كتبت - أماني موسى
يوافق اليوم ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة الحرب التي قادتها مصر بقواتها المسلحة الباسلة وشعبها العظيم وقيادة الرئيس الراحل أنور السادات الذي وصف نفسه بأنه رجل من عامة الشعب، بينما لقبته جولدا مائير بـ الثعلب الأسود، وقال عنه الصحفي والتر واين، أنه رجل يفهم ماذا يريد شعبه ويتمتع بحس الوقت المناسب، كما أنه يبرع في التعامل مع الساسة، يجب أن نعترف أنه زعيم فهو أول رئيس عربي نجح في قيادة العالم العرب في العصر الحديث.

وقال عنه أحد ساسة الغرب أنه أحد مفاجآت تاريخ الشرق الأوسط، له شخصية قوية ورؤية مستقلة، على عكس صورة الزعيم الصوري المعتاد، فهو شخصية أكثر تأثيرًا من جمال عبد الناصر.

وفي فيلم وثائقي عنه عرضته الفضائيات المصرية، قال هنري كاسينجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، أنه رجل مصري ووطني صميم، يهتم بالقضية العربية لكن لا يمكن وصفه بـ المتطرف.

وقالت عنه زوجته السيدة جيهان السادات، أنها كزوجة كانت تفضل ألا يكون رئيسًا حتى يتمكن من قضاء مزيد من الوقت معهم كزوج وأب.

وبسؤاله عما يريد أن يكتب عنه بعد رحيله، قال الرئيس الراحل السادات: أود أن يكتب على قبري عاش من أجل السلام ومات من أجل المبادئ.

وقال أحد كبار الإعلاميين بقناة abc، قبل السادات لم يهتم الغرب بإقامة علاقات مع الدول العربية، وبعده اختلف الأمر، ويتساوى بناء العلاقات مع العرب مثل روسيا والصين، ومصر هي الدولة العربية الأعلى مكانة بين جموع الدول العربية، وأشاد بسياسات السادات حيث أعرب عن استعداده للتفاوض بعكس الرئيس الأسبق ناصر، وفتح بلده للاستثمار الأجنبي بعكس ناصر أيضًا.

موضحًا، تولى السادات حكم مصر بعد موت عبد الناصر المفاجئ عام 1970، ومنذ توليه الرئاسة خاضت مصر وإسرائيل حربهما الرابعة، لافتًا إلى أن السادات ولد بانتهاء الحرب العالمية الأولى، وساعدت بريطانيا مصر للتخلص من الحكم العثماني لكنها بقيت في البلاد كسلطة شبه حاكمة.

وتابع، روت جدته له وهو طفل واقعة دنشواي وهي قرية قريبة من قريته، ففي عام 1906 خرد جنود بريطانيون لصيد الحمام، فأعترض الأهالي باعتبار أن الحمام مصدر رزق وطعام لهم وقُتل جندي بريطاني أثناء المواجهة، فعوقب الفلاحين عقابًا شديدًا، وكان السادات يمتلك صورًا عديدة لهذه الواقعة، وعقوبة الجلد والإعدام للعديد من أهالي القرية، ولم ينس عقوبة التصدي للبريطانيين.

وقال السادات في تسجيل سابق له، منذ طفولتي وأنا أدرك معنى الاحتلال الأجنبي، ومعنى الاستعمار، وحقيقة العلاقة بين المصريين والبريطانيين.

وفي فترة مراهقته انتقلت أسرة السادات إلى القاهرة، ويقول السادات عن هذه الفترة: أتذكر ذات يوم أني وقفت من التاسعة صباحًا وحتى الثانية ظهرًا في انتظار موكب الملك فاروق، حتى ألقي نظرة على ملك مصر الجديد، وكان محبوبًا للغاية وقتها، لكنه لم يستمر محبوبًا لوقت طويل، حيث واصلت الحكومة البريطانية ضغطها الشديد عليه مثلما فعلت مع والده الملك فؤاد، وكان هناك ما أسميه مجتمع النصف في المائة، حيث نصف في المائة من المجتمع يملك كل شيء و 99.5 لا يملكون أي شيء.

وقد شارك السادات في المظاهرات الطلابية ضد الاحتلال البريطاني، وتم فصله مرتين قبل تخرجه، وفي عام 1936 قامت الأكاديمية العسكرية بفتح أبوابها لشباب الطبقات الدنيا وتقدم السادات، وكان والده يعمل كاتبًا لدى طبيب بالجيش البريطاني، وطلب منه كتابة توصية لإلحاق ابنه "السادات" بالأكاديمية العسكرية.

وبالفعل تم قبول السادات ومعه عبد الناصر، وكانت خطوة مهمة لتكوين جيش مصري مدرب لا يستمد قياداته من الطبقات العليا أو من خلال الوساطة، وهنا تصادق كلا من السادات وناصر وكانا يريان الجيش كوسيلة لخلع الملك وطرد البريطانيين، وعقب تخرجهما بفترة وجيزة اندلعت الحرب العالمية الثانية، ورأى السادات أن الحرب فرصة تعجل بهزيمة بريطانيا وخروجها من مصر، وهكذا قرر التعاون مع الألمان، قائلاً: لدينا قول مأثور هنا عدو عدوي صديقي، هكذا بمنتهى البساطة.

مشددًا بأنه إذا قُدر لهتلر أن يكسب الحرب لأصبح العالم مريع وفظيع، ونقول هنا في مصر "الله لن يسمح بذلك".

وتابع، فقد كنا نواجه موقفًا خطيرًا للغاية، روميل قد وصل للعلمين وكان على وشك الاستيلاء على الإسكندرية ثم القاهرة، لذا حاولنا الاتصال بالألمان وإبلاغهم أننا نطالب باستقلالنا التام، حتى إذا طلبوا منا ان أن نقاتل في صفهم مقابل ذلك الاستقلال، لكن البريطانيون كشفوا أمر السادات وتم فصله من الجيش والزج به في السجن، وهرب السادات من السجن وأختفى وسط زحام القاهرة.

وأنضم مع ناصر لمنظمة ثورية سرية وعاد إلى السجن بعد عامين بتهمة التآمر لاغتيال سياسي يدعى أمين عثمان، وتم تبرأة السادات،وذلك في عام 1952 وكانت أيام الملك فاروق في الحكم معدودة، حيث وقعت أحداث الإسماعيلية التي استشهد فيها أكثر من خمسين ضابط مصري رفضوا التخلي عن أسلحتهم وترك المكان للإنجليز، وتلاها السبت الأسود الذي شهد ما عرف باسم حريق القاهرة، ووجد ناصر والسادات أن هذا الشعور الشعبي الجامح هو ما يحتاجونه لبدء تحركهم لعزل الملك.

وفي ذلك الوقت كان الملازم محمد أنور السادات يؤدي عمله في سيناء وأمره ناصر بالعودة إلى القاهرة، ولكن عند عودته فوجئ بعدم وجود جمال لاستقباله، فظن أن الأمور كما هي ولا جديد، فذهب للسينما لمشاهدة فيلم، ثم حدث الانقلاب وسرعان ما ألتحق السادات بزملائه وصار له دور رئيسي.