكتيكية التي قامت بها تركيا وكل الخسائر التي منيت بها بالتفاهم بين المجلس الرئاسي الليبي والبرلمان الليبي أدت إلى ضعف موقف تركيا وليس تقويته، فباءت المناورات التركية بالفشل والحمد لله.

آخر القول، في هذا المقال أنا لا أتمنى الحرب ولا أتوقعها، لكنني دائما عندما يكون القرار في أيدي مختلين وخاسرين في كل الأصعدة، أقلق من طيشهم، وأتحسس مسدسي من فرط تهورهم، فأنا لا أحب أن أتحدى من ليس لديه ما يخسره.

المختصر المفيد تكاد تركيا تخسر كل شيء، فانتبهوا، بعدها ستصبح انتحارية لو فقدت عقلها.