إعداد نجيب محفوظ نجيب

الكنيسة المرقسية فى األسكندرية تاريخ الكنيسة المرقسية بعد أن جاءالقديس مارمرقس الى األسكندرية و بشر أهلها بالانجيل,ذهب الى اقليم الخمس مدن الغربية فى شمال افريقيا )موطنه الاصلى حيث كان قد أسس هناك الكنيسة المسيحية األولى قبل مجيئه الى األسكندرية(. و عند رجوع القديس مارمرقس الى األسكندرية,بعد حوالى سنتين,وجد أن المسيحيين الذين بشرهم باأليمان المسيحى قد نمواوكبر عددهم و بنوا ألنفسهم كنيسة صغيرة

فى جهة من المدينة كانت تسمى ) بوكاليا( أى ) دارالبقر( قريبا من البحر. و عندما استشهد القديس مارمرقس حوالى 68م دفنه المسيحيون فى الكنيسة التى كان يقيم فيهاالقداس الالهى ) قداس عيدالقيامة المجيد( وهى كنيسة بوكاليا التى سميت من هذا العهد ) كنيسةالقديس مرقس (,وهكذا تم تكريس أول كنيسة فى مصر بدم مؤسسها وأول شهيد فيها.

 

تاريخ الكنيسة المرقسية عبر العصور :

فى أوائل القرن الرابع كانت كنيسة صغيرةعبارة عن مقصورة للعبادة.

و قد جاءاليها البابا بطرس خاتم الشهداء )البطريرك17 ) لكى يصلى صالة أخيرة عند قبر مارمرقس قبل أن يذهب الى مكان استشهاده عام 311م. و فى عهدالبابا أرشيالوس حوالى عام 312م,تم توسيع الكنيسة الاصلية بسبب ازدياد عدد المسيحيين.

 

و بعد مجمع خلقيدونية عام 451م تم األستيالء على كثير من الكنائس فى األسكندرية بواسطة رجال األمبراطور البيزنطى وتسليمها ألنصارمجمع خلقيدونية من الرومان واليونان,وكان الشعب القبطى الارثوذكسى يعتبرهم من األجانب و يلقبهم بالملكيين بسبب انتمائهم للملك فى العقيدة والوالء. و كان من الكنائس التى تم األستيالء عليها الكنيسةالمرقسية التى كانت تضم جسد القديس مرقس,والتى كانت قائمة عند البحر.

 

و كانت توجد كنيسة أخرى بأسم مارمرقس)قبلى الاسكندرية( يقال أن رأس القديس كانت توجد بها...هذه الكنيسة ربما كان موقعها هو الموضع الذى تمت فيه محاولة حرق جسد مارمرقس...وغالبا كانت هذه الكنيسة هى التى يرسم فيها البطاركة فى هذه الفترة من الزمان فكانت مقرا لكرسيهم...ومن المرجح أن تكون هذه الكنيسة هى الكنيسة التى كانت تسمى بكنيسة )الانجيليون الاربعة(,الى جانب تسميتها بأسم مارمرقس,وقد تم تجديدها أكثرمن مرة. هذه الكنيسة بقيت فى ملكية الاقباط فترة من الزمان ولكن الملكيون الخلقيدونيون أستطاعوا الاستيلاء عليها فى عهد البابا مرقس الثانى )البابا 49...)ثم هدمت هذه الكنيسة فى وقت ال نعلمه بالتحديد...وأعيد بناءها فى عهد البابا ايساك )البابا 41 )على يد الكاتب أثناسيوس,عندما أظهرالبابا رغبته أمام أثناسيوس فى أن يرى كنيسة )األنجيليون األربعة( مبنية مرةأخرى حيث كانت قبل هدمها.

 

فحقق أثناسيوس رغبة البابا و بنى الكنيسة من جديد وزينها بالرسوم الفنية الرائعة...و رسم لهاالبابا أباء كهنة.

