هاني لبيب
كلنا يفخر ويحتفل بـ6 أكتوبر، إذ إنه يمثِّل تاريخ أعظم الانتصارات العسكرية المصرية فى العصر الحديث.

لكننى لا أكتفى بالاحتفال، وأعود فى هذه المناسبة من كل عام إلى ما قبل 1981، حينما كانت الدولة المصرية تحتفل بانتصارات أكتوبر من خلال عروض عسكرية، تستعرض فيها قواتنا أسلحتها الجديدة المتطورة، وتستعرض فيها قدراتها القتالية وتدريباتها العسكرية المتقدمة، خاصة فى مجال الطيران العسكرى.

كان لمثل تلك العروض تأثير إيجابى على الشعب، صغاره وشبابه وكباره، إذ بثّت فى الجميع، بشكل مباشر، مشاعر القوة والفخر بعد الانكسار والهزيمة، وأعتقد أننا فى أشدِّ الاحتياج إلى إعادة تنشيط ذاكرتنا الوطنية لكى لا يصبح الاحتفال بانتصار 6 أكتوبر بمثابة نغمة نرددها بدون هدف أو معنى، نغمة تشبه نغمات أخرى، وعلى رأسها أننا أصحاب حضارة السبعة آلاف عام. نعم نحن أصحاب تلك الحضارة، لكننا أصبحنا تدريجيًا نهملها ولا نحترمها، وكأنها مِلْك لآخرين يحترمونها ويجلّونها ويدرسونها أكثر منّا.

انتصار 6 أكتوبر هو نقطة محورية، نتذكرها عند كل حوار يخص القوات المسلحة المصرية لأنه يمثل تحدى الانتصار أمام الفشل، وتحدى البقاء أمام الانكسار والفناء، ولهذا أحترم وأقدِّر كثيرًا قيام الدولة المصرية بإطلاق أسماء قادة القوات المسلحة المصرية على العديد من إنجازات دولة 30 يونيو سواء المحاور أو الطرق أو الكبارى. إنه نوع من تنشيط ذاكرتنا الوطنية. وعلى سبيل المثال لا الحصر إطلاق اسم اللواء باقى زكى يوسف «1931- 2018» على نفق أول شارع التسعين بالتجمع تقديرًا له، إذ إنه صاحب فكرة ضخِّ المياه لفتح ثغرات فى خط بارليف، مكَّنت الجيش من العبور وتحرير أرض سيناء، وقد حصل فى حياته على نوط الجمهورية العسكرى من الدرجة الأولى من الرئيس السادات، كما حصل على وسام الجمهورية من الطبقة الثانية من الرئيس مبارك.

وهذا الأمر تم أيضًا مع اللواء أحمد مختار فتحى «1947- 2010»، صاحب التاريخ العسكرى المشرف، حيث تولى رئاسة فرع عمليات الأمانة العامة لوزارة الدفاع، ورئاسة أركان المنطقة الشمالية، ومنصب قائد الجيش الثالث الميدانى، ومنصب رئيس هيئة تدريب القوات المسلحة، ثم أصبح محافظًا للوادى الجديد، وقد أُطلق اسمه على كوبرى تقاطع الطريق الدائرى الإقليمى أعلى طريق سكة حديد «القاهرة- الواحات».

نعم. نحن فى أمسِّ الاحتياج إلى تنشيط ذاكرتنا الجمعية والوطنية، كنوع من إعادة الثقة فى أنفسنا وفى مجتمعنا، وقبل ذلك كله فى وطننا مصر، وهو أمر لا يحتاج إلى رجال تاريخ ومؤرخين، بقدر ما يحتاج إلى ساسة لديهم القدرة على تحديد شكل حضارى للمجتمع المصرى نطمح أن يصل إليه بعد 30 عامًا، طبقًا لرؤية سياسية واضحة المعالم، حول مستقبل هذا الوطن.

نقطة ومن أول السطر..
دولة 30 يونيو.. هى الدولة القوية التى تُقدِّر قادتها وتحترم رموزها بعيدًا عن حساسيات البقاء للأقوى فى الحياة وفى التاريخ الذى كرسته ثورة يوليو 52، واستمر بدرجات مختلفة بعد ذلك مع الرئيس السادات والرئيس مبارك.
نقلا عن المصرى اليوم