Jacques –Benigne Bossuet

( 1627- 1704 )

إعداد/ ماجد كامل
يمثل المؤرخ والخطيب  والاسقف الشهير الفرنسي جاك بنين  بوسويه  Jacques- Benigine Bossuet  ( 1627- 1704 ) أهمية كبيرة في تاريخ الدراسات الفلسفية والتاريخية ؛ فهو صاحب موسوعة " التاريخ العالمي منذ بدء الخليقة حتي عصر امبراطورية شارلمان   An Univerisal History from the Creation of the World , to the Empire of Charlemagne . أما عن جالك بوسويه نفسه ؛ فلقد ولد في 27 سبتمبر 1627 بمدينة ديجون بفرنسا من أسرة ثرية ؛ ولقد أهتم والده منذ طفولته بتعليمه تعليما دينيا متميزا ؛ فنذر نفسه للقسوسية  ودرس اللاهوت في أحدي الجامعات الفرنسية ؛ وبعد أن تخرج بمرتبة الشرف ؛رسم قسيسا ؛ ثم تقدم للحصول علي درجة  الدكتوراة في اللاهوت  . ولقد تميز منذ فجر  شبابه بالمهارة العالية في الوعظ والخطابة ؛ حتي لفت   أنظار الملك لويس الرابع  عشر ؛ فدعاه لإلقاء عظات الصوم الكبير في القصر الملكي عنده ؛ ولقد أستطاع بوسويه في مدة وجيزة  أن يكون هو خطيب القصر الأول  . كما عينه الملك لويس الرابع عشر المربي الخاص لولي العهد ؛ وكان ذلك خلال الفترة من ( 1670 – 1681 ) . وفي تلك الفترة فكر بوسويه في كتابة كتابه الشهير "حديث عن تاريخ العالم " Discours sur l histoire uninverselle  ؛ الذي صدر عام 1681 م حاول فيه أن يثبت أن كل حدث كبير حدث في التاريخ ؛هو جزء من خطة إلهية محكمة . ثم عين اسقفا علي احدي المدن الفرنسبة عام 1681  . ولقد اشتهر خلال سنوات الأسقفية بالرحمة والعطف ؛ وأنه كان متسامحا كثيرا في الاعتراف ؛ وكان يخلو غلي نفسه فترات كثيرة في أحدي الأديرة الفرنسية .  ولقد دخل في جدالات  فكرية كثيرة مع كثير  رجال الفكر والأدب في عصره ؛ ولقد استمر في الكتابة والوعظ والـاليف حتي توفي في 12 ابريل 1702 عن عمر يناهز  77 عاما تقريبا .


ولقد أثري المؤرخ والفيلسوف الكبير جاك بوسويه المكتبة الفلسفية والتاريخية واللاهوتية بالعديد والعديد من الكتب والمراجع القيمة نذكر منها في حدود ما تمكنت من التوصل إليه ؛ وفي حدود ما تمكنت من قراءته وترجمته :-

1- خطاب في التاريخ العالمي Speech of Universal History Originally published 1681  
2-  تأملات في الصوم الكبيبرMeditations for Lent  
3- العظة علي الجبل The Sermon on the Mount
4- مختارات عظات الجنازات لبوسويه Selections from the Funeral Orations of Bosseuet   ( وهي ملخص للعظات التي القاها في جنازات  الملكة هنرييتا ماريا أرملة تشارلز الأول ملك أنجلترا ؛وابنتها ؛ وأحدي جنود الأمبراطورية . ولقد اعتبرتا من روائع الأدب الفرنسي فيما بعد .

5- السياسة مستقاة من كلام الاسفار المقدسة Politics Drawn from the Very Words of Holy Scripture               ؛وفيها كان يدافع عن الملكية المطلقة وحق الملوك الإلهي  ولقد صدر عام 1709 . ( ولقد تم رفض هذه النظرية تماما فيما بعد مع ظهور نظريات العقد الاجتماعي Social Contract  علي يد محموعة من الفلاسفة العظام ؛ نذكر منهم توماس هوبز ( 1588- 1679 ) وجون لوك  ( 1632- 1704 ) وجان جاك روسو ( 1712- 1778 ؛ ولكن تلك قصة أخري سوف نرويها في الوقت المناسب ) .


