د. محمد طه

أتمنى حضرتك تكون بخير. هاحاول أختصر قدر الإمكان..

أنا وزوجى مرينا بطفولة كارثية، وبنحب بعض الحمد لله. بس أنا حبى ليه من جوايا خد شكل غريب بيموتنى. أنا عندى دائما شعور أنه يستحق حد أحسن، مش قلة ثقة فى نفسى، إطلاقا، بالعكس هو حب شديد ليه. يعنى أنا حتى باحلم بكده كتير وببكى كتير. أنا حاسة إنى زوجة بشكل مؤقت لحد ما يقابل الأجمل والأنجح والأفضل. حاسة إن هو يستحق ده.
 
هو معندوش فكرة عن صراعى ده، لدرجة إنى كل ما بشوف حد بالمواصفات دى، بافكر إنه يستحق حد زيها، وأنا هابقى فرحاناله. وحاسة إن كل الألم اللى جوايا هاينتهى لو بطلت أحبه وسيبته يشوف حياته. حاسة إنه محتاج تعويض عن حياته قبلى، وإنى مش كفاية مهما حاولت، فمابقتش أحاول رغم شهادة كل من حول بذكائى وحسن إدارتى للأمور. آسفة لو طولت عليك.
 
ــ عزيزتى..
أصعب ما يمكن أن يعامل به أى شخص نفسه.. هو إنه يشوف نفسه (مش كفاية).. زوجك بيحبك وبيحترمك، لكنك شايفة إنه يستاهل أحسن منك. زوجك معندهوش فكرة عن صراعك، لكنك حاسة إنك زوجة مؤقتة وهو فى انتظار الأجمل والأنجح. زوجك وغيره بيشهدوا لك بالذكاء وحسن إدارة الأمور، لكنك مش مصدقة ده وشايفاه محتاج تعويض.
 
هل لاحظتى يا صديقتى أنك كثيرة الاعتذار؟ انتى اعتذرتى مرتين فى رسالة قوامها عدة سطور.. مرة بصيغة (هاحاول أختصر قدر الإمكان).. ومرة بصيغة (آسفة لو طولت عليك).. انتى مش محتاجة تعتذرى عن كلامك.. ولا عن رسالتك.. ولا عن مشكلتك..
 
يبدو إن جزءا من الرسايل اللى وصلتك أثناء طفولتك اللى وصفتيها (بالكارثية) هو إنك (مش كفاية).. انك لا تستحقى.. انك قليلة.. والحقيقة ــ وبكل أسف ــ ان هذا النوع من الرسائل النفسية بيوصله كتير من الآباء والأمهات لأبنائهم وبناتهم خلال عملية التربية، وبيعملوا ده بطرق كتير جدا. ويكبر الأبناء ويحسوا انهم لا يستحقون الحب.. ولا يستحقون القبول.. وبعضهم لا يستحق الحياة.. أنا شوفت ناس مش بس بيعتذروا عن كلمة أو فعل.. دول يكادوا يعتذروا عن وجودهم نفسه..
 
عاوز أقولك كلمة فى سرك.. ما تعاملين به نفسك، يصل لمن حولك، ويعاملونك به.. يعنى لما تشوفى إنك قليلة.. ده هايوصل للى قدامك.. وهايعاملك بإنك قليلة.. لما تصدقى إنك مش كفاية.. ده هايوصل للناس.. ويعاملوكى على إنك مش كفاية..
 
زوجك مش ضحية.. زوجك بشر تعرض لظروف صعبة..
 
وانتى مش جانى.. ومش مطلوب منك تكونى منقذ.. انتى برضه بشر تعرض لظروف صعبة..
 
انتى محتاجة تصدقى ــ وبكل خلية فيكى ــ انك تستاهلى.. تستاهلى تتشافى وتتقبلى زى مانتى بدون شروط.. تستاهلى تتحبى وتحترمى وتتقدرى.. تستاهلى تنجحى وتفرحى.. تستاهلى تحيى حياة سعيدة طيبة..
 
كل دى حقوقك اللى ربنا أعطاهالك من يوم ما اتولدتى.. واللى أخدها منك بعض من كانوا حولك.. واللى انتى بتستجديها الآن.
 
لو بعد كلامى ده، مازلتى شايفة إنك مش كفاية.. أرجو إنك تتوجهى لطبيب أو معالج نفسى موثوق، لمساعدتك بشكل أفضل وأعمق وأكثر تفصيلا..
دعواتى معك..
 
نقلا عن الشروق