د. مينا ملاك عازر
توقفنا المقال السابق، عند سؤال استنكاري، حول ماهية السيادة التي يضمنها السيد ماكرون رئيس فرنسا للبنانين لدولة لبنان؟ السيادة اللبنانية منتهكة من التدخلات الخارجية الإيرانية التي تحرك حزب الله ومن قبلها التواجد السوري العسكري الذي قابع على صدور اللبنانيين، وما أن خرج من هنا إلا وتحولت مليشيات حزب لله من ميليشيات تقاوم العدو الإسرائيلي إلى ميليشيات تحمي دولة حزب الله ومن ورائها إيران في الداخل اللبناني، هنا تكمن المفارقة السيادة انهارت حين اغتيل السيد رفيق الحريري ولم يستطع اللبنانيون إجراء التحقيق المستقل المحلي لتحديد الجاني، واضطروا للتحقيق الدولي لضمان نزاهة وسلامة وشفافية التحقيق، ولم يتم الوصول لنتائج  لتشوه الادلة المقدمة للمحققين في مصلحة القتلة الأندال، السيادة تحطمت على أعتاب السعودية التي اقترفت أكبر كارثة في تاريخ العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين الدول حين احتجزت بل اعتقلت السيد سعد الحريري نجل الشهيد رفيق الحريري، وكأن على العائلة أن تعاني من غبن الشيعة ثم السنة، هنا تكمن المفارقة، أن السعودية التي من المفترض أنها تحمي رجلها سعد الحريري في لبنان اعتقلته لخلق أزمة سياسية من شأنها تهدم النظام الحاكم في لبنان ولولا التدخل المصري لدى السعودية والضغوط الفرنسية لكان صدق العالم واللبنانيين ما لا يمكن تصديقه من خلال لقاء تليفزيوني عقده السيد سعد الحريري مع إحدى القنوات اللبنانية التي كان غرضها نفي اعتقاله على يد السلطات السعودية للضغط على لبنان وهزيمة حزب الله.
 
السيادة اللبنانية التي تتحدث عنها يا سيد ماكرون لم تعد ذات جدوى ولا قيمة في أعين اللبنانيين حتى أنه قلة منهم وربما لو تركنا لهم الوقت لأصبحوا أغلبية طالبوا بعودة الانتداب الفرنسي للبنان لحمايتهم من بطش بني جلدتهم وكذبهم ونفيهم، لا أحمل حزب الله مسؤولية كاملة لما جرى لكن الجميع كلهم يعني كلهم مسؤولين بشكل متباين النسبة، لكنني وللأسف منحاز لمن لا يحملون السلاح الآن، وحتى لو كانوا يحملونه فحمل السلاح ينفي عنك للأسف أي صفة سياسية وحرية في الاختيار وحتى في المحبة والاحترام، لذا حزب الله أكثرهم مسؤولية لتدخله في كل شيء وعرقلته كل شيء وحمله السلاح والضغط به على البنانين لقبول ما لا يقبل من أحد أن تبقى لبنان سويسرا الشرق مقسمة في هيئة دويلات شبه متحدة.
 
لبنان أبقى من أي حزب أيا كان اسمه وأيا كانت درجة تمسحه بالله وادعاءه أنه حاميس كلمته وأنه حامي الحمى وأنه المدافع عن الوطن، فها هو بات عاجز حين وقعت الكارثة وانفجرت بيروت، فهل يستطيع أن يفعلها الحزب وأن يعيد إعمارها؟ ويوجه ماله لخدمة بني بلده وبدون أي استفادة ومصلحة سياسية أو شعبية تفيده فيما هو قادم لا أظن، فالحزب برجماتي، وهذا شأن السياسة، لكن لا شأن للبنانيين في هذا الوقت بالسياسة، الوطن أهم.
المختصر المفيد نعزي أنفسنا ليس في الشهداء والمصابين فحسب ولكن في لبنان الذي بات على مهب الريح.