 

هذه الكنيسة تم هدمها وقت تدمير مدينة األسكندرية عند غزوها للمرة الثانية بواسطة العرب,ولكن البابا أغاثون )البابا 39 )أعاد بناء هذه الكنيسة,كما بنى بيتا متسعا أمام الكنيسة لكى يكون استراحة للغرباء الذين يزورون الاسكندرية أوالبطريركية. البابا يؤانس الثالث )البابا 40 )قام بأستكمال تجديد الكنيسة و زخرفتها,فأصبحت الكنيسة تحفة فنية رائعة.

 

و بنى أيضا عدة منازل أوقفهاعلى الكنيسة,مع طاحونة للقمح ومعصرة للزيت.و بعدأن تنيح بها تمت الصالةعليه فيها وتم دفنه فى مقبرة كان قد أعدها هولنفسة  فى الكنيسة .

 

فى عهدالبابا ألكسندروس الثانى,حدث ألول مرة الوحدة بين المسيحيين فى مصر...فمن الطبيعى أن عادت الكنائس ألشراف البابا القبطى ومن هذه الكنائس الكنيسة المرقسية. بنى البابايؤانس الرابع )البابا 48 )كنيسة فخمة على أسم مارمرقس فى األسكندرية وبنى الى جانبها بيتا لكى يسكن فيه...وغير معروف اذا كان هذاالعمل تجديدا للكنيسة القديمة أم بناء كنيسة جديدة فى مكان جديد.

 

البابا يؤانس الرابع جدد كنائس كثيرة فى الاسكندرية الى جانب بناءه لكنيسة مارمرقس.

 

وقد قام الفنانون بتزيين الكنائس والدار البطريركية,مماجعلها تحفة فى الفن المعمارى والزخرفة. فى عهد البابا أبرام بن زرعة,وبعد حادث نقل جبل المقطم تم تجديد كنائس كثيرة وخاصة فى الاسكندرية.

 

فى عام 1004م كان يوجد كنيسة فى األسكندرية على أسم مارمرقس معروفة بأسم )القمحة(,وكانت أيضاتعرف بأسم )المعلقة(.

هذه الكنيسة أحترقت أثناء حوادث غزوالعرب,ثم أعيد بناؤها فى عهد البابا بنيامين )البابا 38 )ثم أكمل بناءها البابا أغاثون )البابا39 )والمرجح أنه قد حفظت فيها رأس القديس بعد حادث محاولة سرقتها644 م. فى عهدالبابا خريستوذولو )البابا 66 )أنتقل المقرالبطريركى الى الكنيسة المعلقة بالقاهرة,وفى عهده أيضا قام ببناء كنائس جديدة فى الاسكندرية,وقام برسامة كهنة وشمامسة من أجل الخدمة فى هذه الكنائس.

 

فى عهد البابا مرقس الثالث )البابا 73)عام 1165م صدرأمر بهدم كنيسة مارمرقس التى كانت فى هذاالوقت تطل على الميناء,بحجة أنها ضخمة وقد يجد فيها الصليبيون قلعة يحتمون بها لوأستطاعوا دخول األسكندرية,ولقد حاول األقباط انقاذها,وعرضوا أن يدفعوا 2000دينار فى سبيلها ولكن محاولتهم فشلت. البابا أثناسيوس الثالث)البابا 76 )رسم فى الكنيسة المرقسية باألسكندرية عام 1250م ثم قام بعد رسامته بتكريس كنائس فى الاسكندرية ورسامة كهنة من أجل خدمة الشعب فى المدينة. البابا متاؤس األول )البابا 87 )رسم فى الكنيسة المرقسية فى األسكندرية ,فى عيد القديسة العذراء 16 مسرى 1378م وأيضا البابا غبريال الخامس )البابا 88)1409م.