ملحوظة هامة :-
في عرض قائمة كتبه ؛تم استبعاد الكتب التي تتعرض للعقيدة  أو الصراع بين الكنائس الكاثولوكية والبروتستناية في ذلك الوقت ؛ وذلك لسبين :- السبب الأول هو حساسية القضية وأنها كانت بنت زمانها ولم تعد مثارة حاليا ؛ أما السبب الثاني والأهم ؛فهو أنني أريد أن أركز في المساحة المتبقية من المقالة علي  المحور الرئيسي لها وهو كتابه ونظريته في التاريخ .

وعن كتاب "حديث في التاريخ العام " وتاثيره في الفكر العالمي ؛ كتب المؤرخ  والفيلسوف الانجليزي  الشهير "  البان جريجوري ويدجري  " في كتابه "التاريخ وكيف يفسرونه من كونفشيوس إلي توينبي ؛ الجزء الأول " .   " فقال عنه " لقد أصر بوسويه في ذلك الكتاب علي ان شئون  التاريخ تمضي في تعاقب  سببي ؛حيث تعتمد حوادث أحدي القرون علي حوادث القرن الذي سبقه ؛فقال في كتابه "لم يعد يجوز لنا بعد الان أن نتحدث علي الصدفة ولا الحظ ؛ أو إن شئنا تحدثنا عنهما علي  أنهما وصف نغطي به جهلنا ؛ فإن ما نعده في راينا غير المتاكد علي انهما صدفة من الصدف ؛يعد تصمميا قاظعا في رأي أعلي من رأينا ؛ أي في الرأي الأبدي الذي يضم جميع الأسباب وكل النتائج في نظام واحد " ووفقا للخطة الإلهية تقوم الدول وتسقط . وتسيطر علي الناس في التاريخ  قوة فوقهم ؛ كما  أنهم بتأثريها ؛ إذ يعملون أكثر أو أقل مما يقصدونه هم أنفسهم ؛ينفذون المشيئة الإلهية ؛والهدف المركزي الذي تهدف إليه البشرية كلها هو الدين ؛ومن نقطة ارتكاز الدين هذه راح بوسويه بوجه خاص  يستعرض  التاريخ ويمسحه . علي انه رفض جميع الأديان عدا أديان العبراننين والمسيحين . "إن الله الذي عبده العبرانيون والمسيحيون دائما  ؛ لا يشترك في شيء مع الآلهة الاخري ؛البالغة الشر والبعيدة عن الكمال  ( راجع النص بالكامل في الكتاب السابق الإشارة إليه ؛ الصفحات 187 و188 ) .


