سليمان شفيق
في مفاجأة اوردغانية عثمانية فتح "الخليفة" حرب جديدة في القوقاز بين اذربيجان وارمينيا ، بعد حروبة وصراعاتة في سوريا وليبيا والعراق ، ليضع روسيا وايران في مأزق حيث ان هناك تنسيق ثلاثي تركي روسي وايراني حول سوريا ، ومن جهة اخري هناك اتفاقية دفاع مشترك بين روسيا وارمينيا ، الا انه كما يبدو ان اوردغان قد اخذ الضوء الاخضر من ترامب لاضعاف الموقف الروسي ودفع ايران للمواجهة او افساد التحالف الثلاثي السابق الاشارة الية .

عقد  امس الثلاثاء اجتماعا  مغلقا طارئا لبحث تطورات الأوضاع في إقليم ناغورني قره باغ، بعد مبادرة تقدمت بها ألمانيا وفرنسا  ودعمتها دول أوروبية أخرى. وتثير التطورات في هذا الإقليم مخاوف من توسع رقعة المواجهات لتشمل روسيا وتركيا خاصة بعد دعم أردوغان المعلن لأذربيجان.

 وأوضحت المصادر نفسها أن هذه المبادرة قامت بها ألمانيا وفرنسا وتحظى بتأييد دول أوروبية أخرى هي إستونيا وبلجيكا وبريطانيا

 وتزامنت الأحداث في الإقليم الانفصالي مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتثير مخاوف من حرب واسعة النطاق بين أذربيجان وأرمينيا في جنوب القوقاز، حيث تتنافس أنقرة وموسكو.

ومن جانبه، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين  الماضي أرمينيا إلى وضع حد لما وصفه بـ"احتلال ناغورني قره باغ". وقال "ستواصل تركيا الوقوف إلى جانب البلد الشقيق والصديق أذربيجان بكل الوسائل"، مشجعاً باكو على "الإمساك بزمام الأمور".

100 حادث خلال عشر سنوات :
حول ذلك اهتمت الصحف بالمعارك الدائرة منذ يوم الأحد الماضي بين الجيش الأذربيجاني والانفصاليين الأرمن في إقليم ناغورني كاراباخ. مجلة فورين بوليسي الأمريكية تساءلت لماذا تتجه كل من أرمينيا وأذربيجان نحو الحرب؟ قالت المجلة إن الإقليم شهد مئة حادث تقريبا خلال السنوات الأخيرة لكن هذه الموجة من العنف تهدد بفتح حرب شاملة كما حصل في سنوات التسعينيات. رأت فورين بوليسي أن انهيار الاتحاد السوفياتي تسبب في صراع عنيف لم يحسم منذ ثلاثين سنة.

تركيا تتحدى روسيا في منطقة القوقاز بدعمها الكلي لأذربيجان ضد أرمينيا، نقرأ في صحيفة لوتومب السويسرية. الصحيفة قالت إن الرئيس التركي بهذا القرار قد يشعل حربا في المنطقة ويثير غضب نظيره الروسي فلاديمير بوتين. أشارت الصحيفة إلى تصريحات أردوغان التي دعا فيها أرمينيا إلى مغادرة أراضي أذربيجان المحتلة ليعود الأمن إلى المنطقة بحسب قوله. قالت صحيفة لوتومب إنه وفي الوقت الذي تنسحب فيه الولايات المتحدة من المنطقة وتركز جهودها على الانتخابات الرئاسية، يسعى الرئيس التركي إلى إعادة رسم سياساته في المنطقة وفتح جبهة جديدة في منطقة القوقاز مما يشكل تحديا بالنسبة إلى بوتين والاتحاد الأوروبي.     

من جهة اخري اسفرت المعارك المحتدمة بين  القوات الأذربيجانية و الأرمن في ناغورني قره باغ عن سقوط عشرات القتلى، حيث أعلنت السلطات الارمينية  مقتل 26 عسكريا في المعارك ضدّ القوات الأذربيجانية، لترتفع بذلك حصيلة خسائرها البشرية إلى 84 قتيلاً منذ اندلاع المواجهات الأحد كما قتل 11 مدنيا في البلدين لتصل حصيلة القتلى الجملية إلى 95 قتيلا . ولئن طالبت القوى الإقليمية الجانبين بوقف القتال، فإن الرئيس التركي أردوغان قد دعا أرمينيا إلى وضع حد لما أسماه  بـ"احتلال ناغورني قره باغ"، مؤكدا أن بلاده ستواصل دعمها لأذربيجان "بكل الوسائل".

وحضّ قادة دول العالم الجانبين على وقف المعارك بعدما أثار أعنف تصعيد تشهده المنطقة منذ العام 2016 المخاوف من اندلاع حرب جديدة بين أرمينيا وأذربيجان.

