بقلم جورج حبيب ( سيدني -استراليا )
رغم وجود وسائل التقدم الحالي من الانترنت وخلافه وقد اصبح الحصول علي ايةمعلومة من السهل-فما عليك الا ان تدخل علي جوجل لتحصل في 
  ثواني علي ما تطلبه-ولعلي اتعجب اذا ما رجعت بالذاكرة خمسون عاما مثلا-وقت انه لم يكن امامنا من سبيل للحصول علي المعلومة الا من خلال 
المدرسة ومكتبتها-او من خلال المكتبات العامة والتي كانت منتشرة من خلال قصور الثقافة علي مستوي مصر كلها
 
 ولكن السؤال الان لماذا انتج العصر الماضي عقولا مثقفة في شتي المجالات رغم صعوبة الظروف والامكانات ولم يكن هناك النت ولا الكمبيوتر-وانما الكتاب فقط والبحث الذاتي والقراءة عن كل شيء وفي كل شيء
 
 واتعجب اننا في العصر الماضي كنا نعيش حياة ثقافية وفي سن مبكرة   حيث كنا نقرا لكبار الكتاب في ذلك الوقت وفي شتي المجالات-ونفهم ما نقرا-ونعرف الشعر والسياسة والشعراء القدامي والحديثين-وليس ادل علي ذلك ان وجدنا عينات من الكتاب والمثقفين وقد نبغوا وهم لم يتعدوا الثالثة عشرة -ولعلي اذكر علي سبيل المثال قداسة البابا شنودة 
 
 الثالث وكان قد تقدم للالتحاق بالمدرسة الثانوية-وعندها كان لابد له ان يجتاز امتحانا في اللغة العربية وعندها سئل عن ما يحفظه من شعر-وفوجيء الممتحن بان ( نظير جيد ) البابا شنوده فيما بعد يساله -ومن اي عصر تريد ان اسمعك شعرا-ويقصد من العصر الجاهلي ام العباسي ام الحديث الخ  -  وللاي من الشعراء-وتعجب الممتحن من ذلك
 
  ومثال اخر هو عميد الادب العربي الدكتور طه حسين وكان ينظم الشعر وهو في مرحلة الصبا-لقد كان الكثيرين في ذلك العصر مثقفين-ولكن هناك 
 سؤال ما هو السبب او الاسباب التي جعلت الثقافة منهجا في ذلك العصر-ومن ناحية اخري اين الثقافة والمثقفون في العصر الحالي ؟
 
 الحقيقة انه يرحع الفضل في ثقافة العصر الماضي الي المدرسة    
 
  والمدرسين-اذ كانت المدرسة هي البوتقة التي تنصهر فيها كل المواهب الادبية والفنية لتشمل الفن بانواعه-فكنا نري حجرة الموسيقي بالمدرسة-ومدرس التربية الرياضية ومدرس الرسم-لذا كنا نجد المثقفين في كلا من هذه المجالات
 
 المدرس : وكان المعلم  في ذلك العصر قدوة وقامة مشجعة للجميع -ولا 
 انس انني وكنت في المرحلة الاعداديه ان اعطاني مدرس اللغة العربية قصيدة كان قد كتبها لاقراها في الاذاعة الصباحية بالمدرسة بعد ان دربني عليها واعطاني الثقة في نفسي -الامر الذي جعلني احب هذا المعلم-بل عن طريقه احببت الشعر والادب
 
 كانت ايضا الصحف والمجلات في ذلك الوقت تهتم بالثقافة الفكرية 
 
 والفنية-ولعلي في هذا السياق اذكر علي سبيل المثال جريدة الاهرام 
 -والتي كان يكتب بها وفي صفحتها الاولي محمد حسنين هيكل -وكان يكتب مقاله الشهير ( بصراحة ) واتذكر ان الجميع كان يقرا له وانا  من ضمنهم ولم اكن قد تجاوزت الثالثة عشرة انذاك
 
  وكان كبار الكتاب يكتبون بالصحف والمجلات في شتي فروع الثقافة 
 وكان من ضمنهم الدكتور لويس عوض-يوسف جوهر-الدكتور حسنين هيكل-يوسف السباعي-يوسف ادريس-عبد الرحمن الشرقاوي -وانيس منصور-مما كانوا يثرون الحياة الثقافية-ناهيك عن الندوات والصالونات الادبية مثل صالون الاديبة مي زياده
 ولنرجع الي عصرنا الحالي لنطل عليه بعين كلها حسرة علي جيل فارغ 
 
حتي بين خريجي الجامعات بل وكليات القمة -لتجد انحصار مستوي الثقافة وغيابها-وليس ادل علي ذلك من ان تسال احد الشباب اليوم عن اية 
معلومة ولو تخص بلده مصر -حيث ستفاجا بالاجابة وركاكة اللغة بل 
 
 والنطق الخطا للكلمات والحروف وللاسف من مزيعين ومزيعات يقراون حرف الط بالتاء وحرف الصاد يقرؤنها س  وهكذا ناهيك عن انحطاط مستوي التعبير واختيار الكلمات في الحوار-لتسمع كلمات غريبة ( هتسيح -الهرس  وخلافه مما يجعل الاذن تتمني لو لم تسمعها  لما لها من نشاذ )
 
 وهكذا هو حال شباب هذا العصر-واصبح الان لا نجد ان يكون عندنا البابا شنوده كاديب وشاعر من جديد-او الدكتور طه حسين ولا لويس عوض ولا احمد شوقي او حافظ ابراهيم -بل لو سالت اي من شباب هذا العصر ان كانوا يعرف من هؤلاء -او عمن انت تتكلم
 
 اننا ننظر بعين ا لحصرة علي ما نحن فيه وعما وصل اليه هذا الجيل من ضعف وركاكة وقد غادرته كل وسائل الثقافة وانعدم مستوي الذوق العام- 
  وادب الحوار والرقي في المشاعر-والحال الان هو ذلك اللغط الديني الموجود علي وسائل التواصل الجتماعي فيما هو كافر  ومن لا-وفيضانات الافتاءات لمن يفهم ومن لا يفهم
 
واذا اردت دليلا علي ذلك انظر الي اية تعليقات خاصة علي الفيس بوك
 
 وقد تعجبت عندما وضع احد الاصدقاء علي الفيس بوك خطابا لاحدي الهيئات الحكوميه وموقع من اكثر من موظف بما فيهم مدير هذه الهيئة وهو بخصوص التوصية بارتداء الكمامة للحماية من فيرس كورونا-والعجب ان كتبت كلمة الكمامة ( القمامة ) القاف بدلا من الكاف- اليس هذا عجبا !!!!!!!! لك الله يا مصر