هاني صبري لبيب  
من أشهر الأفلام السينمائية التي أنتجتها هوليود فيلم (تايتانيك). وقد تكلف انتاج هذا الفيلم 200 مليون دولار أي ما يعادل 320000000000 جنيه مصرى، وهو فليم بديع ورائع حقاً، ولكن في أول شهر من عرضه حقق إيراداً تجاوز الألف مليون دولار.
 
وتايتانيك هو اسم السفينة التي صممها صاحبها عام 1912 تحت شعار (سفينة لا تغرق) وقد كانت فعلا سفينة دقيقة التصميم وعظيمة الإمكانيات وغاية القوة وبالغة الضخامة والفخامة، وكانت أكبر سفينة في ذلك الوقت؛ فطولها 269 متراً ووزنها 64300 طن وركابها الذين تحملهم يصلون إلى 2250 راكباً. ولم يكن هناك اهتماماً كافياً بقوارب الإنقاذ، وعندما سؤل القبطان عن سر عدم الاهتمام الكافي بقوارب الإنقاذ فكان رده إنها تايتنك السفينة التي لا تغرق. وللأسف في أول رحلة للسفينة، اصطدمت السفينة بجبل جليد الساعة 2:20 صباح يوم 15 أبريل عام 1912 م، وفي خلال ساعتين غرقت السفينة بالكامل.
 
إننى أعتبر أن أحد أهم أسرار غرق هذه السفينة هو "الأمان الكاذب" أو قل "الغرور" فقد كان القبطان وكل مساعديه لا يتخيلون إطلاقاً أن هذه السفينة الضخمة القوية يمكن أن تغرق، مما أصابهم بحالة من اللامبالاة وضعف الاهتمام. لذلك كن يقظاً عند النجاح والمجد والشهرة، فتجارب النجاح قد تكون أكثر من تجارب الفشل، وإن كان هناك العشرات سقطوا بعد الفشل فهناك المئات بل والألوف الذين سقطوا بعد النجاح. ألم يقل أرثر كستانس: "إن ما تتعرض له حياتنا من أخطار نتيجة للنجاح أكثر كثيراً مما تتعرض له من أخطار نتيجة الفشل". وقال نابليون بونابرت: "إن أكبر خطر يكمن في لحظة الانتصار".
 
عزيزى القارئ: إياك أن تظن أنك سوبرمان أو أنك لا يمكن أن تسقط، إن شمشون الجبار، الذي كان ينتمي لعائلة رائعة، وَقَضَى لإِسْرَائِيلَ عِشْرِينَ سَنَةً (قض31:16). سقط وكان سقوطه عظيماً، ففقد قوته، وفقد بصره "فَأَخَذَوهُ وَقَلَعُوا عَيْنَيْهِ" (قض21:16)، وفقد حريته: "وَأَوْثَقُوهُ بِسَلاَسِلِ نُحَاسٍ". وفقد كرامته، ومركزه، فكان يجر طاحون كالبهائم في بيت السجن والكل يسخر منه.
 
لقد قال أحد الفلاسفة: "الغرور: يعمي البصر والبصيرة .. فيضل صاحبه .. ويجعل الفشل صديقه الدائم".
 
صديقي: لا يوجد شخص لديه حصانة ضد الخطية، فالمجرب يأتي في أي وقت ولكل إنسان، لقد حارب أعظم رجال الله، ومنهم من سقط ومنهم من ثبت. فاحترس. ولقد هاجم السيد المسيح بعد أن كان صائماً لمدة أربعين يوماً أي في قمة الروحانية، ولكن المسيح انتصر، فانتبه.
 
إن الذين أسقطهم عدو الخير في أوقات النجاح والقوة والمجد أضعاف الذين أسقطهم في الظروف العادية، فقد يصيب النجاح  البعض بشئ من الغرور، أو الثقة الزائدة في النفس، أو الإتكال على ما تملك من مال أو جاه أو نفوذ، وقد يجعلك النجاح أكثر إنشغالاً بأعمالك ونجاحك على حساب علاقتك الشخصية بالرب، ورسالتك للمجتمع فتسقط. فكن يقظاً، إياك والأمان الكاذب، والغرور الباطل.