د. مينا ملاك عازر

ما أن تحل ذكراه، أي الزعيم عبد الناصر إلا ونجد صفحات الصحف بمختلف أنواعها مطبوعة والكترونية تنضح بالكتابة عنه. للوهلة الأولى، تستطيع القول أن الأمر طبيعي، لكنك ما أن تتأمل الأمر، تستطيع الجزم بأن تلك الحمة التي تدفعك للكتابة عنه، والنقاش حوله، وقراءة ما يكتب عنه، لأمر يعني أنك بصدد شخص هام وصاحب مشروع.
 
والسؤال هنا هل لو سايرت رغبتي في عدم الكتابة عن ناصر في ذكراه، هل أستطيع؟ ربما نحاول سويا أن نفعل هذا فنحن لدينا الكثير من الموضوعات التي يمكننا الحديث بشأنها ولنقفز فوق هذا الجدال الذي يدور سنويا دون وصول لنتيجة؛ لأن الكثيرين تتحكم فيهم عواطفهم، وتحركه رغبته الجامحة لإثبات صحة رأيه، ويحدوه حلم يراوده بالدفاع عن الغلابة.
 
لذا سأحدثك صديقي القارئ عن حلم الغلابة الذي تحاول الدولة أن تحققه وهو أن تقدم لهم مسكن، ومأكل، وملبس، ومشرب آدميين ويستحقهم المواطن المصري، ويقول عن هذا الرئيس السيسي أن ذلك نوع من أنواع حقوق الإنسان، واللافت هنا أن تلك الحقوق الإنسانية والآدمية، تحاول الدولة منذ ثورة يوليو أن تقدمها للمصريين!! علامات التعجب هنا لأني أذكر أن من أهداف ثورة يوليو ومشروعها الوطني أن يقضون على الإقطاع فقضوا عليه ، ولم ينتفع الفلاح الفقير شيء!!! إذن لم تكن المشكلة في الإقطاع ولا الإقطاعيين، وبات من أضرار الإصلاح الزراعي تفتت الرقعة الزراعية بين الفلاحين الخ.
 
كذلك أستطيع القول أن ضمن حلم الغلابة الذي تعمل عليه الدولة أن توفر للمواطنين المساكن، وأنا لا أعرف لماذا لم تستطع الدولة منذ ثورة يوليو أن تفعلها بما عرف بالمساكن الشعبية وما شابه وحتى المدن التي بنتها الدولة أيام السادات ومبارك لم تثمر عن شيء إلا لأننا ننمو سكانيا بشكل مرعب لم ترعاه الدولة ولم تراعيه في مشروعها الضامن والباحث عن مسكن آدمي.
 
من المؤلم أيضا أن من الأحلام التي يحلم بها الغلابة للآن مأكل جيد، وهنا نعود لنقطة الإصلاح االزراعي الذي فتت الرقعة الزراعية والرغبة في أن تتحول مصر لدولة صناعية ما أثر بالتأكيد على وضعها الزراعي ولم نصبح صناعيين ولم نبقى زراعيين للأسف، فازددنا فقرا وديونا.
آه، آسف بالرغم من رغبتي في عدم الكتابة عن ناصر، لكنني كتبت عن مشروعه الذي فشل بسبب سوء تخطيطه وتنفيذه ودخوله في حروب وصراعات إقليمية أفقرتنا ودمرتنا للأسف.
 
المختصر المفيد المشاريع ذات النوايا الحسنة لا تكفي لقيام ونهضة الشعوب.