   ومنذ الأحد، تخوض القوات الانفصالية المدعومة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً من أرمينيا، والقوات الأذربيجانية، معارك دموية هي الأعنف في المنطقة منذ عام .2016

يقع إقليم ناغورني كاراباخ غرب أذربيجان، ويبعد حوالي 270 كيلومتراً عن عاصمتها باكو، وتقدّر مساحته بنحو 4400 كيلومتر مربع؛ أي ما يعادل 15 بالمئة من مساحة أذربيجان.

يقع إقليم (ناغورني كاراباخ) غرب أذربيجان، ويبعد حوالي 270 كيلومتراً عن عاصمتها باكو، وتُقدّر مساحته بنحو 4400 كيلومتر مربع.

واتخذ الإقليم من قرية خان كندي، الواقعة على قمة جبلية ترتفع 750 متراً فوق سطح البحر، عاصمة له بعد أن تغيّر اسمها إلى "ستيباناكيرت" تيمناً بالزعيم الشيوعي "إستبانا شاهوميان"، الذي يتوسط تمثاله ميداناً رئيسياً في المدينة

ويعيش في الإقليم نحو 150 ألف نسمة، يُمثّل منهم الأرمن ما يزيد عن 90 بالمئة، يعمل معظمهم في تربية الماشية والزراعة التي تشمل عدة أصناف منها الحبوب والتبغ والقطن، وفق ما أورد موقع "سكاي نيوز".

تاريخ الصراع :
بدأ الصراع بين أرمينيا وأذربيجان في عشرينيات القرن الماضي حين قام جوزيف ستالين عام 1923 بتطبيق سياسة التفريق بين الإثنيات في المنطقة بما يضمن نفوذ الحكومة المركزية في موسكو، حيث عمد إلى ضم الإقليم الذي تقطنه أغلبية أرمينية إلى أذربيجان ومنحه حكماً ذاتياً، فيما أبقى إقليم "ناختشيفان" بأغلبيته الأذرية معزولاً داخل أرمينيا.

 بدأت الخلافات تظهر بين أرمينيا وأذربيجان حول السيادة على إقليم ناغورني كاراباخ 1988عام .

ومع بدء انهيار الاتحاد السوفييتي وتراخي سيطرته على الدول التي ضمها، بدأت الخلافات حول السيادة على إقليم ناغورني كاراباخ تظهر بين أرمينيا وأذربيجان، حيث اندلعت الاشتباكات بين الطرفين في عام 1988، واشتدت حدّتها بإعلان الدولتين استقلالهما عن الاتحاد السوفييتي عام 1991، وإعلان الإقليم انفصاله عن أذربيجان، لتندلع حرب أودت بحياة أكثر من 30 ألف شخص من الطرفين، فضلاً عن نزوج مئات الآلاف من السكان.

وفي العام 1993، أصدر مجلس الأمن قراره رقم 822، الذي طالب فيه القوات الأرمينية بالانسحاب من الإقليم الأذري، لكن القوات الأرمينية لم تمتثل للقرار.

ورغم توقّف القتال بين الطرفين عام 1994، مع توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، ظلّ الطرفان في حالة حرب.

اقليم دون اعتراف دولي :
أقرّ أرمن الإقليم عام 2006، دستوراً يعتبر الإقليم "جمهورية" مستقلة ومنفصلة عن أذربيجان، تمكّنت من بناء مؤسساتها بدعم من أرمينيا وروسيا، التي تستضيف أرمينيا إحدى قواعدها العسكرية القليلة في الخارج، بمقتضى تحالف أمني بينهما.

ورغم إعلان القوى الأرمنية المسيطرة عليه انفصاله وقيام "جمهورية" فيه، إلّا أنّها لم تنل اعتراف أي دولة، ذلك أنّ المجتمع الدولي يعترف بإقليم ناغورني كاراباخ على أنّه منطقة تقع في إطار حدود أذربيجان.

أديان وإثنيات متنوعة:
ووفق ما نشر في موقع "حفريات":

يحظى الإقليم بموقع متميز وسط حضارات وقوميات مختلفة؛ فرغم وقوعه بالكامل في الأراضي الأذرية، إلا أنّه قريب جداً من أرمينيا وإيران، ما جعله موقعاً للصراع منذ زمن الإمبراطورية الرومانية والفارسية.

 معظم سكان إقليم (ناغورني كاراباخ) يتكلمون اللغة الأرمنية ويدينون بالمسيحية الأرثوذكسية.

