فى مثل هذا اليوم 11 اكتوبر 1973م..
سامح جميل
كانت تلك المقاتلات بدون أصباغ تمويه، وقد مسحت علاماتها الفارقة. وهي مزودة بخطاطيف خصوصية للهبوط على حاملات الطائرات. ولما كانت اسرائيل قد خسرت الكثيرين من طياريها فقد اخذ يتوارد عليها طيارون يهود متطوعون من الولايات المتحدة وبلدان اخرى...
 
كشف هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق و لأول مرة ، تفاصيل خطيرة عن حرب أكتوبر 1973 بعد حوالى اربعين عاما من انتهائها فى اكتوبر 2013م ، و قال : كان القرار الذي اتخذناه في الساعات الأولى للحرب هو عدم السماح بهزيمة «إسرائيل» و كان مقتل 2600 «إسرائيلي» شكل ضربة قاسية و قد تعهدت لمبعوثي تل أبيب بضخ المساعدات وبدأنا في تزويدهم بالفانتوم .
 
و اضاف كيسنجر ان غولدا مائير رئيس حكومة «اسرائيل» آنذاك أرادت زيارة واشنطن وطلب المساعدة من الرئيس نيكسون بعد خسائرها الباهظة على الجبهة . و طلبت تل أبيب وقف النار واقترحنا على بريطانيا القيام بذلك فرفضت ووافقت استراليا لكن انور السادات عارض ؛ اذ شعر بالثقة المفرطة في ظل الانتصارات التي حققها وقرر عدم الاكتفاء بالخط الذي وصل إليه . و زعم كيسنجر "إن حرب أكتوبر ، آخر الحروب بين مصر و «إسرائيل» انتهت دون تحقيق انتصار عسكري لكلا الطرفين" . و في رده على سؤال : "من انتصر في حرب أكتوبر"؟ ، أجاب كيسنجر ـ في مقابلة سيبثها التليفزيون الصهيوني بدءً من 13 أكتوبر2013 بقوله : "لم يكن هناك انتصار واضح ؛ لقد أثبتت «إسرائيل» أن الجيوش العربية المدعومة
سوفيتيا لا يمكنها هزيمتها، خاصة أن «إسرائيل» تمتعت بدعم أمريكي مماثل ، و لهذا عندما تعافت قواتها من المفاجأة المصرية عملت بفعالية وجرأة" .
لكنه أشار إلى "أنها («إسرائيل») تعلمت درسًا جديدًا ، فسقوط 2600 من جنودها قتلى كان ضربة قاسية لها ، لكن بعد 40 عامًا تحسن وضع «إسرائيل» ، فهي الآن عضو مقبول بالمجتمع الدولي ، و شاركت في مسيرة "سلام" مع أحد المشاركين في الحرب ، إلا أن تلك الأخيرة كان تجربة مؤلمة لها" ، وفق ما نقلت صحيفة "هاآرتس" عن مقتطفات من المقابلة .
 
و عن شهادته بشان الحرب ، قال كيسنجر : "في الأيام الثلاث الأولى قيل لنا إن الجيش المصري سيُباد وإن القوات «الإسرائيلية» ستعبر قناة السويس ، وكان تحركاتنا الدبلوماسية معتمدة على تلك الافتراضات، الإشارة الأولى على أن الأمور تغيرت كان صباح يوم الثلاثاء التاسع من أكتوبر، عندما زارني السفير «الإسرائيلي» و ملحقه العسكري اللواء موطيه جور ، و قالوا لي إن «إسرائيل» تكبدت خسائر باهظة على الجبهة المصرية وإن غولدا (مائير رئيسة الحكومة الصهيونية آنذاك) تريد المجئ لواشنطن لتطلب من الرئيس (ريتشارد) نيكسون المساعدة ، قلت لهم أنني سأبلغ الرئيس بأخر المستجدات ، و فعلت ، و أوصيتهم أن لا تغادر مائير «إسرائيل» في ذروة الحرب وتأتي لواشنطن طالبة المساعدة، كي لا يفسر الجانب الثاني الأمر كعلامة على الضعف الشديد" . و أضاف "فيما يتعلق بالجانب العسكري ، أبلغت المبعوثين «الإسرائيليين» بأننا ملتزمون بتعويض النقص «الإسرائيلي» في ظل الخسائر وأنهم في استطاعتهم استخدام الاحتياطي العسكري الذي لديهم ، وأن الولايات المتحدة ستعود وتضخ لهم المساعدات العسكرية ، وبدأنا في تزويدهم بطائرات الفانتوم" .
 