 

فى عهد البابا متاؤس الرابع )البابا 102 )زارمصر راهب دومينيكانى أسمه )فانسليب( 1673م...وتجول فى أنحائها,وزار كنائس كثيرة,وعند عودته كتب كتابا بعنوان )تاريخ الكنيسة القبطية(...ومن الكنائس التى زارها:الكنيسة المرقسية بالاسكندرية,و قد رأى فيها أيقونة لرئيس الملائكة ميخائيل,وتحدث عنها بأعجاب... البابا بطرس السادس)البابا 104 )أشتاق الى التبرك برفات مارمرقس الكاروز,فأخذ معه قنديال من الفضة و ذهب الى الكنيسة المرقسية ووضعه فيها,وقبل الرأس المقدسة,و قام بأصالحات معمارية داخل الكنيسة,وعندما علم أن البعض يريد سرقة رأس القديس مرقس أخفاها فى الكنيسة,ووضع القنديل الفضة أمام قبر الكاروز و أسرجه,وأقام حجابا أمام القبر يوجد به طاقات يستطيع الناس النظر منها.

الحملة الفرنسية :

فى عهد البابا مرقس الثامن )البابا 108 )جاءت الحملة الفرنسية الى مصر 1798م,فقام نابليون فى البداية بهدم الكنيسة المرقسية فى السكندرية,وأخذالفرنسيون أخشابها ) كما ذكر هذا القمص روفائيل الذى كان كاهنا فى الكنيسة المرقسية فى هذا الوقت(...كما هدموا منارتيها بحجة أن األنجليز قد يعتصمون فيها لكى يقاتلوه منها.

 

و وقتها رأى الكهنة وأراخنة الكنيسة محاولة انقاذ ما يمكن انقاذه,فحملوا بعض األيقونات مع األوانى والكتب المقدسة و الستور الى كنيسة مارمرقس برشيد على بعد حوالى 60كم شرق األسكندرية.

 

البابا كيرلس الخامس )البابا 112 )أعاد الكتب المقدسة واألوانى الى الكنيسة المرقسية فى الاسكندرية,بعد اعادة بناءها.

 

بعض أراخنة الاسكندرية حاولوا اعادة بناء الكنيسة المرقسية بعد هدم الفرنسيين لها...فبنوا كنيسة صغيرة 1804م,ولكنها هدمت...وأخيرا أستطاعوا الحصول على فرمان من محمد على 1818 م الى المعلم صالح عطاهللا أحد أراخنة األسكندرية يمنحه فيه األذن أن يجمع أمواال لبناء الكنيسة,وفى الوقت نفسه منحه الفعلة والبنائين الالزمين للعمل.

 

فتمكنوا بمعونة هللا من تتميم بناء الكنيسة خالل سنة واحدة... وقام البابا بطرس السابع )الجاولى( )البابا 109 )بتكريس الكنيسة,فبدأ صلوات تكريس الكنيسة ليلة األحد 7 بابة 1535 للشهداء18 أكتوبر 1819م وكان معه األنبا صرابامون )أبو طرحة( والقمص جرجس رئيس ديرالقديس مقاريوس,وبعض الكهنة واألراخنة من القاهرة,فقضوا الليل كله فى الصلوات و التسابيح التى أكملوها بالقداس األلهى فجر األحد.

 

تجديد الكنيسة مرة أخرى :

فى عهدالبابا ديمتريوس الثانى )البابا 111 )تجددت الكنيسة مرة أخرى بين عامى 1869-1870م ,وبأشراف الانبا مرقس مطران البحيرة وبمجهود أقباط الاسكندرية وعلى رأسهم الشقيقان ابراهيم و صالح نخلة...فوضع فى الكنيسة حامل أيقونات رخامى فخم على الطراز البيزنطى,ال يزال موجوداالى اليوم ... و يوجد به أيقونات جميلة يزيد عددها عن 30 أيقونة,ال يزال أغلبها بحالة جيدة الى الان.

 

وأقيمت بها منارتان شاهقتان... و الكنيسة كانت مبنية على طراز القباب المحمولة على ستة أعمدة رخامية...وكان يوجد به دورا علويا من ثالثة جوانب ) الغربى والبحرى والقبلى(,وثالثة أبواب )غربى وبحرى وقبلى( , كما كان يوجد ثالثة ممرات تحيط بالكنيسة من الناحية الغربية والبحرية والقبلية كعادة بناء الكنائس فى هذا الوقت.

 

إعادة بناء الكنيسة فى شكلها الحالى : فى عهد البابا يوساب الثانى )البابا 115 )تجددت الكنيسة المرقسية مرة أخرى بين عامى 1950-1952م,بعد أن كانت قبابها أيلة للسقوط...