ويتّبع أغلبية الأذربيجانيين المذهب الشيعي من الإسلام، وتتوزّع قومياتهم بين الأذريين الذين يتكلّمون لغة تركية، والكرد السنة، كما أنّ سكان الإقليم الأرمن يتكلمون اللغة الأرمنية ويدين أغلبهم بالمسيحية الأرثوذكسية، بالإضافة إلى أقلية من الإيزيديين، وفق ما أورد موقع الحرة.

جدير بالذكر أنّ التصعيد الذي يشهده إقليم ناغورني كاراباخ قد يؤدي إلى اضطراب في أسواق الطاقة العالمية، نظراً لأنّ جنوب القوقاز يُعدّ ممراً للأنابيب التي تنقل النفط والغاز الطبيعي من بحر قزوين إلى الأسواق العالمية.

لا يستبعد الكاتب الروسي غينادي روشيف، خلال مقالة في "إكسبرت أون لاين"، بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم"، اضطرار روسيا لخوض الحرب في مواجهة تركيا إذا فشلت الوسائل الأخرى، على الرغم من أنّ توقيت حرب كهذه ليس مثالياً بالنسبة إلى موسكو.

يوضح روشيف: الهجوم على أرمينيا تشمله أحكام معاهدة منظمة الأمن الجماعي. وهذا يعني أنه سيتعين على روسيا الدخول في حرب ضد تركيا ، لافتاً إلى أنّ الجانب الأذربيجاني استغلّ انشغال روسيا في بيلاروسيا وبمشاحناتها مع الغرب حول قضية نافالني. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ نيكول باشينيان، الذي يتولى السلطة في أرمينيا، وصل إليها نتيجة احتجاجات الشوارع، والكرملين بالكاد يهضم مثل هؤلاء القادة. وهذا يعني أنّ موسكو، من الناحية النظرية، لن تظهر نشاطاً كبيراً في اتجاه قره باغ.

لا يستبعد الكاتب الروسي غينادي روشيف اضطرار روسيا لخوض الحرب في مواجهة تركيا إذا فشلت الوسائل الأخرى.

وعلى الرغم من عدم اندفاع الجانب الروسي في إشعال نيران المعركة، كما تفعل تركيا في المقابل، فميدانياً، لم يؤثر ذلك على أرمينيا الآخذة في التصعيد والشحن المعنوي، حيث أعلنت أنها مستعدة لاستخدام صواريخ إسكندر الروسية (تصل إلى 650 كم)، إذا استعانت أذربيجان بمقاتلات إف 16 التركية.

كما أعلنت أرمينيا أنّ "أبناء الوزراء تطوعوا للذهاب إلى جبهة القتال"، في شحذ لهمم الأرمن، فقد كتب ممثل وزارة الدفاع الأرمينية آرتسرون هوفهانيسيان على موقع "فيسبوك": "هذه أرض مقدّسة، ليس هناك مكان للتراجع. المتطوعون في عجلة من أمرهم للتسجيل في خط المواجهة، أبناء الوزراء يسجلون أسماءهم كمتطوعين... أنا فخور بكم أيها الشعب الأرميني.

ويُعدّ الأتراك العدو التاريخي للأرمن، حيث تلاحق تركيا تُهم الإبادة الجماعية للأرمن إبّان الحرب العالمية الأولى، والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من القومية الأرمينية.

وكانت وزارة الدفاع الأرمينية قد أعلنت أمس أنّ لتركيا وجوداً مباشراً على الأرض في المعركة داخل قره باغ، قائلة في بيان، بحسب وكالة "رويترز" للأنباء: إنّ خبراء عسكريين أتراك "يقاتلون جنباً إلى جنب" مع أذربيجان، مشيرة إلى أنّ أذربيجان تستخدم أيضاً أسلحة تركية، بما في ذلك طائرات بدون طيار ومقاتلات حربية.

وتفتح المواجهة التي بدأت في 27 (سبتمبر) الجاري، باتهامات متبادلة من الجانبين، صفحة جديدة من سجل الصراع الطويل بين الدولتين على إقليم قره باغ الذي يغلب عليه السكان الأرمن، وأعلن استقلاله عن أذربيجان في العام 1991، بدعم من أرمينيا، رغم أنه لم تعترف به رسمياً، وظلّ القتال محتدماً بين الدولتين حتى إعلان وقف إطلاق النيران في 1994

وتُصنّف المواجهة العسكرية الجارية بأنها الأعنف منذ العام 2016، فيما تثير قلق المجتمع الدولي من فشل السيطرة عليها وجرّ أطراف دولية أخرى، وتتمخض عن مواجهة مباشرة بين روسيا وتركيا، وهما اللتان تواجهتا من قبل في ليبيا وسوريا، فيما تُعدّ منطقة جنوب القوقاز حيث يقع الصدام ذات أهمية استراتيجية، إذ تمتدّ خلالها خطوط النفط والغاز التي تغذّي الأسواق العالمية.