كما كتب عنه المؤرخ  الأمريكي الشهير  هاري إلمر بارنز Hary Elmer Barnes  ( 1889 – 1968 )       في كتابه "تاريخ الكتابة التاريخية ؛ الجزء الأول " ( راجع مقالنا عن حياة المؤرخ وأهمية كتابه علي صفحة الأقباط متحدون بتاريخ  يوم الثلاثاء 25 اغسطس 2020 ) . حيث قال عنه " لقد بان واضحا في كتاب بوسويه الذي  أسماه "حديث عن تاريخ العالم " رجوعه إلي دراسة تاريخ البشرية . ويتبين في هذا الكتاب أن بوسويه أعتنق  آراء القديس أوغسطين ومنهج يوسابيوس ؛ ولذلك قيل عنه  أنه يوسابيوس الحركة المضادة للإصلاح الديني " ...... ويقول أحد الكتاب عن كتاب بوسويه  أنه لم يكن عملا تاريخيا إذ لم يعد  كونه مجموعة من العظات الدينية التي استبدلت فبها نصوص الإنجيل بمادة تاريخية ؛وواضح أن الكاتب بذل جهدا كبيرا ليؤكد القدرة الإلهية  في صنع التاريخ . لقد اعتقد  بوسويه أن أحداث التاريخ الديني كانت من صنع الله شانها شان التاريخ الدنيوي  ... ولقد قسم بوسويه كتابه إلي ثلاثة اجزاء رئيسة :- فاستعرض في الجزء الأول التاريخ منذ بدء الخليقة حتي  عهد شارلمان  ؛وتناول في الجزء الثاني تاريخ العقيدة المسيحية مبينا أنها كانت دائما تحت  الرعاية و التدبير الإلهي ؛ثم وصف بوسويه في الجزء الثالث والأخير قيام الإمبراطوريات وسقوطها مبينا أن ذلك كان رد فعل لرضاء الله أو غضبه . وهكذا نري أن كتاب بوسويه عن تاريخ العالم ؛يمثل  أحدي المحاولات الجادة الأخيرة لتفسير العالم في ظل العناية الإلهية وذلك بمنطق اللاهوت القديم ( راجع النص بالكامل في الكتاب السابق ذكره ؛ صفحات  187 ؛ 188 ) .

وفي مقالة هامة منشورة علي صفحة الأنترنت بعنوان " نظرية العناية الإلهية ( أوغسطين – بوسويه )  يذكر كاتب المقالة أن  بوسويه قسم التاريخ في كتابه هذا إلي أحقاب علي أساس ديني مستمد من الكتاب المقدس ؛ ومن هنا فإن أحداث  التاريخ كما وردت في الكتاب المقدس :-
1- هبوط  آدم عام 404 قبل الميلاد .
2- طوفان نوح عام 2348 قبل الميلاد .
3- دعوة إبراهيم عام 1921 قبل الميلاد .
4- نزول شريعة موسي عام 1491 قبل الميلاد .
5- ظهور السيد المسيح   ؛واهم الوقائع التي حدثت بعد ظهور المسيحية هي اعتناق الامبرطور قسطنطين المسيحية عام 312 م ؛ وتتويج شارلمان إمبراطور علي الرومان عام 800 م .

ومما سبق يتبين ان المادة التاريخية لبوسويه مستمدة من الكتاب المقدس وليس من وثائق التاريخ ومستنداته .

والجدير بالذكر أن  جاك بوسويه كان له اهتمام كبير جدا بعلم كتابات الآباء . فهي – كما ذكر ذلك الدكتور نصحي عبد الشهيد – "  كتابات آباء الكنيسة  مليئة بالمشاعر المسيحية ؛ فهم يجمعون في كتاباتهم وخبراتهم القداسة والمعرفة  معا بدون انفصال ولا أي تناقض " ( راجع المرجع  السابق ذكره ) .

بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1- آلبان . ج . ويدجوري :- التاريخ وكيف يفسرونه  من  كونفشيوس  إلي توينبي  ؛ترجمة عبد العزيز توفيق جاويد ؛الجزء الأول ؛ الطبعة الثانية  ؛ سلسلة  الالف كتاب الثاني ؛ الكتاب رقم 221 ؛الهيئة المصرية العامة للكتاب ؛ صفحتي 187 ؛188 .

2- هاري إلمر بارنز :- تاريخ  الكتابة التاريخية ؛ ترجمة محمد عبد الرحمن برج ؛مراجعة سعيد عبد الفتاح عاشور ؛ الجزء الأول ؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب  ؛1948 ؛ صفحتي 187 ؛188 .

3- Jacques –Benigne Bossuet – Wikipedia
4- Jacques – Benigne Bossuet – French Bishop / Britannica  
5- Catholic Encyclopedia ; Jacque Benigne Bossuet  
6- Jacques Benigne Bossuet / Encyclopedia. com  
7- Bishop Jacque – Benigne Bossuet / Western Civilization 11  

8- Bishop Jacques – Benigne Bossuet /  Sophia Institute press  
9- Jacques Benigne Bossuet , Bishop of Meaux / British Museum