 

فتم هدمها فى يناير 1950م,وأعيد البناء بالخرسانة المسلحة على مساحة أكبر وبشكل أجمل,وزينت بنقوش من الفن القبطى, و صنعت تيجان األعمدةعلى غرار تيجان بعض الاعمدة الاثرية الموجودة بالمتحف اليونانى الرومانى بالاسكندرية,يعتقد أنها مأخوذة من زمن كنيسة مارمرقس فى الزمن القديم.

 

حامل الايقونات الرخامى:

تم األحتفاظ به بعد تقطيعه و ترقيمه ورفعه بواسطة خبير ايطالى,ثم اعادة تركيبه مرة أخرى بكل دقة,بعد توسيع مساحته قليال... الهياكل الثالثة: تم تعليتها,و عمل بدروم أسفلها يستخدم حاليا فى التخزين...كما تم بناءعرش حول مذبح مارمرقس فى الهيكل الاوسط.

 

الاعمدة الرخامية:

التى كانت تحمل القباب تم الاستغناء عنها كحوامل للسقف,وتم وضعها كمنظر جمالى فى المدخل الغربى خارج الكنيسة.

 

المنارتين:

كانتا الشىءالوحيد الذى لم يهدم من مبنى الكنيسة القديم,لكن فقط تم تقويتهما بقمصان من الخرسانة المسلحة, مع تعليتهما وتجميلهما بالنقوش القبطية البديعة...و تزويدهما بأجراس كبيرةو جميلة,تم استيرادهما خصيصا من ايطاليا.

 

تم عمل مدخل جميل لمدفن األباءالبطاركة,تحت الزاوية القبلية الغربية من حائط الكنيسة,وتم تثبيت لوحة رخامية كبيرة بجانب المدخل مكتوب عليهاأسماء األباء البطاركة خلفاء القديس مرقس الرسول حتى منتصف القرن 11م )1066م( عندما نقل البابا خريستوذولو مقر البطريركية الى القاهرة...و هذه اللوحة مسجل عليها األسماء بثالث لغات:القبطية و العربية واألنجليزية...وقد كتبها بخطه الجميل األستاذ بديع عبدالملك غطاس.

 

مدخل المدفن مغلق برخام مبنى بأحكام...ويعتقدأن فى الداخل عظام بعض األباء البطاركة مع رأس القديس مارمرقس .

 

تم تدشين الكنيسة بعد الانتهاء من تجديدها بيد البابا يوساب الثانى و معه المطارنة والكهنة والشعب,فى 30 بابة 1669 شهداء الموافق 9 نوفمبر 1952م. فى عهد البابا كيرلس السادس )البابا 116 )فى عام1970م,و بمناسبة رجوع جزء من رفات مارمرقس لمصر من ايطاليا,تم عمل رسوم حائطية بالفسيفساء...

 

عبارةعن أيقونة لمارمرقس فوق باب مزار مدفن البطاركة,مع مجموعة متتالية من الايقونات الموزاييك أيضا فى صحن المدخل,تروى قصة حياة القديس مرقس و كرازته واستشهاده,حتى عودة رفاته الى مصر...

 

فى عهد قداسة البابا شنودة الثالث )البابا 117 )بين عامى 1985-1990م:

تم توسيع الكنيسة من جهة الغرب,على نفس الطراز بكل دقة,مع األحتفاظ بالمنارتين فى مكانيهما... فتضاعفت مساحة الكنيسة الكلية...وتم نقل الاعمدة الرخامية الستة القديمة الى المدخل الغربى الجديد....كماتم عمل ست أيقونات قبطية جميلة بالفسيفساء فى مدخل الكنيسة الجديد,وفى صحن الكنيسة )القديسة العذراء-رئيس المالئكة ميخائيل–مارمرقس-مارجرجس–مارمينا–األنباأنطونيوس(.

 

و فى عيدالغطاس 1990م صلى فى الكنيسة بعد التوسيع قداسة البابا شنودة الثالث.