كنت حابه استشير حضرتك فى مسألة الارتباط.. أنا دايما باحس بضيق أول ما أعرف إن حد متقدم لى.. بحس إنى مخنوقة ومش قابلة أى موضوع ودايما بارفض. ومش باحس إنى ندمانة بعدها.

اتقدملى ناس كتير وكان فيهم ناس كويسة، بس أنا كنت باحس انى مش مرتاحة، وبارفض من غير حتى ما اشوف اللى متقدم، على اعتبار بكره هايجى الأفضل وهاوافق.
 
لكن السنين عدت بسرعة وحاليا أنا عندى ٣٧ سنة، ومن قرية أغلب اللى فيها بيتجوزوا وهما لسه فى الإعدادية. وظروف بيتنا اتغيرت، أمى اتوفت من فترة كبيرة، وأبويا اتجوز، واخواتى كل واحد اتجوز. مفيش غير أخويا الصغير لسه متجوزش، وعامل مشاكل كتير.
 
أنا مدرسة وباحضر ماجستير، لكن نفسيا محطمة، ومش لاقيه حد يسمعنى، وأتمنى حضرتك تجاوبنى. أنا دايما عندى إحساس إنى ممكن أعيش من غير جواز، خصوصا إن أمى الله يرحمها كانت بتدعى عليا دايما بإنى أعيش مش مرتاحة وماتجوزش طول العمر. كل ما أرفض حد تدعى عليا أكتر.
 
حاليا متقدملى واحد متجوز عنده ٤٢ سنة، وشغال فى شركة البترول، وعنده بيتين ملك غير البيت اللى هو عايش فيه مع مراته وأولاده، وأنا كالعادة مش حاسة إنى مرتاحة وحاسة بتردد رغم إنى عايزة أوافق علشان تعبت، والعمر بيجرى، لكن خايفة من المشكلات. وبصراحة باقول ما هو مرتاح ماديا وشغله كويس وسنه مناسب. لسه ماشفتهوش ولا هو شافنى، بس متضايقة ومحتارة ومش عارفة أخليه يجى ولا لأ. واللى قالقنى إنه قال لو عايزة تعيش فى أى بيت تعيش، عايزة تيجى تعيش معانا هنا فى البيت فى الدور التانى تيجى. الكلمة دى خوفتنى، حسيت منها إنه مستهون بمسألة الجواز، وإن يكون اتنين فى بيت واحد. محتارة ومضايقة.. ساعدنى.
 
صديقتى العزيزة..
فى بنات / سيدات (وأولاد / رجال) كتير، بيكون جواهم قرار قديم جدا، واعى أو غير واعى، وغالبا منذ طفولتهم، إنهم ما يرتبطوش بشكل حقيقى.. أو ما يتجوزوش.. قرار داخلى عميق بعدم الدخول فى علاقة جادة.. أو بعدم إكمال علاقة حتى آخرها.. رغم إن ده احتياج إنسانى طبيعى فطرى عند كل البشر.
بيخافوا يدخلوا أى علاقة، ولو دخلوا علاقة بيخافوا إنها تكمل، ولو قربت تكمل يطلعوا يجروا، أو يطفشوا الطرف التانى، ولو اتجوزوا فعلا، بيبقوا متجوزين ومش متجوزين، ولو فضلوا متجوزين شوية، يتفننوا فى إفشال هذا الزواج، إما بالمشكلات المتكررة، أو بالانسحاب البطىء.
 
القرار ده بيكون وراه ــ فى معظم الأحيان ــ استقبالهم لأول نموذج شافوه فى حياتهم لعلاقة ارتباط.. الأب والأم، واللى بيسد نفسهم حرفيا عن الارتباط، وعن الجواز، وعن أى علاقة..
 
أو بيكون وراه رؤيتهم لصور فاشلة من العلاقة بين الرجل والمرأة حواليهم وفى محيطهم..
 
أو بيكون وراه أخيرا تعلق شديد ــ وربما مرضى ــ بالأب أو بالأم..
 
البنت اللى جواها هذا القرار، بترفض الدخول فى أى علاقة من الأول، أو تدخل نوعية من العلاقات باحب أسميها (الحب المستحيل)، اللى هى علاقات حب فيها من العوائق والموانع ما يجعل من المستحيل إنها تكمل بشكل طبيعى.. والبنت دى لو اتقدملها حد للارتباط، بتركبها عفاريت الأرض، وتجيلها حالة هلع، وممكن ماتنامش الليل من الرعب والخوف، اللى هى نفسها مش بتكون عارف سببه..
 
أكرر، هذا القرار غالبا غير واعى.
 
أما الولد اللى بيكون جواه هذا القرار، فهو على العكس، بيدخل علاقة ورا التانية، مش بنية أى حاجة غير تذوق الحب، ودغدغة المشاعر، واثبات الرجولة، وأول ما الموضوع يدخل فى الجد، يختفى، أو يفتعل مشكلة، ويهرب.. ولو العلاقة كملت بشكل من الأشكال واتجوز.. بيحس طول الوقت إنه (اتدبس)، ويوصل مراته منه بشكل متكرر إنه مغصوب على الجوازة دى، ومتضايق من وجوده فيها، ومش طايق نفسه وهو معاها، وهو فى بيته، وهو حتى فى سريره.. ويتطور الأمر إما إلى خيانة، أو طلاق نفسى، أو طلاق فعلى..
 
البنت اللى مرعوبة من الارتباط..
 
والولد اللى مش مقرر استكمال علاقة لآخرها..
 
الاتنين محتاجين يتعالجوا..
 
والاتنين علاقاتهم ملخبطة ومحتارة وغير مستقرة.
 
علشان كده.. أنصحك إنك قبل ما توافقى أو ترفضى أى عريس قادم، إنك تخضعى لبعض جلسات العلاج النفسى، اللى هاتساعدك تشوفى إيه سبب قرارك القديم بعدم الجواز، وتفاصيل وتوقيت أخدك ليه، والبدء فى علاج ده وتغييره. هاتساعدك كمان فى اعادة فتح ملف مامتك داخل نفسك، واللى أنا شايف ــمن وصفكــ إنه غالبا ليه علاقة وثيقة بمشكلتك، وإنه أحد أصول تركيبتك النفسية (وتركيبة أخوكى أيضا) اللى إن شاء الله هاتتغير للأحسن مع إصرارك وشجاعتك ورغبتك فى التغير.
دعواتى معك
نقلا عن الشروق