عبد المنعم بدوى
يقف أمام باب الشقه ، وقد فتح الباب ، وأغلقه خلفه بالمفتاح من الداخل ، وأحكم وضع الترابيس الثلاث ... يتملكه شعور عميق بأن " الليله دى مش حتعدى على خير " ، تقدم خطوات الى غرفة النوم ، لكنه توقف وهو يحدث نفسه : الأفضل ألا أخلد إلى النوم فى هذه الليله " الزحل " ، سوف أتمدد هنا فوق كنبة الصالون ، ولن تفارق عيناى باب الشقه .

فك رباط عنقه ، وخلع الجاكت ، وطوح بها بعيدا ، وأرتمى بجسده المرهق فوق الكنبه ، وخطر له أن يتخلص من حذائه ، لكنه رفض الفكره بسرعه وهو يقول : كيف سأهرب منهم لو طاردونى ؟ أعتقد انه لايجوز لرجل مثقف مرموق مثلى أن يجرى فى الشارع بأقدام حافيه .

الهواجس تطارده وتسيطر عليه .... مطارده الجهات الأمنيه له ولزملاءه مستمره ، فهو معارض مزمن لسياسات " السيسى " ، تم أعتقال عدد من زملاءه والتشهير بهم وحبسهم بدون محاكمه .

جفاف الحلق يضايقه والم الصداع الذى يلازمه من الصباح كأنها مطارق تدق داخل رأسه ، نظر ناحية المطبخ ونهض بخطوات متثاقله ناحية الثلاجه ، وعندما فتح بابها لفحته نسمه بارده أراحته قليلا ، ووجد أمامه زجاجة لبن فارغه حتى منتصفها ، فرفعها الى فمه شاربا ماتبقى فيها .

حانت منه نظره الى باب الشقه ... لم يستطع أن يركز بصره ، الصوره تهتز أمام عينيه ، حاول أن يركز ، شعر أن الغرفه تدور من حوله ، وشعر كأنما يدور معها ، جاءه شعور أن الترابيس الثلاث تفتح الواحد تلو الأخر .. مد يده وهو يلهث غير قادر على التقاط أنفاسه ، حتى أمسك بتليفونه المحمول ، ثم

همس بصوت كالفحيح
-الو الأستاذ ناجى المحامى
-حينما جاءه الرد من الطرف الأخر .. أسرع يقول وكأنه يلفظ أنفاسه الأخيره
-النجده .. الحقنى أرجوك بسرعه ، لقد فتحوا باب الشقه ، وهم يقتربون منى الأن للقبض على
وقبل أن يكمل حديثه .. سقط التليفون من يده .

بعد أيام ثلاث ... صدرت من الشقه رائحه أزعجت الجيران ... أقتحم البوليس الشقه ليجدوه جثه ملقاه على الأرض بجوار كنبة الصالون ، وفى يده التليفون المحمول .

بالطبع بذل الجميع جهدا لكسر الباب والتخلص من المتاريس الثلاثه التى كان قد أحكم أغلاقها ، وكان تشخيص الطبيب الشرعى ، أنها وفاه طبيعيه نتيجة أنفجار فى شرايين المخ بسبب أرتفاع مفاجىء فى ضغط الدم .