مؤمن سلام

نزل الخبر على كالصاعقة ولم أُريد أن أتحدث عنه حتى أتأكد تماماً أن الخبر صحيح، نعم لقد ترشح القس بولا فؤاد راعي كنيسة مارجرجس بالمطرية لعضوية مجلس النواب، هذه الكارثة التي تُهدد كل جهدنا في سبيل الدولة العلمانية الديمقراطية الحديثة، تهددها وتهدد صورة الكنيسة الوطنية التي لطالما تغنت بها الكنيسة وأغلب الأقباط، وتهدد كل تصريحات الكنيسة عن عدم انخراطها في السياسية.
 
فهذا الفعل الأخرق من هذا القس يُمثل طعنة للتيار العلماني المصري الذي يطالب بخروج رجال الدين المسلمين رسميين وغير رسميين من المشهد السياسي المصري، فاذا بنا نتلقى طعنة في الظهر من الكنيسة الأرثوذكسية، ويُصبح علينا الآن النضال على جبهتين بدلاً جبهة واحدة.
 
 وقد أعطيتهم أيضاً سلاح للمشايخ، فالآن يستطيعوا مهاجمتنا بأن قس ترشح للانتخابات وهو فعل سياسي مباشر وصريح، فلا تلموا إذاً على المشايخ.
 
وهذا الفعل الأخرق لن يتحمل توابعه القس فقط، بل ستتحمل مسؤوليته الكنيسة أيضاً، فهذا مواطن يتبع الكهنوت الأرثوذكسي وبالتالي لا يمكن أن يقوم بهذا الفعل بدون إذن الكنيسة، وحتى وان قام بهذا العمل المتهور بدون إذن الكنيسة، فما هو رد فعل الكنيسة؟ وأنا استغرب كيف لا يوجد قانون كنسي يمنع اشتغال رجال الكهنوت بالسياسة كما تفعل الكنيسة الكاثوليكية حيث يمنع قانونها ممارسة السياسة وعلى من يرغب في ذلك أن يستقيل ويخلع زيه الكهنوتي، فكيف لا يوجد مثل هذا القانون في الكنيسة الأرثوذكسية؟
 
هذا الفعل الأخرق لن تكون آثاره السيئة على التيار العلماني فقط بل وعلى الكنيسة أيضاً، فهذا القس سيسقط لا محالة، لأنه لن يحصل على أصوات المسلمين ولا أصوات المسيحيين العلمانيين الحقيقيين، إلا أن يكون من ضمن من ترضى عنهم أجهزة الأمن وتقرر نجاحه مسبقاً، فهذا الترشح لن يُكسبكم شيء بل سيجعلكم تفقدون الكثير.
 
هذا الفعل سيجعلكم في مرمى النقد من التيار العلماني بعد أن كان يصمت على تصرفاتكم السياسية مثل تأيدكم المطلق للسلطة وتوجيه الناخب المسيحي نحو مرشحين بعينهم، باعتبار أنكم تلقون من الظلم ما تلقون فلا نكون نحن والإسلاميين عليكم، إلا أن هذا سينتهي الآن، وستتلقون سهام النقد القاسية مثلكم مثل الأزهر، فلا تبكوا بعدها ولا تحاولوا اتهمنا بالطائفية والعنصرية فقد سقطتم في وحل المسيحية السياسية. 
 
وقد رسختم بهذا الفعل فكرة أنكم كنيسة السلطة ولستم كنيسة الشعب.
 
الوقت لم يتأخر بعد، وتستطيعوا تدارك الأمر باعلان رفض الكنيسة لهذا الترشح وتخيير هذا القس بين الكهنوت والبرلمان، بشكل علني وصريح وليس بجعله ينسحب فقط، هذا ان كنتم حريصين فعلاً على سمعة الكنيسة المصرية.
أتمنى أن يكون فيكم رجل رشيد