عقدت بالأمس، أولى المناظرات الرئاسية الأمريكية، وكان طرفيها الرئيس ترامب، ومنافسه الديموقراطي جو بايدن، والتي وصفها البعض بالفوضوية، حيث خرجت استطلاعات رأي والعديد من التقارير التي تحاول شرح ما تحدث عنه المرشحان.

 
وتعد المناظرات الرئاسية تقليداً أصيلاً في الانتخابات الأمريكية، إذ تعود الأمريكيون على متابعتها منذ تاريخ بعيد، ومن خلال طرق مختلفة.
 
وتمثل المناظرات فرصة جيدة للناخبين، للتعرف بشكل أكبر على المرشحين من خلال مواجهتهم بشكل مباشر حول عدد من القضايا الداخلية والخارجية، كذلك تكون الفرصة الأخيرة للمرشحين لإقناع الناخبين المتأرجحين في حسم موقفهم وجذبهم للتصويت لصالحهم.
 
لم تكن أول مناظرة في تاريخ الولايات المتحدة بين متنافسين على منصب الرئيس، بل كانت المنافسة على مقعد مجلس الشيوخ لولاية إلينوي، وكان طرفاها ستيفن دوجلاس وإبراهام لنكولن (أحد أشهر الرؤساء الأمريكيين فيما بعد).
 
ومثلت تلك المناظرة مرآة حقيقية للخطاب السياسي الأمريكي في القرن التاسع عشر؛ إذ كان المتنافسين أحد أبرز رجال السياسة الأمريكية ومن أبلغ متحدثيها، لذا ورغم أن الشعب وقتها لم يكن مسؤولا عن التصويت بشكل مباشر لمرشحي الكونجرس وكان ذلك من اختصاص المجالس التشريعية للولاية.
 
لكن تلك الانتخابات تحديداً تزامنت مع تصاعد دعوات حظر الرق واستخدام العبيد والتي لم ترق الإقطاعيين؛ مما جعل المكاشفة أمام الشعب حتمية، وإن لم تكن ستؤثر على نتيجة التصويت.
 
وعقدت المناظرات على 7 جولات بشوارع الولاية بحضور عامة الشعب، ورغم أن قضية العبودية من حيث المبدأ لم تكن محل خلاف كبير بين المرشحين، فحجة لينكولن اقتناعه بوجوب التعامل مع العبودية على أنها خطأ أخلاقي، وأن جميع الناس خلقوا متساوين، كما أراد "الآباء المؤسسين" للولايات المتحدة .
 
وكان رد دوجلاس عليه، بأن تحليل نوايا الآباء المؤسسين لم يكن صحيحاً، مشيرًا إلى أن العديد منهم كانوا من أصحاب العبيد الذين اعتقدوا أن كل مجتمع يجب أن يقر نظامه بنفسه.
 
وكان حله للقضية ليس حظر الرق بشكل قانوني، مؤكدا أن العبودية سيتم تقييدها فعليًا ومن تلقاء نفسها مع الوقت نتيجة أسباب اقتصادية وجغرافية وديموغرافية.
 
وجاءت نتيجة التصويت بخسارة لينكولن لصالح دوجلاس؛ لكن ذلك لم يكن نهاية رحلته في قضية العبودية، ودقت أبوابه فرصة قدرية بأن تولى منصب الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية، ليقر قانوناً بمنع «الرقيق» ويقضي على الحرب الأهلية الدائرة، ويخلد اسمه كواحد من أبرز الرؤساء الأمريكيين، ويقام له نصب تذكاري في الساحة المواجهة لمبنى الكونجرس.