و أردف كيسنجر قائلاً : "كان القرار الذي اتخذناه في الساعات الأولى للحرب، هو عدم السماح بهزيمة «إسرائيل» وعمل كل ما يلزم لتجنب ذلك، كنا مصممين أيضا على أن تكون هناك مبادرة سلام في أعقاب الحرب، شريطة ألا تأتي تلك المبادرة بعد هزيمة «إسرائيلية» ، لهذا عندما طلب تل أبيب وقف إطلاق النار رأيت أن هذه فكرة غير حكيمة، لكن بعدها اقترحنا على طرف ثالث أن يقترح هو وقف النار بدلاً من «إسرائيل» ، عرضنا على بريطانيا هذا الدور ورفضت ، و وافقت استراليا لكن السادات رفض" .
 
و في إجابته على سؤال : "لماذا رفض السادات ، رغم أنه حقق هدفه بعبور قواته للقناة؟" ، أجاب كيسنجر: "أعتقد أن السبب في ذلك هو شعور السادات بالثقة المفرطة في ظل الانتصارات التي حققها، لهذا قرر عدم الاكتفاء بالخط الذي وصل إليه، والذي كان يبعد عن القناة عدة كيلومترات، والتحرك في اتجاه المضائق الجبلية أي متلا والجدي، لهذا قام السادات صباح الأحد 14 أكتوبر بهجوم مدرع، وكانت نتيجة المعركة عكس الأسبوع السابق لها، حيث فقدت مصر مئات الدبابات في تلك الأيام، وكان هذا مقدمة لعبور القناة في الاتجاه المضاد".
 
وعن قرار مائير بعدم القيام بضربة استباقية صباح يوم الحرب ، قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق : "نحن نتحدث عن حرب قامت في الساعة الثانية ظهرا من نفس اليوم، لهذا فالسؤال هو (إلى أي درجة ستكون الضربة المستبقة فعالة، دون أن يكون سلاح الجو «الإسرائيلي» مستعدا للعمل ضد المنظومة الدفاعية الصاروخية التي نصبها السوفييت على طول قناة السويس) لهذا فأنا اعتقد أن قرار غولدا كان معقولاً".
 
وأضاف كيسنجر "يوم 5 أكتوبر أبلغتنا «إسرائيل» أن هناك قلقًا من الحرب ، لكن لا يوجد أي خطر محدد من أي نوع، هناك فقط تخوف إزاء تركيزات القوات التي علمنا بها والتي يمكنها أن تكون على درجة عالية من الخطورة".
 
وفيما يتعلق برؤيته للرئيس السادات ، قال كيسنجر "لم نعرف شيئا عن السادات عندما وصل للرئاسة في مصر، كانت تقديراتنا أنه لن يبقى في موقعه أكثر من عام، لم يكن أحد ما ينظر إلى السادات بجدية"، وفي سؤال من معدي الحلقات عن استهانة تل أبيب بتهديدات السادات بشن الحرب أوضح المسؤول الأمريكي "لقد أطلق السادات تهديدات كثيرة ضد تل أبيب على مدار فترة زمنية طويلة، ووفقا لتقديراتنا لم يكن للسادات القدرة العسكرية على تنفيذ تهديداته، وكانت تلك عي تقديرات الاستخبارات «الإسرائيلية» ، التي وصلتنا مرارا وتكرارا" .!!